الرئيسية / قصة / إصرار الفاجعة/ نرجس عمران

إصرار الفاجعة/ نرجس عمران

إصرار الفاجعة

 

أسرعتْ بكل ما أوتيتْ من لهفة وخوف وشغف باتجاه خزانة ملابسه.

رمتْ خطى غير محسوبة تكاد تلامس الأرض من خفتها. وعلى غير هدى تعثرتْ مرتين أو ثلاث مرات قبل أن تصل غرفته وفي عثرتها الرابعة احتضنها باب خزانته قبل سقوطها أرضا.

فتحته عل عجلٍ في جيب قميصه، لا السروال، بل الجاكيت في جيب هذا أم في جيب ذاك راحت تبحث

أين ستجدها؟

دموع من الخوف في مقلتيها كانت تعيق رؤيتها

وهي تتمتم ولا تنفك تتمتم يا الله يا رب أين أجدها؟

دعني أجدها؟ أريد أن أجدها؟

يااااه الأن فقط، ركنتْ لراحةٍ وطمأنينة مفاجئة، راسمة ابتسامة تغرقها دموع عينيها يال عظيم فرحتها

الآن لامستْ يدها مستطيلاً صلبا في أحد الجيوب. وجدتها هي ما تبحث عنه هوية والدها.

إذاً المرحوم مجهول الهوية من أُذع عنه ليس والدها

كم عظيمٌ هو مقدار السكينة التي أحستها ؟!

ما عادت قدميها قادرة على حملها فانسابت على الأرض في مكانها تبكي من هول فرحتها

والدها الذي خرج البارحة إلى عمله ولم يعدْ حتى الأن ليس هو المرحوم وهو بخير.

هي وحيدته وتمضي أكثر وقتها وابنيها في منزله

إذ أن زوجها مسافر خارجاً وراء البحر في عمله، ولا يأتي إلا قليلاً جداً.

وبين ضحكاتٍ من فرح وبكاءٍ حصيلة خوف رهيب.

تلاشى حسها إلى العدم واستكانتْ لهيمنة نوم عميق في مكانها أرضاً.

فتحتْ عينيها على صوت يناديها: انهضي يا ابنتي يجب أن تكوني قوية.

لم تصدق أنه أمامها، احتضنته وهي تجهش بالبكاء وتقول حمدا لله أنك بخير، كنت أعرف أنك لن تذهب وتتركني وحيدة في هذه الدنيا.

هي هويتك هنا بيدي ألف حمد لله على سلامتك أبتي.

نظر إليها نظرة فاضحةً تكشف حزناً ما عادتْ حواسه قادرة على حجبه أكثر حتى بات خارج نطاق سيطرته.

وقال: لا المرحوم لم يكن أنا، إنه أحدهم كان مسافراً في عمله خارجا وراء البحر.

وعاد ليفاجئ زوجته وابنيه لكن البحر غدار يا ابنتي لا يقدر شوقا ولا يثمن غيابا.

فسقطت على الفور أرضا إثر سماعها ما تلفظ به والدها

يبدو أن المكان أحب وجودها فأراد أن يحتفظ لنفسه بشيء من رائحة حزنها أو أن يغتسل ببعض من طهر دموعها

وما كادت تصرخ: زوجي…

حتى دخلت في غيبوبة أخرى.

 

 

 

 

نرجس عمران/سوريا

كاتبة

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

واحة الفكر Mêrga raman