زمنٌ خارجَ النّص/ بقلم: آمال القاسم
…………………..
حين نرحلُ … يلزمُنا زمنٌ آخرُ في جيْبِنا الخفيِّ .. كيلا يأكلَنا الظّلامُ، وتوجِعَ سُمرتَنا قهوةٌ مرّةٌ تَرشُفُ العَذاباتِ حتّى تبدوَ بائنةً بينونةً كبرى؛ مع أولِ ضحكةٍ مزيّفةٍ، خافتةٍ كالهزيمةِ ..
يلزمُنا فلسفة ٌمجهولةُ الكُنهِ والتكوينِ، أكثرُ -إلى حدٍّ ما-ممّا نظنُّ .. تمضي بِنَا طويلاً .. لنتعفّرَ بخصوبةِ الموتِ ..
يلزمُنا قدرةٌ فائقةٌ على التمرُّدِ لنوَضِّئَ جرثومةً في الرأسِ .. همجيّةً، مشرقَنةً، مسرطَنةً بالخَرفِ والهوامشِ لا تَطهُر .. وأنْ نهتديَ إلى رملٍ أسخنَ من الماءِ؛ ليَتمَّ التيمّمُ المبارَكُ تحتَ شجرةٍ مزكومةٍ بالعبثيّةِ والفوضى .. ونصليَ صلاةَ الغائبِ على أرواحِنا المتمرِّغِةِ بأزيزِ الرصاصِ الذي غُزلَتْ منه خيوطُ أكفانِنا ..
وحين نعودُ .. يلزمُنا الكثيرُ مِنَ التدبُّرِ والتبصُّرِ حتّى تغزوَ الانكساراتُ المثقلةُ بالخداعِ أعتابَنا المملوحةَ .. لندرِكَ الجوعَ واليُتْمَ والجَهْلَ والرّجْمَ .. كيلا يُلدَغَ إيمانُنا من جُحرِهِ مرّتين .. وكَيْلا تسقطَ الأرضُ على نقطةِ الصفرِ وتتساوى عندَها كلُّ الأشياء …!
يلزمُنا – رُغمَ أسفارِنا – الكثيرُ من التّعلُّمِ أنْ لا مكانَ غيرُ اللغة ولا زمانَ يحتوينا حين تقطِّعُنا شذَراتُ الحدودِ ..
ويلزمُنا قبرٌ وطريق …. لنعيشَ الحياةَ في مِنديلٍ مُبلَّلٍ بالآهات …!!
