الرئيسية / مقالات / الأمم المتحدة وقضايا العرب / بقلم: خالد السلامي

الأمم المتحدة وقضايا العرب / بقلم: خالد السلامي

الأمم المتحدة وقضايا العرب

بقلم: خالد السلامي

ـــــــــــــ

بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وعلى أنقاض ما سمي بعصبة الأمم التي أسست بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى والتي فشلت في منع الحروب وبالذات الحرب العالمية الثانية اجتمع ممثلو خمسين دولة من الدول المنتصرة في سان فرانسيسكو الأمريكية لوضع ميثاق حفظ السلام الذي أُسِسَت وبُنيت على أساسه منظمة الأمم المتحدة في ٢٤ تشرين الأول عام ١٩٤٥.

وكان من اهم أهدافها المعلنة هي منع الحرب وحفظ السلام العالمي ونزع السلاح وفض النزاعات وتوفير الدعم المناسب للحالات الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان ودعم الشعوب الفقيرة بالمساعدات المالية والعينية.

إلى هنا تبدو الأمور طبيعية جدا والأهداف نبيلة كونها أهداف تسعى إليها كل أمم الأرض. ولكن عندما نعرف أن من أسس هذه المنظمة  وانتسب اليها في بدايتها هم الطرف المنتصر في الحرب العالمية الثانية وخصوصا انهم جعلوا خمسا من دولهم الكبرى ( واحد من أمريكا الشمالية وثلاثة من وأوربا وواحد من أسيا ولا يوجد احد من إفريقيا ولا أمريكا الجنوبية رغم أن أسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية هم اكبر قارات العالم وتمثل ثقله الجغرافي والسكاني) أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي الذي يمثل الواجهة الرئيسية لهذه المنظمة ومنحوا أنفسهم حق الاعتراض على القرارات التي لا يرونها تخدم السلم العالمي وفي الحقيقة انهم يقصدون التي لا تخدم مصالحهم علما أن حق  الاعتراض هذا قد تحول إلى حق النقض الفيتو الذي يحق لأيٍ من مالكيه إسقاط أي قرار لا يتوافق مع مصالحهم وخططهم ، فبعد معرفة كل ذلك نستطيع أن نستنتج حقيقة إنشاء الأمم المتحدة المخفية وهي خدمة أهداف ومصالح تلك الدول وخصوصا الدول دائمة العضوية التي تدعي الديمقراطية والدفاع عنها وضرورة نشرها في جميع دول العالم بينما هي تمارس أبشع أنواع الدكتاتورية والتسلط على العالم كله من خلال حق النقض الفيتو وتمنع أي دولة أن تطالب بحق مشروع أو حتى حرية لشعبها لان الحقوق والحركات في نظر هؤلاء الكبار هي انتقائية تحق لأُناس معينين و لا يستحقها آخرون ، وهذا ما نلمسه لمس اليد عندما تتعلق القرارات بقضايا العرب والعالم الإسلامي وبعض دول العالم الثالث حيث يكون الفيتو  هو الحاضر الدائم لأي قرار يخدم قضايا هذه الدول وكذلك يُثار موضوع الدكتاتورية والاضطهاد ضد كل نظام لا ينقاد لهم حتى ولو كان أفضل خادم لشعبه وبلده بينما يتم غض النظر عن كل الأنظمة الموالية حتى ولو مارست أبشع أنواع الظلم والديكتاتورية ضد شعوبها .

أما فيما يتعلق بقضايا العرب فلم نجد أي إجراء فعلي خدم العرب وانصفهم طيلة عمر هذه المنظمة إلى  اليوم فمنذ احتلال فلسطين من قبل الكيان الصهيوني عام ١٩٤٨ أي بعد إنشاء الأمم المتحدة بثلاث سنوات تقريبا إلى الآن و مجلس الأمن الدولي يُصدر القرارات تلو القرارات فيقبل بها العرب رغم جورها وظلمها الكبير  ولا يفكر الطرف الآخر حتى بقراءتها وعلى مدى العقدين الأخيرين وما حدث خلالهما  من فتن في ارض العرب نجد أن الأمم المتحدة تعيين مبعوثين خاصين لكل قضية عربية كما في العراق واليمن وليبيا والسودان وسوريا وغيرها ليكون في العلن وسيطا بين اطراف كل قضية وفي الخفاء يبذل قصارى جهده لإطالة أمد القضية التي يتولاها  والدليل أن كل اطراف القضايا والأحداث العربية اكتشفت هذا الأمر وصارت تصرح علنا بخباثة هذا الدور التخريبي لممثلي الأمم المتحدة في الوطن العربي (كما حدث من استنكار لهذا الدور التدميري في اليمن  وليبيا التي استقال ممثل هذه المنظمة فيها السيد غسان سلامة بعد أن عرف أن دوره المطلوب منه هناك هو إطالة أمد القضية وليس المساهمة في حلها وكذلك في العراق وسوريا ولبنان وأخيرا السودان التي صرح احد وزرائها في الفترة الأخيرة  بعدم حيادية المبعوث الأممي وكلنا يتذكر كيف ينتفض مجلس الأمن عندما يقترب احد اطراف أية قضية عربية من حسمها (بغض النظر عن موقفنا من هذا الطرف أو ذاك ) لإيقاف ذلك الاقتراب فيجبره على توقيع اتفاقيات لن ترى النور مطلقا لكي تستمر المعاناة وانهار الدماء ونزيف الأموال وإيقاف أية خطوات تنموية  تحتاحها تلك الأقطار ويستمر كذلك تسويق الأسلحة لكل اطراف القضية كما حدث في معركة طرابلس في ليبيا ومعركة الحديدة في اليمن وما يقوم به ممثلو الأمين العام لهذه المنظمة في كل بقعة عربية تشهد اقتتالا وفتنا ودمارا.

لذا فإذا أراد العرب أن يفضوا كل مشاكلهم فعليهم الابتعاد عن ممثلي الأمم المتحدة أولا حتى ولو اضطروا لتحمل الإجراءات المتوقعة منها كالمقاطعة والحصار وربما الحرب لأنهم في كل الأحوال سيبقون يعانون من استمرار محنهم التي تغذيها الأمم المتحدة ودولها الكبرى والشروع في حل مشاكلهم داخليا دون السماح لأية جهة مهما كانت بالتدخل في حلها ومن ثم العمل على الغاء حق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي كي تتنفس دول العالم العربي خصوصا والعالم اجمع الصعداء وتتخلص من دكتاتورية الفيتو وأصحابه.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman