الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / الشاعر راشد حسين ٤٢ عامًا على احتراقه/ بقلم: شاكر فريد حسن

الشاعر راشد حسين ٤٢ عامًا على احتراقه/ بقلم: شاكر فريد حسن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

         الشاعر راشد حسين ٤٢ عامًا على احتراقه/ بقلم: شاكر فريد حسن

 

في الثاني من شباط العام ١٩٧٧ استيقظت قريتنا ” مصمص ” على خبر مفجع وحزين، وهو احتراق ابنها الشاعر راشد حسين في شقته بنيويورك، وعممت وسائل الإعلام العربية والعبرية، المحلية والأجنبية خبر الوفاة، فيما بدأت المحاولات والإجراءات لنقل جثمانه ودفنه في مسقط رأسه، وتحقق الأمر، وعاد راشد عودة تكيد الأعادي ليحتضنه تراب مصمص الغالي، التي توشحت بالحزن والسواد، واستقبلته استقبال الأبطال، وسجي في الجامع القديم وتم توديعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه، وحمل على الأكتاف وشيع بموكب جنائزي ضخم لم تشهد البلاد مثيلًا له، بمشاركة الآلاف من جميع أنحاء البلاد، ووفود كبيرة من الجولان السوري والضفة الغربية وقطاع غزة.

ووقف شقيقه الشاعر المرحوم احمد حسين ليرثيه بقصيدة عصماء رائعة ومؤثرة، استهلها بقوله:

جددت عهدك والعهود وفاء

أنا على درب الكفاح سواء

نم في ثراك فلست أول عاشق

قتلته أعين أرضه النجلاء

ماذا يرد عليهم أن يختفي

رجل وملء الساحة الأبناء

ميلاد موتك موعد لم تخطه

من قبلك الأحرار والشرفاء

وصباح نعيك صيحة لن تنتهي

ما دام يسقط حولك الشهداء

وغداة وفاته تشكلت لجنة لإحياء تراثه من شخصيات سياسية واجتماعية وثقافية وفكرية، منهم علي رافع ومنصور كردوش وسميح القاسم وشكيب جهشان وطه محمد علي وجمال قعوار ومنصور كردرش واحمد حسين ونواف عبد حسن ومحمود دسوقي وكاتب هذه السطور وسواهم.

راشد حسين هو واحد من شعراء المقاومة الفلسطينية، اقتحم ميادين الشعر والكتابة وهو على مقاعد الدراسة الثانوية في الناصرة، وفي مدة وجيزة صار شاعر الساحة الفلسطينية الأول في الداخل، وراح ينشر قصائده في صحافة الحزب الشيوعي تحت اسم مستعار (أبو إياس)، ويشارك في المهرجانات الشعرية في الجليل، أبرزها مهرجان كفر ياسيف.

وامتازت قصائد راشد بزخمها الثوري، وبساطتها وسلاستها وعفويتها وجمالها الفني، وهي من السهل الممتنع. كتب عن الحب والعشاق والوطن والنكبة واللجوء والتهجير والخيام السود ومصادرة الأرض وعن مرج ابن عامر ومجزرة صندلة، عن قريته والديوان وابن عمه في الأرض، والعامل والفلاح، وعن ثورة الجزائر والمناضلتين جميلة بوباشا وجميلة بوحيرد وغير ذلك من الموضوعات والقضايا.

وحين كان راشد في الواحدة والعشرين من عمره أصدر ديوان ” مع الفجر “، وأعقبه بعد عام بديوان ” صواريخ “.

عمل راشد لمدة ثلاث سنوات معلمًا، لكنه فصل من عمله بسبب مواقفه الوطنية ونشاطه السياسي، فاشتغل محررًا في مجلات ” الفجر ” و ” المرصاد ” و ” والمصور “.

وكان راشد من نشطاء ومؤسسي حركة ” الأرض “، التي حظرتها السلطة.

وفي العام ١٩٦٧ ترك راشد البلاد وسافر إلى أمريكا، وانضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية، واشغل ممثلًا لها في الأمم المتحدة. ثم سافر إلى سوريا في العام ١٩٧٣ وعمل في الإذاعة السورية محررًا للقسم العبري فيها، وساهم في تأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية. ثم عاد إلى نيويورك وعمل مراسلًا لوكالة الأنباء الفلسطينية وفا.

في العام ١٩٧٦ صدر له عن منشورات فلسطين الثورة في بيروت ديوانه ” أنا الأرض لا تحرميني المطر “، الذي كتب مقدمته الشاعر الفلسطيني الكبير د. عز الدين المناصرة.

وبعد وفاته صدر ديوانه ” قصائد فلسطينية “، وأعادت لجنة أحياء ذكراه طباعة كتبه الشعرية والنثرية، وأصدر مركز أحياء التراث في الطيبة الذي كان يرأسه المناضل المرحوم صالح برانسي، أعماله الشعرية الكاملة، وقدم لها الأديب الراحل نواف عبد حسن.

عاش راشد حسين مطاردًا، مغتربًا، ارتدى اخضرار الدوالي، واخضرار النخيل، خضرة وعذوبة، وجاءت أشعاره بطعم ونكهة الرطب.

كان هناك، وكانت ذئاب ووحوش وخفافيش الليل تطارده، وتغزو تحدياته. كان شراعًا يسير  نحو الشوق، حبًا وعشقًا، وانتظارًا للقاء المثلث والجليل، حاملًا صليبه ويغني:

أنا في انتظارك أصبح شعري ترابا

وصار حقولا

وأصبح قمحًا

وأضحى شجر

أنا كل ما ظل من أرضنا

أنا كل ما ظل مما عشقت

فجودي …

جودي مطر

لقد حاصره عشق الوطن، حاصرته عكا وحيفا ويافا وزهرة المدائن، حاصرته الغربة والرحيل، حاصرته النار، وحاصره الاحتراق.

رحل حاملًا بلاده في قلبه، وعلى شفتيه، وفي راحتيه تنمو شجيرات السنديان الجليلي والبرتقال اليافي وميرامية الكرمل، وعاد مستشهدًا، مسربلًا بالحزن والوجع، واثقًا بانتصار قضية شعبه، وبطلوع الفجر والصباح.

وكما كتب الأديب المرحوم نواف عبد حسن في مقدمة أعماله الكاملة: ” سيظل تراث راشد حسين، المهيمن بحضوره دائمًا، والطاغي برؤيته. فهذا التراث يحمل بين طياته مأساة شعبنا الفلسطيني، ومأساة أرضه ووطنه، والتي شكل جرحً يتكئ على موهبة تفيض بالتقاط البعد الجوهري والعميق لجراح الإنسان العربي والفلسطيني والولاء لها “.

سلامًا لك يا راشد الراقد في تراب مصمص، والمجد والخلود لك، وسنرد هتافك ما دمنا على هذه الحياة:

سنفهم الصخر أن لم يفهم البشر

أن الشعوب إذا هبت ستنتصر

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman