الرئيسية / صحة وعلوم / رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الشؤون الزراعيةِ البابِلِيَّة – 17 – / بقلم: عبد يونس لافي

رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الشؤون الزراعيةِ البابِلِيَّة – 17 – / بقلم: عبد يونس لافي

رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الشؤون الزراعيةِ البابِلِيَّة – 17

بقلم: عبد يونس لافي

 ـــــــــــــــــــ

تعرضنا في الحلقات السابقة،

الى بعضٍ من رسائلِ الحياةِ اليوميَّةِ البابِلِيَّة،

أما هنا فنحن مع إحدى الرسائلِ البابِلِيَّة،

التي تتناول مسألةً تتعلقُ بشؤونِ الزراعةِ آنذاك،

إذ اعتمد القومُ على أنفسهم،

فأكلوا مما كانوا يزرعون.

 

الرسالةُ بعث بها احدُ المزارعين،

يؤكِّدُ فيها أنه تقدم بطلبٍ سابق،

حول حاجةِ حقلِهِ إلى كمِّيَّةٍ معيَّنةٍ من البذور،

وكمِّيَّةٍ اخرى مماثلةٍ من النُّخالة،

يستعملها كعلفٍ لثيران الحراثة.

 

طلبُه هذا كان قد وجَّهه إلى مسؤولِ التجهيز.

ابتدأ رسالته بالدُّعاءِ له كالعادة،

بالحفظِ ودوامِ الصحةِ من قبل الآلِهة.

 

لم يحصل الرجل الا على نصفِ ما طلب،

ولذا تجدُه في هذه الرسالة،

يوجِّه التماسَه معاتِبًا ذلك المسؤول.

 

تساءلَ الرجلُ عن سببِ عدم استلامِ ما طَلَبه كاملًا،

فالمسافةُ بينه وبين حقلهِ مسافةٌ طويلة،

ويريد تزويدَه بحاجته سريعًا،

لكي لا يخسر موسم الزراعة.

لقد اظهر الرجل استعدادَه للإيفاء،

سواءً  بالدفع شعيرًا بشعير،

او مقابلة الشعيرِ بعملٍ يُنجِزُهُ كمقايضة.

 

تقول الرسالة:

 

أخبرِ الرئيس:

أنَّ شُنُما – إيلو  (Šunuma-ilū) يُرسل الرسالةَ التالية:

عسى الإلهانِ شَمَش  amaš1)  ومردوخ  (Marduk)،

يُبْقِيانِكَ في صحةٍ جيدةٍ إلى الأبد.

 

 

لِتَظَلَّ بخيرٍ سليمًا معافى،

عسى إلهُك الحامي،

ألّا يسمحَ أن يصيبَك إلّا الخير.

 

 

أكتبُ إليكم، للوقوفِ على احوالِكم؛

عسى أن تكون احوالًا جيدة،

وأنْ تستمرَّ كذلك،

تحت رعايةِ الإلهينِ شَمَش ومردوخ.

 

 

لقد كتبتُ إليك سابقًا،

اطلبُ منك أن تُرسِلَ لي عشرةَ اكوارٍ* من الشعير،

لِأستعْملَها كبذور،

وعشرةَ اكوارٍ من النُّخالَةِ الجافة،

لعلفِ ثيرانِ الحرث.

 

 

لماذا أرسلتَ لي خمسةَ اكوارٍ من الشعير،

وخمسةَ اكوارٍ من النُّخالة الجافة فقط،

لتكونَ ثيرانُ الحرثِ خامدةً،

لمدةِ يومين بسببِ هذا النقص؟

 

 

المسافة من هنا إلى الحقل مسافة كبيرة جدًا،

لذا لم أتمكَّنْ من إرسالِ النُّخالَة الجافَّة الى هناك.

هل فعلتَ هذا بي لأنني غيرُ قادرٍ على الدَّفعِ (الآن)؟

 

 

أُرسِلُ طيًّا طلبي هذا،

فاعْطِ خمسةَ اكوارٍ من الشعير،

وخمسةَ اكوارٍ من النُّخالَةِ الجافة،

الى عاملي  سِنْ – بيل – دُمْكي   (Sin – bēl – dumqi)،

لكي لا يُغَرَّم.

 

 

اكتبْ لي فيما إذا كان يجبُ عليَّ،

أن أعيدَ الشعيرَ عينيًا،

أو أفعلَ أي شيءٍ آخرَ تطلبُ مني القيامَ به،

مُقايَضَةً لقيمةِ الشعير.

 

الخلاصة:

هكذا كان الحرص والإصرار،

لدى ذلك الرعيل الأول من الرجال!

 

 

* أكوار جمع كور (kor)  وهو وحدة قياس السعة لتحديد الكمية المطلوبة من السلعة.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman