الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / كرم شقور .. تناغم الشعر مع الوجدان/ بقلم: شاكر فريد حسن

كرم شقور .. تناغم الشعر مع الوجدان/ بقلم: شاكر فريد حسن

كرم شقور .. تناغم الشعر مع الوجدان/ بقلم: شاكر فريد حسن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كرم شقور شاعر وكاتب مسرحي وممثل قدير، يشغل مدير مسرح السلام في سخنين، وهو ليس اسمًا جديدًا في المشهد الثقافي والأدبي والفني، وإنما اسم عريق له حضوره وتميزه. اعرفه منذ سبعينيات القرن الماضي، من خلال كتاباته في صحيفة ” الأنباء ” المحتجبة عن الصدور. وما يميزه الصراحة والشفافية والصدق ورهافة الحس.

كرم شقور من مدينة سخنين في الجليل، أنهى دراسته الجامعية بموضوع اللغة العبرية، واشتغل معلمًا لمدة ٢٤ عامًا.

درس الموسيقى في كلية اورانيم لمدة ٣ سنوات، واشترك في العديد من المسرحيات والأفلام، وأدى أدوارًا رئيسية فيها.

أدمن كرم شقور الشعر والمسرح وانغمس في التمثيل، وجميع المسرحيات التي قدمها مسرح السلام هي من تأليفه، وهي مسرحيات لجميع الأجيال من الطفل حتى الكهل، تعالج وتتناول مواضيع اجتماعية وسياسية من لب واقعنا، كالعنف والسموم والمخدرات وتدخين النارجيلة.

يتعاطى كرم شقور الشعر منذ الطفولة، وكان قد كتب قصيدته الأولى وهو في السادسة عشرة من عمره، وهي رثاء للأديب مصطفى العقاد، ويقول فيها:

 

نمت بليل ثم قمت باكرا

 

والعين لم تر شبح الأجساد

 

ففركت عيني كي أزيل غشاوة

 

وإذا بالنهار حالك بسواد

 

فسألت عن سبب سواد نهارنا

 

فقالوا لي: توفي العقاد

 

ثم توالت قصائد كرم شقور في الرثاء والغزل والحب والوطن والإنسان. ومن قصائده الرثائية ايضًا ما كتبه يوم توفي ابن عمه المرحوم الأستاذ سامي شقور، قائلًا:

 

خلا قلبي من الآهات حزنًا

 

على سامي فقد رحل العميد

 

ومن حولي بكاء قد تعالى

 

صراخ وارتجاج قد يزيد

 

وجاء الرد أن هالت جبال

 

وثار البحر وانصهر الحديد

 

يموت الليث والكباش تلهو

 

ويمشي شامخًا حمل وليد

 

وغزل كرم شقور رقيق ناعم رهيف بالغ الجمال، ومن روائعه في هذا الغرض قصيدة ” شقراء “، فيقول:

 

شقراءُ شامخةٌ، فهلْ لا ترأفُ

 

تمشي وأنظارَ الشبيبةِ تَخْطِفُ

 

مرتْ بنا فتشابكتْ أعناقنا

 

جفَّ اللعابُ كأَنَّ حلقيَ ناشفُ

 

فَسَبَتْ عُقولاً واستمالتْ أعْيُناً

 

أشقَتْ قلوباً يا لها لا تُنصِفُ

 

وتدقُ أرضاً حينَ تمشي حالها

 

كأناملٍ لمستْ جِتاراً تعزفُ

 

فاستوقفَتَها دميةٌ في متحفٍ

 

مَنْ فيهما يسري دمٌ.. ؟؟ لا نعرفُ

 

ورَمقتُ إحدى العارضاتِ بنظرة

 

غارتْ شبيهتٌها وماجَ المُتحفُ

 

تَتلألأُ القطراتٌ فوقَ خدودها

 

كنقاطِ طلٍّ فوقَ وردٍ يرجفُ

 

كشقائقِ النعمانِ أصبح خدُها

 

لمّا أتَتْها فلةٌ تستعطفُ

 

والشعرُ يلمعُ كالسنابلِ أصفرا

 

عددُ السنابلِ فتيةٌ تتلهفُ

 

إنْ عينُها الزرقاءُ زَمَّتْ رِمشَها

 

زالَ النهارُ وجاءَ ليلٌ يَدلفُ

 

كيف الوصولُ إلى العيونِ ليرتوي

 

في نظرةٍ منها عشيقٌ مرهفُ

 

وأكثر ما يسترعي انتباه القارئ والمتلقي تلك الشفافية الفوّاحة التي تنبعث من نصوصه، وتمتاز بها الألفاظ والمعاني، من خلال أسلوب شعري واضح عميق وجميل بليغ، خالٍ من التعقيد والغموض، فضلًا عن جمال الإيقاع والصور الشعرية والطلاوة والرقة والعذوبة.

فهو شاعر هادئ، رحب الخيال، رفيع الذوق، صادق الإحساس والنبرة، إنساني النزعة، قصائده تفيض بالرومانسية، وتتشح بالجمال، فكرًا وعاطفة، وكأنها لوحات فنية عسجدية رسمت بالكلمات المتوهجة، بالأزهار، بالأقمار، والطيوب. وهي شديدة التدفق، بالغة العذوبة، فيها بوح عفوي، وأناقة لغوية، مفعمة بالأحاسيس الجياشة، وبالتفاصيل العشقية الواضحة في ألفاظها ومعانيها. تجمع في ثناياها شعر الحب والطبيعة والشكوى والتأمل، والشعر الصوفي والوطني والاجتماعي، مازجًا بين فضائيين شعريين: كلاسيكي ورومانسي.

سلامي لك أخي وصديقي العريق، الفلسطيني/ السخنيني/ الجليلي المعتق كنبيذ عنب الخليل، كرم شقور، يا صاحب الإحساس الدافئ الجميل، متمنيًا لك وافر الصحة والسلامة ودوام العطاء والإبداع في مجال التمثيل والكتابة المسرحية والشعرية، وطابت أيامك.

بقلم: شاكر فريد حسن

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman