الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / أسقطي أيَّتها الذراتُ العمياءُ/ بقلم: مرام عطية

أسقطي أيَّتها الذراتُ العمياءُ/ بقلم: مرام عطية

أسقطي أيَّتها الذراتُ العمياءُ/ بقلم: مرام عطية

_________________________

اليومَ غضبَ نهرُ الإبداعِ وحزنتْ سحبُ الجمالِ إذ شردتِ الذَّراتُ الخصيبةُ عن ربوعهُ ، و تلوثتْ بسمومِ المصالحِ والأنانيةِ، غفلت عن رسالتها الإنسانيةِ المنسوجةِ بالرحمةِ والحنانِ ، الآنَ تذرفُ عيونُ المحبةُ الدموعَ على مرأى العالم أجمعِ ؛ لأنَّ ثمارَ العبقريةِ ابتعدتْ عن مركزِ الإشعاعِ ، و ارتمت في غابِ الوحشيةِ ، شربت من ملحِ العقلِ وحدهُ ، جفَّفتْ فيضَ الأحاسيس في قرى القلبِ الخضراء وقعتْ في فخِ الجرائم ، تناسلتْ في العالمِ حروباًِ وخراباً، حملتْ أسرابَ اليتمِ والفاقةِ للبشرِ ، غزالاتها الحسانُ تاهتْ بعيداً عن بساتين الضياءِ ، وقعتْ في شباكِ الظُّلمةِ تصطادُ الحمائمَ البيضاءَ في كلِّ قلبٍ يرفّٰ فيه نبتُ السَّلامِ

كخروفٍ ضلَّ عن سرب القطيعِ وقعَ في حظيرةٍ الأعداءِ يرمي بالوعيدِ رفاقهُ، أو كعاشقٍ خان حبيبتهُ، لم يحفظْ عهدَ مودةٍ يذرو مع الريحِ رطبَ الوصالِ.

 

يا للحسرةِ !! براعمُ الفكرِ الرائدةُ استحالتْ -رغماً عن أحلامِ مبدعيها الزرقاءِ -إلى ذراتٍ عقيمةٍ عمياءَ، تفوحُ من مستنقعاتها رائحةُ الصديدِ والعفنِ، محصَّنةٍ بالدولارِ، مجالسها العتيدةُ منظماتٌ للأمم، دكاكينُ لبيعِ بنادقِ الحقدِ وصواريخِ الكراهيةِ، مناشيرُ للخوفِ، وأجندةٌ من نارٍ تلاحقُ صغارَ الفراشِ والعصافيرِ

تشيدُ قصوراً وممالكَ باسم السلام وتسجنُ دعاتهُ في زنزانةِ الظلمِ

تقرُّ مبادئ َ الطفولةِ، ثمَّ تسحقُ زهورها في كلِّ حديقةٍ، تحكم جناتها بالقول وتحررهم بألف عذرٍ وعذرٍ.

حماتُها جناةٌ، قصورهم سراديبُ قهرٍ لا شرفات للروحِ فيها، لا سرير هناءٍ ولا مائدةَ حبٍّ

جرداءُ أقاليمهم، لا زروع ترفُّ فيها، ولا غصنَ إحساسٍ يميلُ بنسمةٍ حنوٍ أو رأفةٍ

أياديهم مدنُ جشعٍ وعدوانٍ، شفاههم لا يسيلُ منها إلاًّ الحنظلُ والملحُ

هل تعلمْ يا أخي أنَّ زروعَ العلمِ بذور ُ الإيمانِ ومنابتُ السكينةِ ؟! زروعٌ لا تكبرُ إلا في خمائلِ القلبِ العذراءِ ترعاها الأحداقُ والضلوعُ، تشعُّ سنابلها نوراً من طاقاتٍ وآمادٍ، من قمحها يتغذَّى البشرُ، ترتوي شفاهُ الجدبِ، تصيرُ الصحاري واحاتٍ وجنائنَ.

حتامَ يعلمُ البشرُ أنَّ العقلَ والقلبَ توأمانِ لا يفترقانِ، ولدا من رحمِ المحبةِ، فإن افترقا سقطَ صريعاً السلامُ ؟!

_____

مرام عطية

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman