أريد أن أهزم الوقت / بقلم: حمود ولد سليمان “غيم الصحراء”

أريد أن أهزم الوقت
بقلم: حمود ولد سليمان “غيم الصحراء”
ـــــــــــــــــ
أريد أن أهزم الوقت
وأصحاب الوقت
أريد أن أسترجع الصحراء
وأحرر الأسري
أريد أن أحمل للعطاش الماء
أريد أبي حيا لأعاتبه وأقول له: كم كنت خاطئا يا أبي عندما حسبت أن للعبيد الأوباش دينا
أريد أن أجلس بين بئري وكثيبي
أرقب شجرة الهليج
تحت ضوء القمر وأسمع أهازيج البعيد
أريد أن أترنم في الليل بوتريات
مظفر النواب:
“وأحمل كل البحر وأوصل نفسي ”
وعلى مقام النهاوند أتمدد إلى النها
وأصغي لعبد الكريم الكابلي يشدو:
“ويجري مدمعي شعرا أنا أبكيك للذكري”
وأبكي حتى الصباح.
أريد أن أشرب ثلاثة كؤوس شاي منعنعة
في وقت لا يقاسمني فيه أحد.
في هدوء مطلق
امتص آخر لفافة من باكيتة مارلبور
وأتمدد إلى النهاء
أريد صغار النوق تجتمع حولي في الخلاء
في ساعات صفاء الروح
أريد أن أعبر الحديقة
وأشم أريج الحناء في الليل
وألمس الطمي الناعم
أريد أن أرى الغيم يعانق النخيل
أريد أن أسمع أبي يرتل القرآن الكريم
وأسأله عن السامري الذي أضل الصحراء؟
أريد أن أجتمع مع أمرئ القيس واسأله عن
رحلة ثأره وما لاقاه في انطاكيه.
أريد أن اجتمع بطرفة بن العبد البكري
وأساله عن الحيرة والكأس الأخيرة
التي عبها قبل أن يموت وعن البقية.
أريد أن أجتمع بأبي الطيب المتنبي في بادية السماوة وأسأله عن سماوات الشعر وعن ابنه محسد وجواد سيف الدولة المطهم والوردة التي جرحته والقافية التي قتلته.
أريد أن اجتمع بأبي العلاء المعري وأسأله عن الكهنة وعن بيت الصحراء:
” ويتلون أسفارهم والحق يخبرني بأن آخرها مين وأولها ”
أريد أن أجتمع مع مظفر النواب
وأسأله عن إله الشعر المتجلي
“في ساعة من شهوات الليل ”
أريد أن أعيد الزمن كهيئتي الأولي
أريد أن أخلع لحية الوقت
وأدير الزمن
أريد أن أستعيد شعري
ونحولتي
وأصدقائي الذين ماتوا
أريد أن أطيح برأس الوقت اليكسومي
أريد قوة هرقل لأكسر عظام أقوي كاهن في الصحراء
أريد عشبة كلكامش لأشهد موت آخر كاهن حقير علي وجه الأرض.
أريد أن أهزم الوقت
وأصحاب الوقت.