الرئيسية / إبداعات / العمادية…. رفيقة الدرب/ايفان زيباري

العمادية…. رفيقة الدرب/ايفان زيباري

 

 

 

 

 

 

العمادية…. رفيقة الدرب – قصة قصيرة

 

يقف حيث تقف هي ….

بنظراته المتمردة بضجيج نبضات قلبه بكبرياء مبادئه يقف على سفح حضارتها تارة ينفرد بظلال الأمس تارة يواصل صهيل ثورته هكذا يبدأ مشواره في أعماق مدينة تنتمي لها نصف دمائه فهي ليست مكانا أو قطعة أرض بالنسبة له بل هي تعبر حاجز الحروف والكلمات لذا يعتبرها رفيقة دربه هنا حيث يقف في (العمادية) عاصمة سلاطين الأكراد وينبوع العلم والمعرفة منذ القدم هنا تمتد بعض جذوره وترقد في بحور طبيعتها الساحرة وغاباتها الناعمة وجبالها الشاهقة ….

كعادته يزورها في نهاية الاسبوع كي يحتوي بعض تفاصيلها الغائبة عنه ففيها الانثى التي ولدته وجلبته للحياة وأولى خطواته تخترق حاجز الصمت عندما يلقي التحية عليها منتصب القامة مرفوع الرأس تختزلها جملة من العبارات الثورية ترافقها دموع تبحث عن حنانها وتمتد جسور المشاهد بمعانيها المليئة بالسريالية وينفرد لبعض الوقت في أزقتها تاركا ورائه كل شيء إلا قلمه وعدسة كاميرته فذاكرته تكتب وعدسته تلتقط الصور يحاول قدر المستطاع ان ينعزل عن المارة كي لا يعرفوه فهو يظهر كالظل ويختفي معه يحاول ان يصور المشهد لوحده ولطالما كان صعب اللقاء فلا احد يستطيع ان يقتفي اثره ربما تخونه رائحة سجائره احيانا وعبق عطره احيانا اخرى فهما الوحيدان اللذان يكشفان آثار خطواته فالوحدة بالنسبة له هروب من كل شيء واي شيء فهو لا منتمي لهذه الفوضى التي تعيشها البشرية اذن المنطق يخوله كي يجعل من وحدته عنوانا رئيسيا ليومياته العبثية هنا حيث يستلقي فوق العشب وينظر للسماء وينتظر افق الغروب في حضنها وبين فصولها تدور اروقة مخيلته بين ضحكات هيستيرية ودموع حزينة ولمسات ثورية لكل شيء يحتل فضائها فصخور هيكل بيت جده ما زالت صامدة تصدح فيها الانحناءات واشجار التفاح متألقة كعادتها رغم البرد والشتاء يراها تلقي التحية له فهو القادم من نهايات رحم انثى كانت تملكها ذات يوم والان هو مالكها وسيدها …..

هناك يقف ينتظر أنغام موسيقى تبحر الى شواطئ هلوساته فيهرول ويرقص ويختفي في جذع شجرة وتناديه اخرى فالرقص معها لوحة رسمتها طفولته وتهل أولى همسات الليل ويبدأ بالسير مجددا الى نقطة بدايته تاركا ورائه رائحة سجائره وعطره وبين دخانها وعبقها تنسج الحكاية حديث العشق مع رفيقة دربه ….

 

*العمادية – مدينة صغيرة تقع في اقليم كوردستان العراق تبعد عن محافظة دهوك حوالي 80 كم

 

ايفان زيباري

شاعر وكاتب

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

واحة الفكر Mêrga raman