الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / قراءة في ديوان «الصمت في حرم الجمال» للشاعر أيمن أبو الدنيا/ صابر حجازي

قراءة في ديوان «الصمت في حرم الجمال» للشاعر أيمن أبو الدنيا/ صابر حجازي

قراءة في ديوان «الصمت في حرم الجمال»

للشاعر أيمن أبو الدنيا/ بقلم: صابر حجازي

……………

أيمن أبو الدنيا شاعر شاب، وصوت عذب من الأصوات الشعرية في شعرنا المعاصر، بدأ مسيرته الشعرية منذ فترة، إذ صدرت له أول مجموعة شعرية بالفصحى تحت عنوان (الصمت في حرم الجمال)

وتوالت مجموعاته الشعرية في الصدور، إذ صدر له بالعامية المصرية (رحلة عمر) بمقدمة للشاعر الكبير” إبراهيم رضوان” عبارة عن قصيدة يثني فيها على الديوان وصاحبه، ثم الديوان الثالث (غدا ستغدو راحلا) بمقدمة وتحليل أدبي بقلم الأديب الكبير محمد رضوان” الشهير بـ    “دودو الجباس” وكذلك مقدمة ثانية بقلم الناقد الأدبي” شكري دعبس”

ومن يتعمق في قراءة المجموعات الشعرية التي صدرت للشاعر يدرك أنه عمل على تطوير مضامينه الفكرية، وأدواته الفنية بدأبٍ وإخلاص بوصفها الوسيلة الأولى للسير على طريق الشعر الطويل.

وستقارب هذه القراءة السريعة ديوانه الشعري الأول (الصمت في حرم الجمال)

يقع الديوان في(96) صفحة من الحجم المتوسط ويضم (40) قصيدة تتراوح بين الطول والقصر عن دار “النخبة ” الطبعة الأولي (2018) في شكل أنيق، يضم هذا الديوان قصائد عديدة ومتنوعة في موضوعاتها، بيد أن الرؤية العامة في هذا الديوان تتألف من بعدين أساسيين هما: البعد الديني والبعد الإنساني، وهما يمتزجان معاً امتزاجاً عضوياً بارعاً؛ الأمر الذي ضمن لهما درجة عالية من النضج والعمق والتكامل

وأول قصيدة في الديوان تحمل عنوان

(أحب الله

وان كنت حقا تحب الإله

فسوف ترى الخير

صوب رضاه

ومن ذا يناجيه طمعا وخوفا

وهو المجير لمن ناداه

إذا كنت حقا تناجيه حبا

فيا سعد قلبا أحب الإله

ص7

 

القصيدة في معمارها الفني تتلاءم مع البعد الديني الذي يصوره الشاعر، والأنغام الموسيقية العذبة التي تتدفق من الألفاظ الرقيقة المموسقة ذات الإيقاع المنساب، يشد عناصر هذا البناء بعضه ببعض؛ لتشكل وحدة نفسية ومعنوية.

 

* *  *

والناظر المدقق في قصائده العاطفية يجدها تمتاز بالصدق، والطابع الرومانسي الحالم والشفافية، وتتسم بالرقة والعذوبة، زاخرة بالمعاني العميقة، والصور الشعرية المشرقة والمكثفة بأضوائها الساحرة.

 

الصمت في حرم الجمال جمال

يا فرحة بالقلب تحيي النبض

تجدد الآمال

كيف الوصول إلى هواك؟

وذاك ضرب من خيال

عيناك لؤلؤتان ساحرتان

والخد زهر من الرمان

والعود بان

والشعر منساب كموج البحر

يعانق الشطآن

وأنا الغريق العاشق الولهان

 

من قصيدة الصمت في حرم الجمال ص 21

 

* * *

المتأمل في تجربة الشاعر الإنسانية يدرك أنه يمزج في شعره الخاص بالعام، فينبثق من همّه الوطني همه القومي، ومن همه الذاتي الهم العام، وأن الخاص الذي ألحَّ عليه في قصائده يتعين أن يتوحد في العام في تجربته الشعرية يقول

 

لا تقل موتا أحل

بذمره المسلمين

لا تقل فجرا وضاع

في غمار الحاقدين

لا   تقل   كنا وكانوا

لا   تكن كالتافهين

لا تقل بحر الهوان

سقطنا فيه

فما هوى   إلا   المهين

إنا  بنو  الإسلام لا   نرضي   بذل

ولسنا خائنين

 

من قصيدة فرسان خير المرسلين ص 73

* * *

 

ونجد أن الشاعر يرتدي أحيانا عباءة القاضي، ويأخذ في تقديم الحكم والنصائح والتوجيهات إلى المتلقي، فيتحول من شاعر العواطف والصور الفنية والتعبير الموحي إلى الشاعر الحكيم يقول:

 

يا ساقي الشر والكره البغيض

أما اكتفيت من حقد وطغيان

هلا   رويت ولو   يسيرا

شجرة الحب والإخلاص والإيمان

هلا   بعثت فينا رحمة ومودة

ومروءة   تحيي الإنسان

 

من قصيدة نبض شاعر ص 60

 

*  *  *

إن المتلقي في سياحته بين صفحات الديوان يلتقي لا ريب قصائد متعددة عول فيها الشاعر على استخدام أدوات شعرية متعددة؛ لتجسيد رؤيته الشعرية، ويلحظ أن أدواته قد امتزجت امتزاجاً بارعاً بأبعاد رؤيته الشعرية.

من اللغة والصورة والإيقاع

 

 

بحبك يا مصر

يا مصر إنت أمي

يا ساكنه دمي

يا بلسم جروحي

في صمتي وبوحي

بحبك يا مصر

ولادك معاكي

قلوبهم  فداكي

ولو يوم تنادي

تلبي قلوبنا

يا غالية نداكي

بحبك يا مصر

 

من قصيدة بحبك يا مصر ص 19

 

*   *   *

إن أصالة التجربة الإبداعية لدى الشاعر أكسبت شعره طابع البساطة والرقة، فهو قادر على أن يبعث في المفردة المنتقاة نبضاً متجدداً، وجوّاً ثرياً، بالإيحاءات والدلالات الغنية.

 

فو الله   لولا الله

ما نبض الفؤاد

ولولا فضل الله

ما خشعت قلوب

ورحمة الله هبة

منه تجمعنا

والله نرجو

وعفو   الله

غاية كل مطلوب

 

من قصيدة الموت ص 84

 

* * *

 

وأخيراً، لقد استطاع الشاعر أيمن احمد إبراهيم وشهرته أيمن أبو الدنيا وهو من مواليد قرية الاخيوة محافظة الشرقية مصر عام 1973 وحاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية بفضل موهبته الفنية، وثقافته الواسعة ومقدرته اللغوية وبأسلوبه الأصيل والمتميز أن يصقل ويطور أدواته الشعرية الفنية، ويسمو بها نحو الإبداع والتجديد ليلائم مقتضيات التطور والحداثة في المسيرة الشعرية المعاصرة.

 

 بقلم الأديب المصري صابر حجازي

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman