الرئيسية / إبداعات / عُرسٌ لزُرقَةِ العينين/ صالح أحمد (كناعنة)

عُرسٌ لزُرقَةِ العينين/ صالح أحمد (كناعنة)

صالح أحمد (كناعنة)

عُرسٌ لزُرقَةِ العينين

 

من أي جُحرٍ قد يجيءُ تنبهي أني أحسُّ، وأنَّ لي شمسًا وغَد؟

مِن أيِّ دَهر؟

هذا رَبيعٌ تلوَ آخرَ قد مضى

ما اخضَوضَرَت كَفّي… ولا هَدَلت يَماماتٌ على أفقي..

ولا اهتَزّت أراجيحُ الطفولَةِ في ميادينِ البراءَةِ…

واشتَهَيتُ فراشَةً تأتي لتُغري طِفلَةً بالجريِ خَلفَ فتونِها…

أو نحلَةً تمضي فأتبَعُها لأدرِكَ زهرَةً تَحيا..

ولكنَّ الرُّبى ما أزهَرَت،

واستَوحَشَ الدّورِيُّ مُرتَحِلًا،

ونَخلَةُ دارِنا انشَقّت،

وألفُ كسيرَةٍ عَذراءَ هَزّتها…

ولكن لا رُطَب!

يا حارِسَ التاريخِ تسألُني متى سَتَكُفُّ عاشِقَةٌ

عَنِ التّرحالِ بحثًا عَن ملامِحِ عُرسِها!

والرّيحُ تقرِضُنا يمينًا أو يَسارًا.. والمدى كَهفٌ

وفوقَ مدينَتي مَلِكٌ يُتَوَّجُ بالقَذائِفِ…

إنَّ أقصى ما أرى في الأفقِ أشجارًا تَساقَطَ لونُها…

بَحرًا يُحاذِرُ زُرقَةَ العينَينِ…

كَفًا أوغَلَت في الرّملِ تَبحَثُ عن أنامِلِها…

عُيونًا اُغمِضَت قَسرًا تُحاوِرُ دَمعهَا…

عَرَبًا نَأوا بَحثًا عَن العُزّى على أعتابِ كسرى أو على أبواب قَيصَر.

يا حارِسَ التاريخِ هذا الأفقُ مُشتَعِلُ

واللونُ في أنحائِنا طَلَلٌ مَضى يَحتَلُهُ طَلَلُ

حتى بِنا أحلامُنا يا صاحِ تَقتَتِلُ

والصَّوتُ يَرتَحِلُ…

وعميدُنا يحتَلُّ بسمَةَ طِفلِنا في المَلجَأ الليليِّ

يَجلِدُنا بصوتِ جُنونِنا…

نقتاتُ عُمرَ فَراغِنا…

ونصوغُ مِن لُغَةِ السُّدى للعُذرِ عُذرا..

يا حارِسَ التّاريخِ تَنحَرُني على حَدِّ المبادِئ..

لو عُدتَ تسألُني لِما لا تَنبُتُ الأزهارُ في قلبِ المَلاجِئ!

يا حارِسَ التاريخِ تنطَفِئُ المعاني كُلُّها

لمّا تُغَلُّ براءَةُ الأطفالِ في عَتمِ المَخابِئ

ويِشُلُّ نَومَ عيونِها صوتُ الرّصاصِ..

قَذائِفُ الموتِ المُفاجِئْ.

مِن أيِّ بَحرٍ سوفَ تَشرَبُ حَسرَتي …

مِن أيِّ قَهر؟!

هذا زَمانٌ تِلوَ آخَرَ ينقَضي…

والشَّمسُ تَبلَعُ ظِلَّها فَرَقًا على بَرَدى وأقدامِ الصِّغار!

وسَما المُخَيَّمِ لا نُجومَ تَزورُها

ويَعيشُ أطفالُ المَخابِئِ تُرِعِدُ الأحلامُ في أحشائِهم

قَمحًا سيَاتي مِن صَبا بَرَدى!

لَهَفي على بَرَدى يشُلُّ مَسيرَهُ سيلُ القَذائِفْ..

يا حارِسَ التاريجِ حتى الخوفُ فوقَ النّهرِ خائِف!

مِن أيِّ آنِيَةٍ سَنَلعَقُ صُبحَنا؟

الحالُ واقَف!

ودماؤنا تجري، تُجَرِّدُ نَهرَنا مِن لَونِهِ..

والريحُ تمنَحُ نَخلَنا لونًا حزينا..

يا حارِسَ التّاريخِ كُفَّ البَحثَ عَن أيّامِنا فينا

لا نلمِسُ الأحلامَ،

تُخرِسُنا،

فنغرَقُ في بَواقينا

نَبكي، نَبولُ دَمًا..

نرى أفُقًا يُجافينا…

الخوفُ يقتُلُنا،

الخوفُ يُحيينا!

ونظل نسألُ كيفَ لا تنمو على الأنقاضِ وَردَة!

ونظل نذكُرُ كيفَ خافَت غَيمَةٌ وهَوَت علينا

كقذائِفِ الأنصارِ تُمطِرُنا هَواها..

مِن أيِّ وعدٍ قد يجيئُ نهارُنا..

من أيِّ رَعدَة؟

يا حارِسَ التاريخَ يُخلِفُ موعِدُ المنكوبِ وَعدَه.

 

 

 

 

::::::::: بقلم: صالح أحمد (كناعنة) :::::::::

 

 

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman