الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / خواطر أطلالية / ابراهيم امين مؤمن

خواطر أطلالية / ابراهيم امين مؤمن

 

خواطر أطلالية

إلى أين؟

 

إلى الاطلال!

 

أُفٍّ لكم لما تفرّون.

 

أفلا تعقلون؟

 

تمضون إلى الأطلال حال دموع الشمس الحمراء، وتمتطون جيادا صافنات

تستغفرونها وهي تصهل صهيل الأرقّاء وتطيرون بها كالريح مسرعين حتى

تسكنوا الأطلال.

 

ويحكم!

 

تسرعون ثم تسرعون ثم تسرعون .. نحو أطلال شيدتموها مِنْ موت مَنْ ورّثوكم.

 

ورّثوكم ما لا يملكون وورِثتم ما لا تستحقون فعمّ الخراب والصغار والتخلف

وكثرت الثورات.

 

رويدكم، فمسْرَاكُم جمر ونار

 

ودروب سقطتْ فيها الأجساد تباعا.

 

فترمّلتْ النساء وتيتّم الأطفال وابتلعتْ الأرض الأجساد.

 

قلّ الزاد فيها وغاض الماء، وانكسرتْ السواقي وانْكفأتْ الأشجار على

رؤوسها وانطفأتْ الشموع وتهدمتْ الجدران.

 

وذابتْ وما زالتْ تذوب فيها الحضارات، حضارتنا العربية، كلها كلها تذوب

نحو مُضيّكم إلى الأطلال.

 

على فرارِكم وُطِئتْ رؤوسنا ورؤوسكم تحت الشوكَ والنار.

 

طيرنا كالرح حتى ركبنا سفينة الاطلال فخُرقتْ السفينة وغرقنا في بجور الاطلال.

 

وأنتم أيها العاشقون: تمضون بزهّاد العابدين نحو الاطلال فتقبّلوا آثار

الأقدام ومواضع اللهو والغرام!

 

===

 

ماتوا آبائكم فعشتم تطلبون مجدهم فخالفتم ضمائركم وأمتم شعوبكم فتفجّرتْ

الثورات على أراضيكم.

 

أخذتم ماضيهم كله وشيدتم صروحكم عليه وتشدّقتم وما زلتم تتشدّقون بالملك

والخلافة فسالتْ الدماء وما زالتْ تسيل تحت قبّة الأطلال. تبّاً لكم

!!!

 

أين المستحقون؟

 

أين الأكفّاء؟

 

أين الأقوياء الأُمناء؟

 

كلهم ذابوا بصهير أطلال أطماعكم.

 

وأنت أيها المحب السالك درب الحبيب. إلى أين؟

 

إلى بيوت عششتْ فيها ثعابين وفئران! أم تمضي نحو ذلك الإيوان الذي

نصّبته بداخلك من ذكريات حبيب آلتْ ترشُقكَ بسهام من نار!

 

فأحييتم وهْماً بداخل نفوسكم وحوّلتموه قصراً ونصّبتم له إيانا تعتليه

قلوبكم.

 

إنها بيوت عنكبوت. أفلا تعقلون؟

 

لقد تغلغلتْ أطلالكم في نفوسكم وعشتم كل لحظات حياتكم تتنفسون الأماني

المميتة والوهم والبكاء.

 

===

 

الآن وضعتم ركابكم تحت قبة أطلال أسلافكم.

 

وتقلّدتم عروشهم.

 

وأشرتم بصولجاناتهم.

 

وتسارعتْ بطاناتهم خشوعاً إليكم.

 

وسيقتْ أموالهم إلى خزائنكم.

 

وتسارعتم إلى حبس منْ خالفوكم.

 

وانت أيها المحبُّ المرابط بالأطلال

 

تقف مناجيا خيالات وأوهام!

 

وترفعُ رايات ترفرف على بيوت أطلالك كأنك تُعلن أنك بين أحضان الحبيب.

 

هنا قبلتها، وهنا عاشرتها، وهنا ضاحكتها، وهنا لاعبتها، وهنا طعنتنى

ب …

 

أكمل مالك واجماً، طعنتك بماذا؟

 

لِمَ تزر بنداء حبيب مضى وانتهى! .

 

وتتناول الكأس وترقص ثم تعدو ثم ترفع أعلامك فوق أطلالك ثم تبكي!

 

أيها الناسك فوق سجادة الأطلال الملتهبة: كفى

 

دمعتك غالية، فلا تبكِ إلّا لغالٍ.

 

وثيابك طاهر فلا تدنّسه بثرى الأطلال.

 

نفسك تذهب حسرات بين نعيم ولّى وعذاب ضجّ بين ضلوعك وأحشائك.

 

تأخذ كأس الطلى ونديمك خيال حبيب استحضرته من وحي كاذب ثم تشرب معه.

 

تقبّلها بثورة الملتذّ، وتحتضنها بقوة تلاطم بحر ثائر. وتضاجعها برعشة

كهزيز الأغصان في يوم عاصف.

 

أفقْ أيها المجنون.

 

لقد ولّى حبيبك في قبر من قبور البعث، ومضى هازئاً بحبك.

 

====

 

أيها الاطلاليون …أيتها الاطلاليات.

 

اعتلوا جيادكم واهربوا من هذه الاطلال إلى خصوبة ضمائركم.

 

ولتنتفضوا جميعا من لُجج ِالاطلال الغارقة.

 

فنطفو طفو النجاة والركب ولا نطفو طفو الغرقى.

 

وخذوا رايات ضمائركم تلك واحملوها عالية رفرافة وابحثوا عن مُلك أنتم له

تستحقون أو أحبّة يستحقون وفاءكم الذي تبذلون، وانبذوا ذلك الجنس اللعين

،

 

فتبنون كلكم حضارة أُمتكم فتُسيّر في البحر لا يكلا مجدافاها ولا يضربها

عاصف أو قاصف ولا يتمزق شراعها وتظلُّ بأعلام ترفرف خفّاقة رفرافه فوّاحة

فوق أبنيتنا، فوق مياهنا، لتُعلن عن أُمّة عادتْ مِنْ جديد تتبوأ ريادة

حضارات العالم.

 

.

 

====

 

سُطرتْ 22-4-2017

 

ابراهيم امين مؤمن

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الطائفية كما ظهرت في الأدب الإنكليزي/ بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

تشير الطائفية في الأدب الإنجليزي إلى تمثيل واستكشاف الانقسامات الدينية أو السياسية ...

مــــاضــرَّ  قــافــلــةً كــــلابٌ تَــنــبَحُ/ بقلم: عــبــدالــناصر عــلــيــوي الــعــبيدي

  ———- بــالــمَدْحِ يَــرتَــفعُ الأمــيــرُ فــيــفرحُ فــتــراهُ يُــجْــزِلُ بــالــعطاءِ ويَــمْــنَحُ – لــكــنْ ...

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

واحة الفكر Mêrga raman