الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / أينَ عرجون الدِّقةِ في الدوائرِ/ بقلم: مرام عطية

أينَ عرجون الدِّقةِ في الدوائرِ/ بقلم: مرام عطية

أينَ عرجون الدِّقةِ في الدوائرِ/ بقلم: مرام عطية

____________________

تضيقُ مساحاتِ روحكَ ، و يعتريكَ الأسى،  و أنتَ تفتشُ عن عرجون الدِّقةِ وإجاصِ العدالةِ في دوائرِ بلادي الواسعةِ، الأفضلُ لَكَ أن تبحثَ عن إبرةٍ في كومةِ قشٍ، قَالَ لي حقي الضالعُ في المعرفة ، المترعُ بخوابي الحبِّ، الضائعُ بين أكوامِ السجلات و أوراقِ التأميناتِ والمعاشاتِ : لا تحزني يا بنتي ، الدوائرُ التي تقصدينها أشجارٌ شاختْ جذوعها، وجفَّ بريقُ أغصانها ، كساقيةٍ أغفلتْها أناملُ الربيعِ المباركةُ فشحبَ وجهها وغابَت نضارتها ، أو كبركةٍ مهملةٍ آسنةٍ ركدتْ أمواهها، فعلتها الطحالبُ ، و عششَ فيها العفنُ ، رائحتها النتنةُ تزكمُ أنفي ، وتسويفها الطويلُ يسقيني المرارةَ، مثل رجلٍ حلمَ بنعلٍ يقيه أشواكَ الطريقِ ، و يبعدُ عنه أمواجَ الصقيع ، لكنهُ برغمِ دأبهِ في السعي و انتظاره المرِّ لا يستطيع شراءهُ

هنا دائرةٌ شديدةُ الملوحةِ كطعمِ الحرمانِ الذي يرافقُ امرأةً تشقى طيلةَ النهار ولا تملكُ ما يسد رمقَ أبنائها، أو ثمنَ معطفٍ يبعدُ عن طفلها الأصغرِ شبح الزمهرير بغياب كانونِ الشتاءِ،

وهنا دائرةٌ أخرى كبحيرةٍ تصحَّرتْ جوانبها، وداهمها حريفٌ عاتٍ، فلا يندى على ضفافها غصنٌ، أو يزهرُ بين أعطافها زرعٌ، الفيروساتُ والأوبئةُ ابتلعتْ صغارَ أسماكها فصارت مستنقعاً تعافهُ النفوس والأبصارُ

وفي الصدارةِ دائرةٌ زعموا أنها الأفضلُ والأحدثُ يطلبُ منها تسريعُ المعاملاتِ وتفعيلُ الشهاداتِ أو الإجازاتِ، أراها بطيئةَ الخطى عرجاءَ كرجلٍ هرمٍ يحملُ عصاً يتوكَّأُ عليها، بينما أنتَ ترغمهُ أن يشاركَ في سباقٍ للجري أو مباراةٍ رياضيةٍ، وحين تستلزمُ المعاملاتُ شبكة المعلوماتِ أو الحاسوبِ تحبو عجلاتها كطفلٍ صغيرٍ بينما تنتظرهُ أن يقودَ عربةً.

يا للحسرةِ !! أوجاعنا جبالٌ، كلومنا خنادقُ عزَّ على مشافينا وصيدلياتنا شفاؤها.

معاهدُ العلم السامقةِ، مكاتبُ الوزاراتُ والمطابعُ، نوادي الفن الراقيةُ صروحٌ عريقةٌ في بلادِي، سرقتْ رطبَها ثلَّةٌ من الانتهازيين كحشائش الهالوكِ ببن الزُّروعِ الطيبةً، وتسلقتها عناكبُ الجهلةِ، وأقصي عنها أهلها ومستحقوها، جامعاتها علاها غبارُ الأنانيةِ والغرورِ، ونخرَ في جسدها سوسُ الجشعِ، التهبت أنظمةُ قوانينها فغدتْ كؤوساً مهشَّمةً وقواريرَ صدئةً، مترعة بالصديدِ والقيحِ، وخيَّمَ جرادُ الظلمِ عليها، فصارت تئنُّ وجعاً وتزفرُ الآهاتِ

كم يلزمها من العلاجِ وإبرِ الالتهابِ لتتعافى !!فكوني طبيبةً رحيمةً تمنحها الدواء الناجعَ وأمَّا حنوناً تلبسُ أقراطَ الصبرِ لتصلي بها إلى مرافئ الأمانِ والجمالِ.

__________

مرام عطية

 

 

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman