الرئيسية / قصة / أفي الدنيا ما يسرّ؟ / بقلم: آمنة بريري

أفي الدنيا ما يسرّ؟ / بقلم: آمنة بريري

أفي الدنيا ما يسرّ؟ / بقلم: آمنة بريري

…………….

في إحدى الإدارات التي قصدتها لقضاء بعض الشؤون، قابلتني الموظّفة بوجه كئيب متجهّم. وعرضتُ عليها حاجتي فأخذت تقلّب أوراقي في برود. ثمّ رنّ جرس هاتفها، فرفعت السمّاعة في ضيق. وما لبث أن علا صوتها غاضبا. وألقت السمّاعة في عنف وأخذت تلقي الشتائم وتلعن عملها والناس والدنيا.

فقالت لها زميلتها في لطف:

 

ـ هوّني عليك. لم أنت في هذه الحالة؟

 

فصاحت في وجهها ساخطة وكأنّها المتسبّبة في كلّ مصائبها:

 

ـ ولم لا أكون على هذه الحالة؟ وأيّ شيء سيفرحني؟

أفي الدنيا ما يسرّ؟

 

عجبا ….

 

أفي الدنيا ما يسرّ؟

 

ما أكثر جحودك أيّها الإنسان وكفرك بنعم ربّك الكريم؟

 

أفي الدنيا ما يسرّ؟

 

ألا يسرّ مشهد السماء الصافية في هذا اليوم الربيعيّ الدافئ؟

 

وهذه العصافير المغرّدة والنسائم المنعشة؟

 

هذه قهوتك على المكتب ما زال بخارها متصاعدا ورائحتها تعبق زكيّة منعشة. ألم تُسرّي بترشّفها ولذّة طعمها؟

 

جريدتك مفتوحة أمامك تحدّث بما وجدت في تصفّحها من وقت ممتع وجميل.

 

زميلتك في المكتب، أليست قد آنستك بوجودها وتشاركت معها أحاديث الدنيا والناس؟

 

ثيابك جميلة وأنيقة. ألم تشعري بالسرور عندما خرجت بها من المحلّ الذي اشتريتها منه، وعندما لبستها للمرّة الأولى، وعندما أعدت ارتداءها بعد ذلك؟

 

كم مرّة سررت بصباح مشرق أنعم الله به عليك وجلسة ممتعة بين عائلتك أو أصحابك؟

 

كم مرّة انطلقت فيها في أرض الله نحو عملك أو زيارة لمعارفك أو في نزهة أو رحلة وأنت متحمّسة ورائقة البال؟

 

كم مرّة سعدت بقراءة كتاب ممتع أو مشاهدة شريط جيّد أو غير ذلك من الأنشطة التي تحبّين القيام بها؟

 

فعُدّي يا صديقتي تلك الأوقات التي عشتها ووجدت فيها سرورا ومتعة ـ ولكن لن تستطيعي لها عدّا ـ ثمّ أجيبي بعد ذلك عن السؤال الذي طرحته أنتِ: أفي الدنيا ما يسرّ؟

 

صديقتي، أنا أعرف أنّ ما قلته الآن يعود إلى همّ تتكبّدين مرارته. وأعرف من نظرات عينيك أنّ حزنا موجعا يعذّب روحك وقلبك.

 

وصدّقيني …. أنا أحسّ بك وقلبي معك.

 

صديقتي……

 

أنا أوافقك إن قلت أنّ في الدنيا ما يسوء ويحزن. فهذا قدرنا نحن البشر، أن تتكبّد أرواحنا العناء والألم.

 

لكن لا يعني هذا أنّنا حُرمنا نعمة السرور.

 

نعم …في الدنيا أحزان كثيرة وهموم كثيرة

 

لكن …. فيها أيضا ما يسرّ.

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman