الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / معطرةُ الحبِّ تجفِّفُ الشَّجنَ/ بقلم: مرام عطية

معطرةُ الحبِّ تجفِّفُ الشَّجنَ/ بقلم: مرام عطية

 

 

 

 

 

معطرةُ الحبِّ تجفِّفُ الشَّجنَ/ بقلم: مرام عطية

****************

تعالَ يا سوسنَ قلمي نغرسْ هضابَ الحزنِ أغراسَ حبورٍ، ونزرعْ وديانَ الألمِ بذورَ اصطبارٍ وأغاريدَ، تعالَ نسرِّحْ غزلانَ الهوى في سهولِ الشَّوقِ، فهناكَ نايٌ شجيٍّ وشحوب قرنفلةٍ يسألان عن معطرةِ حبِّنا

لا تتأخر عن قطارِ الَّلهفةِ يا كناري ، فعلى مداراتِ الوجعِ يتحلَّقُ اليأسُ زرافاتٍ زرافاتٍ ، كما يتحلقُ حول الزهرةِ النَّحلُ ، و على رحى الشَّجنِ تدولُ ممالكُ التفاؤلِ ، ثلاثةٌ نَحْنُ ، أنا وأنت ومعطرةُ القلبِ التي لا تنضب، سنتحدَّى الصعابَ،  ونرمِّمُ ثقوبَ الأماني الطوالَ ، نكتبُ روايةَ الجمال في دفاترِ الكون، و نطبعُ ديوان َ الكمالِ فَوْقَ الرُّبا حيثُ لم تنفعْ كل مطابعِ الأَرْضِ لقصائدِ نخلةٍ فراتيةٍ  يولدُ من رمادها  طائرُ الفينيقِ ، فهناكَ أحبَّةٌ رغم ضبابِ الغيابِ وتصحُّرِ الزمن ما زالوا يهتفونَ لنا

في الفصلِ الأوَّلِ نصلِّي مع تراتيلِ الشَّمسِ ونسجدُ لرب الكونِ، لتمطرَ غيومُ الحبِّ في شتاء العمرِ، ويفيضَ نبعُ الحبورِ حين تنضبُ أنهارُ الروحِ، ويجفُّ ماءُ الوفاءِ بين البشرِ.

أمَّا في بقيةِ الفصول فنسيرُ على رسلِ النرجسِ و نقفُ في وهادِ العمرِ، نسقيها أعذبَ الذِّكرياتِ، و نعطرها بالأنسِ ، نبلِّلُ قرى الأحلام الشَّاحبةَ بالندى، نريقُ ألوانَ الدَّهشةِ على دروبٍ تنسجُ حريرَ الحنينَ زروعاً خضراءَ ، و لكن حينَ نبلغُ ربوعَ قريتي ، سينحدرُ القطارُ شديداً إلى بيتنا المتلهِّفِ لضمِّي ، عليكَ أن تنثنيَ خشيةَ على كبدي ، حيثُ سألتقي أمِّي، أسرُّها لوعةَ الفراقِ وأنشدها الأماني العذابَ ، فارفقْ بي وكن حليماً ، وعندَ شجرةِ المشمشِ المثقلةِ بالثمارِ استلقِ و دعني أقطفْ من عناقيدها شهداً سرقتهُ رياحُ الأيامُ مني، سأتنهدُ وأقبِّلُ وجوهَ أخوتي على صهوةِ الغيابِ ، آه كم أهفو لألعابٍ رماها الدهر في غفلة مني !! اتركني أركضْ طفلةً وراءهم، تارةً أضعُ ستارةً على عينيَّ، وتارةً أعتلي أرجوحةَ الدارِ فتدفعني شقيقتي الصغرى إلى الأعلى وتتركني في الهواءِ عصفوراً أطيرُ.

وفوقَ التلةِ القريبة من بيتنا ستطالعنا أيكةُ زيتونٍ ولوزٍ وارفة الظِّلالِ غادرها أهلها، اعذرني إذا طلبتُ منكَ أنْ نتكئَ تحت فيئها قليلاً، نمنحها بعض الودادِ نعلِّلها بالأمل، ونمسحُ بمناديلِ الدفءِ دموعَ مقلتيها.

وحينَ تزورُ مكتبَ عملي في مدينتي لا تبكِ كثيراٍ بَلْ ضمِّدْ جراحَ فتاةٍ دفنتْ أغلى أحلامها في قبرٍ عميقٍ وحرقتْ أعلى شهاداتها بجريمةِ الأنوثةِ في مجتمعٍ ذكوري متسلطٍ يغرقُ في بحورِ الجهلِ، لا يقرأُ كتب الحضارةِ والمدنيةٍ، وامضغْ معي قطعَ التجلدِ بلا رهبةٍ، وحبوبَ البندولَ ذاتِ الجرعاتِ العالية الشفاءِ، حين تلحظْ أميَّا في اللغةِ ابتاعَ أعلى المناصبِ بالدراهمِ والدولارِ

وحين نمرُّ على قصةِ حبٍّ فاشلةٍ دعنا نشفقْ على أبطالها وضحاياها، نقلدهم زمرُّدَ الحبِّ وتهديهم أطواقَ السعادةِ المنهوبةَ

هيَّا نصعدْ أدراجَ الخيالِ ونبلغْ مدائنَ الروعةِ ففي رحلةِ سندبادي ما يسرك يا صديقي

لا تقلق يا رقيك أناملي الوفي، فهناكَ ديمةٌ مسكونةٌ بالشغفِ سترافقكَ وتمنحكَ

ألوانَ قزحٍ، لتنثرَ شذاكَ على المسكونةِ كلِّها أمامَ الشَّمسِ.

________

مرام عطية

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman