جاء فجراٌ / بقلم: سامح ادور سعدالله

جاء فجراٌ / بقلم: سامح ادور سعدالله
ـــــــــــــــــ
كان صوت قدومه أقوى من كل شيء، وها هي هائمة على وجهها لا تعرف إلى أين الطريق؟ ظلام الليل بدد كل الأمان الموجود بالقلب، ورغم ذلك كان هو أيضا ستر هذه الصبية. فرد جناحيه منذ ساعات قليلة وكانت عيونها اللائجة تكتم سراً عظيماً. والدموع المتساقطة تحكى عن ألما يمزق أقوى القلوب الناظرة. وتأمل في هذا الكائن الصلب القادم من الخلف كي يخطفها ويرحل بعيدا بعيدا عن عيون الناظرون، جاءها حامل معه كل الأماني الحزينة فألقت على هذا الجامد الصلب ألمها وأوجاعها ليأخذها ويرحل،
رمت نفسها على المقعد الخشبي تخطط لاغتيال البراءة وإلى جوارها سيدة عجوز تحمل حكمة الزمان الغابر. وضعت يداها على الصبية وضمتها إلى صدرها وغابت الصبية عن الوعي تماما، جاء الصوت الرقيق اللين والتي لا تعرف مصدره، ولكن شعرت بوخزات بأجنابها. والصوت يقول: أرجوك سيدتي لا تطرديني حتى أكمل أيامي دعيني. وثقت أني غير مرغوب فيه ولكن ما هو ذنبي؟
لم أكن هنا بإرادتي فلولا كِ ما كنت أنا . تحت أستار الظلام صنعت هكذا، أراد الرب أن أكون فليس لي سوى السكون. أعدك أيتها الفتاة الجميلة ذات الوجه الملائكي. لن اجلس معك كثيراً ولا لحظة واحدة، فلو أردتٍ القيني في هذا النهر الجاري أو تحت سفح جبل عالي أو حتفا للهلاك لا أبالي فهناك من يرعاني. أنا لا أخاف عندما يكون لي الآمر وسوف احتويكٍ كما أنت الآن تحويني. فلماذا تريدي الآن قتلي؟
وأعدك يا عزيزتي ومهجة فؤادي لن أحزن إن وجدت في الدنيا وحيداُ
ولماذا أنت حائرة تطرقين أبواب موصدة. أتريدين نزع العار عنك وأي عار الذي بدون شك هو أنا ما هو جرمي. وما هو ذنبي؟
وأبداً ما كنت أكرهك أعديني يوم أن تلديني على ذراعيك، احمليني وضميني وبأدفأ الأنفاس احتويني.
صفر قطار المحطة بعنف فذهب الصوت الهين وصرخ الطفل في حضن أمه يبكي يتحسس ثدي أمه بأنامله الرقيقة. نظرت إليه بمشاعر ملتهبة ودموع جارية مسحتها يداه الصغيرتان وإلى جوارها أمها تمتدح جمال الصبي وزوجها يدخل ليطمئن عليه قائلا لازال هناك أمل.