الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / بين بابين/ بقلم:مها ريا

بين بابين/ بقلم:مها ريا

بين بابين/ بقلم:مها ريا

ـــــــــــــ

بين بابين:

أحدهما ، لكثرة ما تورّم خلفه التّاريخ صار موارباً على الذّاكرة .

و الآخر ، لكثرة ما دقّوا عليه مساميرَ الحدود أصبح مسنوداً على الرّكام .

و ما بينهما ، أفتّش عن موطئ قدم ، في حاضرٍ يجثو على ركبتيه ، بعينيّ وحش ، يرصدُ أدقّ التّفاصيل ليقتنصَ اللّحظةَ المناسبةَ للانقضاض على فريسةٍ تخشّبتْ أطرافُها ، و التي هي الأخرى بدورها ، تنتظرُ فرصتَها لتسحبَ من باطنِ الأرض نسغاً كاملاً ترشفُه دفعةً واحدةً و تعلو في جوف ورقةٍ إلى أعلى غصن …

أتكّور على نفسي ، بعد أن غشّى بصري غبارُ الحروب ، وصمَّ أُذنيّ صليلُ السّيوف ، أفتّش عن رأس إبرةٍ لأثقبَ ورماً ابتليتُ به منذ الطّفولة .

كم كنت أحبُّ دروسَ التّاريخ ! أحفظها عن ظهر قلب ، كم خضتُ المعاركَ مع أبطالها ، وتسلّقتُ معهم أعاليَ الجبال ، لننصبَ راياتِ الانتصار !

 

كم كانت تأخذني قصصُ الأوّلين وتفرّدُ أبطالها ! إلى أن رأيتُهم يقطفون بسيوفِهم النّجوم ، وعندما رأيتُ نزيفَها ، عدْتُ إلى أمّي أرتجفُ من الخوف ، و لمّا سألتني عن السّبب قلت لها:

ألم نجدْ طريقةً أخرى غير السّيوف لنسحبَ النّجوم من الشّبابيك كي تنامَ بيننا؟.

لم تجبْني..!

 

أمّي يا أمي ، …

لم أعدْ أحبُّ معلّمَ التّاريخ ، و لم أعدْ أحبُّ حكاياتكِ عن الأبطال ، لأنّهم جميعاً يحملون السّيوف.

صليلُها الذي حجب عنّي صوتَ النّهر ، و النّسيم الذي يمرُّ فوقه ، حاملاً على كفوفه بُنيّاتِ الأزهار اللاتي لمْ تقوَ أطرافهنّ على العوم ، ليعبرَ بهنّ إلى الضّفة الأخرى.

كيف سأنجو ؟ و أنا لم يعدْ لي بينهمْ موطئُ نَفس !

ليت الشّعراءَ يفصّلون للقصائدِ فساتينَ الفرح!

فوحدها القصائدُ ، من تنجبُ الجمال ، وتعيدُ إلى النّجوم ألقَها و تموضعَها في السّماء .

عن Joody atasii

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(حينَ عشِقْتُ روحَكَ… / بقلم: سلوى الغانم

كان لي مع عينيك رحلةً طويلة حكاية خيال.. ومُزُنِ حُبٍّ.. لا أرتوي ...

عاشقتي… /بقلم: سلمان إبراهيم الخليل

مدي ذراعيك وعانقي احلامي يشدني الحنين في غربتي يغوص في شغف أيامي ...

يثقلني الهدوء…/ بقلم: فوزية اوزدمير

تقتحمني حمى الليل برعونتها السردية غير المتأججة ، بعينين لامعتين حانقتين ، ...

عيناكَ… / بقلم: راميار سلمان

عَيْنَاكَ أمطار صَيْفِيَّة تراتيل عشق صوفية وَ دهشة قبلة هَارِبةٌ مِن لهفة ...

قبيل انسدال الستار/ بقلم: أنور يسر

لأحكي من السرد كل الرواية قبيل انسدال الستار ضعوا في جيوب (الأنا) ...

سأمقت كل اجزائي/ بقلم:سهام الباري

  سأمقتُ كلّ أجزائي وأدفنُ ذلك الجوهر وأنقشُ ريشتي السودا لتطمس عيده ...

يا حبيبتي../ بقلم : محمود صالح

أثِقُ بالقصيدةِ عندما تُلقي برأسِها المُجْهَدِ على صدرِك لدَيها من الوفاءِ .. ...

أجنحة اليقين / بقلم: رشا فاروق

على ثوب الليل حفرت آهتي كانت الريح تحمل وحدتي قصيدة تتلوها العواصف ...

واحة الفكر Mêrga raman