الرئيسية / قصة / ماتتْ عذراء/ بقلم: عطا الله شاهين

ماتتْ عذراء/ بقلم: عطا الله شاهين

 

 

 

 

 

ماتتْ عذراء/ بقلم: عطا الله شاهين

كانتْ تعلم تلك المرأة التي فرّت ذات مساءٍ من قصفٍ بأنه لا مفرّ من الموت، واختارتْ أن تذهب إلى غابةٍ تربطها بها قصّة حُبٍّ مع شابٍّ تركها، لأنه وجدَ أجمل منها، لكنها ظلّتْ تحنّ إلى تلك الأمكنة، لأنها تذوّقتْ طعم الحُبّ تحت رائحة شجر الصنوبر، فسارت في طريقٍ وعرة، وبعدما وصلتْ إلى وسطِ الغابة جلستْ هناك، وتذكّرتْ أولَ كلمة حبّ من شابّ جذبها من أول نظرة، حينما رأته ذات صباح، وبينما كانتْ جالسة على صخرة ملساء، مرّت من أمامها امرأة وكانت تشيلُ على رأسِها حزمةَ حطب، فاستوقفتها وسألتها:

كيف وضع الطّرقات على حافة الغابة؟ هل بإمكاني الذهاب إلى تلك المدينة قبل مغيبِ الشّمس؟ وهل هناك خطر على حياتي كونكِ أنت تسكنين هنا منذ زمن بحسب ما قلتِ لي؟

فوضعت تلك المرأة رزمة الحطب وأخذت تدردش معها ووجدتها كهدية لها أتتْ من السماء لأن تلك المرأة تعيش لوحدها في هذه الغابة، ولا تتكلّم مع أحد، فمجيء تلك المرأة الهاربة من جنونِ المعارك كان مريحاً لها، رغم أنها لمْ تحاول أن تعرفَ منْ هي؟ فقالتْ لها بعد أن تنهدت صحيح أنا أعيش هنا، ولكنني لا أقترب من حافة الغابة، فالموت في كل مكان، وأنا أسكن هنا بعيدا عن أعين الناس، وحظّي أنهم لم يجدوني حتى اللحظة وكانت تقصد المرتزقة، لكنه لا يوجد لي أي مكان أذهب إليه، لكي أعيش فأنتِ لا تخاطري بحياتكِ، فاستريحي هنا، أو تعالي معي، وفي الصباح تستطلعين المكان، فاقتنعت تلك المرأة التي فرّت من موت،

لكنها كانت تشعر بأنها لن تنجو من الموت في ظل فوضى دمرت البلد، وذهبت مع تلك المرأة بعدما حملتْ معها حزمةَ الحطب، وسارتا صوب بيتها، وهناك سهرا في العتمة، لأن المرأة تخافُ أن تشعلَ فانوساً يجلب الانتباه إليها،

وفي الصباح قامت تلك المرأة المُصرّة على الذّهاب إلى تلك المدينة، وودّعتها وشكرتها على الحديث معها، وسارتْ صوب نهاية الغابة، ومن بعيد لاحظها أحد القنّاصين وصوب نحو جسدها، وأطلق عليها رصاصة قاتلة، فخرّت على الأرض صريعة، فقالتْ قبل موتها:

كنتُ أعلم بأن الموت سيلاحقني، لكن تلك المرأة التي دعتني إلى منزلها وتحدثتْ معها عن الحُبّ في غرفة بلا إنارة، رغم الحزن الذي أعيشه، وعدت بذكرياتي إلى الوراء، لأتذكر حياتي الحلوة قبل الحرب، مع ذاك الشّابّ، الذي أحببته، وها أنا أقول له متٌّ امرأة عذراء..

 

 

 

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

واحة الفكر Mêrga raman