الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / التقى النهرانِ …كعاشقينِ/ بقلم: مرام عطية

التقى النهرانِ …كعاشقينِ/ بقلم: مرام عطية

 

التقى النهرانِ …كعاشقينِ/ بقلم مرام عطية 
________________
على حِفافِ قريتي نهرانِ عذبانِ كالأماني، مترعانِ بالوردِ
مثلَ أحلامِ الطفولةِ، ينبعانِ من أيكةِ الشِّعرِ كبوحِ العذارى، يمرانِ خطو النسيم في سهول قلبي، خطتِ النيازكُ والبراكينُ عمريهما ذاتَ غضبٍ؛ فحلَّ بينهما الفراقُ كعاشقينِ حميمين فرَّقتْ خرافةُ الريحِ الهمجيةُ بينهما، وجرحتهما شظايا البعدِ، أو كشقيقينِ صغيرين باعدتْ الأقدارُ القاسيةُ بين فؤاديهما بعد أن ترعرعا في كنفِ أسرةٍ وَاحِدَةٍ، ورضعا الحنانَ من أحضانِ أمومةٍ دافئةٍ.
رأيتهما رسَّامينِ مبدعين، لم تثنيهما قوافلُ الريحِ الغجريةُ، شقَّا طريقهما في أرضٍ عذراءَ بين الجبالِ والوهادِ، كما يشقُّ
الشَّاعرُ طريقهُ في أوقيانوسِ الإبداع ؛ ليكتشفَ جزرَ فكرٍ عذراءَ ومعانيَ قصائدَ عصماءَ في خضمً الضَّبابِ ، نهرانِ زاخرانِ بأسماكِ الروعةِ يقندلا الظلامَ فيرفُّ النورُ من شموعهما الفيروزيةِ ، ويشُّعُ الألقُ ، رأيتهما يبسطانِ أيديهما الوارفةَ السنابلِ للمخلوقاتِ كلِّها، ويرتِّلا سورَ الإجلالِ والحبِّ للخالقِ، فترتوي من أمواهما الظباءِ والقطعانُ ، العصافير والبشرُ ، في فيئهما استظلَّ الوقتُ من قيظِ الهجيرِ، وعلى مراياهما سرَّحت الرُّبا شعرها الأخضرَ ، فكانت ظلالهما الوارفةُ الفتنةِ صلاةً مستجابةً عند الله ؛ التقى النهرانِ الشقيقانِ بغرةِ الكفارين على خصرِ شغفي بلقياكَ بعد سني حنين وشوقٍ ، وما أجمله من لقاءٍ !! كان لقاؤهما قصيدةً مائيةً مكللةً بالسَّنا، ألقاها شلالُ الماسُ على الضِّفافِ الخضرِ، ونسجَ لهما أثواباً بيضاءَ بنقاءِ الثَّلجِ كثوبَ عروسٍ بهيٍّ رهيفٍ، أزهرَ الحلمُ بعد غيابٍ طويلٍ في يومٍ أغرَّ، افترتْ له السَّواقي فراحتْ تتلو أناشيدها ضاحكةً، وغنَّتْ فيه النوارسُ لحنَ العناقِ على أغصانِ شجرِ الجوزِ والنارنجِ التي عقدتْ مع زهر البنفسج إكليلاً من البهاءِ والسحرِ على رأسيهما.
أخبرني أيُّها النبعُ، هل من يزرعُ النقاءَ سيجني يوماً عراجينَ الحبورِ ؟! أمن يبذرُ الوفاءَ يقطفَ من كرومِ الحبِّ عناقيدَ الرضى والبهجة ؟! أم في مملكةِ الجمالِ لا بدَ أنْ يلتقي العاشقونَ المخلصونَ، فَألتقي نهرَ الشَّوقِ ذاتَ غرامٍ، وتشرقُ الشَّمسُ في حقولي ؟!
_____
مرام عطية

 

 

 

 

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman