سوق الشيوخ مسلة الشعر والانسان لحسن الشنون
للمكان سحره ..وسطوته ..وحضوره ؛ فالبيئة تتحكم بالشخصية الإنسانية بتأثيرها البالغ في اللاوعي وتشكيل شخصيته ، لذا كانت بيئة (سوق الشيوخ) التي يسورها النخيل كقلادة على جيد فتاة جميلة ،وموجات الفرات المنحدره ،والتي تعانقه الطيور بأنواعها على حافات الأهوار ، سحر المكان بمضايفه الشامخة ،ودواوينها العامرة بالأدب الشعبي ،وحكايا التراث ،وعلوم اللغة ،ومجالس الأدب ،وفطنة أهلها ،وعراقة العشائر المتوطنة ، وتمازج الهويات المختلفة من القادمين من الحجاز ،أو السكان من المندائيين وعمق جذورهم بالمكان ،فضلاً عن الأسر اليهودية القاطنة والعاملة بالأسواق والتجارة …هذا التنوع الفسيفسائي البهي ، كان هو المولد لجينات الإبداع ،مدينة أحببها رغم بعدها عن الناصرية ب29 كلم لكني دائب الحضور لمنتدياتها ،ومهرجاناتها،وأماسيها ،شاركت لمرات ومرات وقدمت ما تيسر من محاضرات ،ومساهمات في الإحتفاء بمبدعيها لعقود .
في أمسية رائعة لحفل توقيع كتاب الأديب والمربي “حسن الشنون ” في المركز الثقافي بالناصرية قلت : إن المحتفى به برحية من نخيل السوق مثمرة بالعطاء ،وتظلل على الأجيال الأدبية بمحافظتنا وبلدنا ، وأن مايُبهرني ويُدهشني بهذها الأديب روح الطرفة ،والفكاهة،والسخرية ،والإرتجال ، والموسوعية التأريخية بسيرة الأدباء السقشخيين ،إنه إيقونه الذاكرة ، ورجل النكته الطريفة الحاضرة ، والمُربي للأجيال .. فهذا السفر الجميل الذي نهاز 504 صفحات ،وقد صدر في 2016 عن مطبعة شركة المارد- النجف الأشرف ،وقد صمم غلافه الرسام الرائع “حسون الشنون” ،يذكر إن آل الشنون قدموا للفن التشكيلي العراقي عدة أسماء مهمة كالمبدع حسين الشنون وغيره الكثير بمجالات مختلفة .مدينة ابو معيشي والشهيد فرقد الحسيني والباحث ماجد السفاح مدينة الإبداع.
إبتدأ كتابه بالإهداء ص 5 : ( الى كل سقشخي مخلص يحترم الأدب ويفخر بالإبداع ) وفي التقديم أكد على : ( ….. هذه المدينة العريقة التي توجب على ابنائها ان يفخروا بماضيها وحاضرها بالعطاء الذي قدمه ُ المبدعون سابقاً ولاحقاً فهي ترفل بأحلى وأجمل حلة ٍ البسوها لها ألا وهي حلة الثقافة والأدب والشعر والسياسة والإجتماع …..) ثم ينشر “الشنون ” شهادة لشيخ المفهرسين الراحل د-صباح المرزوك وإعجابه بمشروع الشنون التوثيقي بصحيفة الناصرية والرسالة مصورة بالكتاب مؤرخة في 1-12-2001 ذكر “المؤلف : الشخصيات التي زارت سوق الشيوخ من علماء ومفكرين وأدباء وكتبوا عنها بالمجلات اللبنانية والعربية والعالمية ( حسن الأمين- الشيخ عارف الزين – العلامة محمد حسين فضل الله- العلامة محمد جواد مغنية …..وعشرات العلماء والشخصيات ) وأشار إلى أسماء المبدعين بسوق الشيوخ من الرعيل الأول العلامة مصطفى جمال الدين- أسد حيدر –جميل حيدر-باقر حيدر…. ثم نشر تعريفاً بمقدمت المدينة من أفواج من المبدعين بكافة الأجناس الأدبية من ص17-36.. أسماء تشع وتتلألأ بالألق والحضور الواقعي بمتن الثقافة العراقية . بعد ذلك ينتقل “الشنون” إلى فرسان القوافي ص39 -493 إبتداءً من الشاعر الشيخ طاهر الحجيمي الكبير 1780-1859 م وقد دأب على ذكر سيرة كل شاعر ثم قصائد مختارة من منجزه الشعريّ، وإنتهاءً بالشاعر عباس القزاز …وضمن تلك الأسماء الطافحة بالألق الشعري ّ جواد جميل – عادل عبد الله- مهند جمال الدين –أجود مجبل –علي مجبل –خضر خميس – بلقيس حميد حسن – شاكر حنون -حافظ العطار وعشرات الأسماء من المبدعين الذين دون وأرشف سيرتهم ونصوص من قصائدهم .
صباح محسن كاظم
