الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / شخصية الراعي في الموروث الشعبي الفلسطيني/ بقلم: شاكر فريد حسن

شخصية الراعي في الموروث الشعبي الفلسطيني/ بقلم: شاكر فريد حسن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شخصية الراعي في الموروث الشعبي الفلسطيني

بقلم: شاكر فريد حسن

…………………..

الراعي شخصية لها موقعها في الموروث الشعبي الفلسطيني، وهذا الأمر ليس غريبًا في مجتمع كانت الأغلبية الساحقة منه تعتاش على المواشي والأغنام. وإذا كانت صورة الراعي في مجتمعنا وسواه من المجتمعات الأخرى انسحقت اجتماعيًا جرّاء المفاهيم الإقطاعية التي سادت في مجتمعنا الفلاحي الزراعي، لكنها في تراثنا الشعبي لها حضورها الجميل الرائع ومكانتها الإبداعية.

 

في المفاهيم الطبقية الإقطاعية يمثل الراعي رمزًا للجهل والغباء والأمية، وقد انتشرت وعمت هذه المفاهيم في مجتمعنا لدرجة أن الأب الذي يحلم لابنه بمكانة اجتماعية مرموقة ورفيعة كان يقول له: تعلم لتكون معلمًا أو محاميًا أو مهندسًا أو طبيبًا وليس راعي غنم. !!

 

وفي مفاهيم العصر البرجوازية أستبدل راعي الأغنام بعامل النفايات أو الحفريات وما شابه، أو ما يعرف بـ ” العمل الأسود “. ولا يختلف هذا التشويه لصورة أو شخصية الراعي عنه في المجتمعات الطبقية والغربية، ففي المجتمع الأمريكي الرأسمالي هناك صور بشعة لراعي البقر، فهو يجسد في الأفلام والأدبيات البرجوازية نموذجًا للعنف والهمجية والفوضى وعالم الإجرام.

 

بينما في مفاهيمنا الشعبية التراثية، فترتبط شخصية الراعي بالعطاء والتضحية والطبيعة والإبداع، وعودة إلى ينابيع تراثنا الفلسطيني يتجلى ذلك بوضوح تام، وذلك لما تركه لنا الرعاة من موروث شعبي أصيل في مجالات الغناء والدبكة والموسيقى والعتابا.

 

وشبابة الراعي هي آلة النفخ الأهم في تراثنا الشعبي، وهي مصدر آلات النفخ الموسيقية الحديثة كما المجوز والربابة.

 

ثم اليس الرعاة في الجبال وربوع الطبيعة الغنّاء من أبدع الأغاني التراثية والأهازيج الشعبية التي تحفل بالتشبيهات والأوصاف المدهشة والإيحاءات والرموز وكل ما يعكس حياة الرعاة، الذين يقضون يومهم في الطبيعة مع المواشي ” يشببون ” أو يطلقون ” الأوف ” أو يؤلفون الحكايات والقصص الشعبية لتمضية الوقت، والاستعداد للسهر في الليل على ضوء القمر.

 

وفي أدبنا الفلسطيني الكثير من الأشعار عن الرعاة والشبابة، فهذا شاعرنا الفلسطيني طيب الذكر توفيق زياد، يتغنى بالشبابة في قصيدته ” السكر المُرّ “، فيقول:

 

فلسطينية شبابتي

 

عبأتها،

 

أنفاسي الخضرا

 

وموالي،

 

عمود الخيمة السوداء،

 

في الصحرا

 

وضجة دبكتي،

 

شوق التراب لأهله

 

في الضفة الأخرى.

 

أما شاعر فلسطين الكبير ابن بلدة دورا، الذي لا يفهمه أحد غير الزيتون، عز الدين المناصرة، فيقول في قصيدته ” جفرا “:

 

جفرا، اذكرها في الوادي تحمل جرتها، اذكرها

 

تطلع في الباص واذكرها ترعى الماعز، آه الماعز

 

اسمر بين زهيرات الوديان ثغاء يملأ قلبي الآن

 

هنا في المنفى عشقًا للموت، اقبل نحو الموت

 

كمائنهم تبعد امتارًا وللقلب مشوق

 

من لم يعرف ” جفرا “… فليشنق فرحته

 

في بار شتوي، القاتل وعدي والرعديد

 

المشنوق.

 

ويبقى الراعي من الشخصيات المحببة لدينا نحن الأجيال القديمة العريقة، التي كثر عنها الحديث في تراثنا، وكيف لا نحب صورة الراعي ونبينا الكريم محمد (صلى اللـه عليه وسلم) كان راعيًا. !!

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman