الرئيسية / قصة / الزائر …/ بقلم: عزة بوقاعدة

الزائر …/ بقلم: عزة بوقاعدة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الزائر …/ بقلم: عزة بوقاعدة

………………………..

فتحت الباب على مصراعيه، كالضّوء مر! حتى أنه لم يعطني فرصة للشعور بالذعر!  تلعثمت مع رجفة ذقني المعهودة

– يبدو يا سيدي أنني أعرفك!

قلت ذلك وأنا متأكدا مما تراه عيناي!

نحافة جسده، سحنة ملامحه، وقاره وحتى نظاراته

جلس إلى مكتبي صامتا هادئا وكأنه في غرفته! حرك رأسه مع كل صفحة يقلبها من دفتري، شعرت بالتوتر والحرج في نفس الوقت، أمسكت وجهي لا أدري كيف بدوت، سأكون أقرب إلى فاكهة الخوخ، فكرت فيها وأنا أكره تناولها، لمحت جوربي المثقوب فزاد فزعي ثم انتبهت للمنامة التي ارتدي… لونها القرمزي يذكرني بجارتي (سندس) التي ظلت وفية له رغم تقدمها في العمر، انكمشت كلي دهشة من زيارته لي و أنا العبد البسيط الذي لا يعرف أحد من الناس سوى أولئك الذين وهبوا أنفسهم للآخرين في كتبهم وبحبر أقلامهم صنعوا جسورا يمتد عبرها الأجيال، حينما كنت أغرق في فوضى أفكاري حمل قلمي المحلي الصنع الذي اشتريته مساء الأمس من دكان المواد الغذائية بعشر دنانير لم أستعمله بعد، يا إلهي ماذا إن لم ينزف حبره!

تبا لي دائما أقتني الأقلام الأقل سعرا، وألف تب لراتبي الزهيد!

بهدوء أخذ ورقة، وضعها على الدفتر، حب كبير يملأه، في إمساكه للقلم في معاملته للورق في جلوسه وتركيزه، يا له من منظر ويا له من رجل! كم أحبه…

تمتم مع خطه لحروف على الورق، مددت عنقي إلى الأمام قليلا لكن لم أستطع رؤية شيء! وضع القلم على الدفتر المفتوح ونهض متثاقلا، كل خطوة باتجاهي كان قلبي ينتفض كطائر ذبيح! كانت ست خطوات مقتضبة أوصلته إليّ، عند حدود كتفي الأيسر توقف لثواني ربت عليه مرتين وغادر بعد أن أوصد الباب، لم ألتفت وراءه، أخذت نفسا عميقا وأرخيت عضلاتي من كل التشنجات وهجمت على مكتبي، تطايرت الأوراق بلغت السقف، قفزت كالقرد أقتطفها من الهواء، لا تعنني جميعها بل تلك التي شرفها بحروفه، صرخت كالمجنون

– ها هي…! أنتِ لي وماخط عليكِ!، وقعت تحت السرير، تبعتها وعيناي تحاولان القراءة ولو حرف مما كتبه سحبتها بأصابعي، كلما اقتربت تسارعت نبضات قلبي!، تلقيت ضربة من حافة السرير جعلتني أرى تلك العصافير الزاهية الألوان التي يتكلمون عنها! زيادة على ذلك سمعت المنبه يطلق رنينا مزعجا، سكن أذني طنينه المرتد وألم فظيع أغمضت له عيني لثواني، فتحتهما فإذا بي ملقى على الأرض، نهضت وسط فوضى أغطيتي، كلما استعملت أكثر من غطاء أقع من سريري، مشيت إلى مكتبي وهو الآخر يشهد بفوضوية حياتي نظرت إلى دفتري وإلى جانبه كتاب الشحاذ الذي يرافق وحدتي هذه الأيام! صاحبه من زارني في حلمي أو يقظتي فلا فرق لدي في ذلك،

فمن كتب لا يمكنه أن يموت.

 

عزة بوقاعدة

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman