الرئيسية / حوارات / عدنان شيخي: بناء المجتمع يعتمد بالدرجة الأولى على الأدب ودور المرأة … وكل كنوز الأرض غير قادرة على شراء فكرة أو قصيدة واحدة

عدنان شيخي: بناء المجتمع يعتمد بالدرجة الأولى على الأدب ودور المرأة … وكل كنوز الأرض غير قادرة على شراء فكرة أو قصيدة واحدة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عدنان شيخي: بناء المجتمع يعتمد بالدرجة الأولى على الأدب ودور المرأة … وكل كنوز الأرض غير قادرة على شراء فكرة أو قصيدة واحدة

يعتقد شيخي بأن الرواية تستطيع أن تقدم الكثير للقراء وبالتالي للمجتمعات

ولد عدنان شيخي في العاشر من أكتوبر عام 1989 م، في مدينة الدرباسية التابعة لإقليم “روج آفا – شمال سوريا “، حيث درس هُناك حتى الثانوية العامة، وانتقل بعد ذلك إلى العاصمة السورية دمشق ليُكمل الدراسة الجامعية عام 2008 في “جامعة دمشق – كلية العلوم – قسم جيولوجيا ” حتى السنة الرابعة، ولكنه لم يتخرج منها بسبب ظروف الحرب في سوريا. 

توجه لكتابة الشعر والرواية منذ حوالي عام 2009 م، حيث بدأ الكتابة باللغة العربية ولاحقاً انتقل إلى الكتابة باللغة الكردية أيضاً.

لديه العديد من المخطوطات الأدبية الجاهزة للطبع متمثلة بدواوين شعرية وروايات

أما أعماله المطبوعة فهي، ديوان “جدران المساء”، ورواية “أحفاد الجنون”، كما لديه ديوان “صمت الحُفاة” وهو قيد الطبع، وديوان شعر باللغة الكردية تحت عنوان ” ronahîya lêvên te“.

حوار أجراه: خالد ديريك

 

نص الحوار ….

تخلص الأستاذ شيخي من بعض كتاباته الركيكة، وأعاد صياغة بعضها الآخر، وذلك أثناء دخوله بشكل رسمي إلى عالم الكتابة، وفي هذا السياق يقول: ككل الحالات الفنية، تظهر النزعة الأدبية لدى الإنسان منذ بدايته الأولى في الحياة وكما جرت العادة تكون البدايات عبارة عن خواطر وعبارات بسيطة جداً لا يمكننا أن نُطلق عليها قصائد أو حالات أدبية، لكنها تشكل فيما بعد البنية التحتية التي يرتكز عليها كل كاتب أو شاعر، وعلى ذلك فقد كانت بداياتي الأولى أيضاً على هذا النحو، لكن مع دخولي لمرحلة النضج بدأتُ بعرض كتاباتي على أصدقائي وبعض العاملين في الحقل الثقافي، والذين بدورهم عبروا لي عن إعجابهم بها، الأمر الذي عزز من ثقتي بنفسي، و ساعدني على الانطلاق في هذا المجال.

تلقى شيخي التشجيع من الكثيرين ومنهم هؤلاء الأشخاص: أما الأشخاص الذين شجعوني على الأدب فهم كُثُر قد لا يسعنا ذكرهم جميعاً لكن سيكون من الظّلم عدم ذكر بعض الأشخاص الذين كان لهم دورٌ بارز في رحلتي الأدبية الأولى أمثال أخي الفنان التشكيلي منير شيخي والشاعر غمكين رمو والشاعر فرهاد مردي وكذلك خالي القاص والتشكيلي ماهين شيخاني والذي دعاني لأول أمسية شعرية لي في مدينة الدرباسية، والتي من خلالها أوصلتُ صوت قصائدي إلى سكان مدينتي، بالإضافة إلى عائلتي ككل، وأمي بشكل خاص والتي لعبت دوراً بارزاً في رحلتي الأدبية وغزارتها، من خلال تشجيعها المستمر لي ،ولومي في الأيام التي كنت أبتعد فيها عن الكتابة.

يكفيه القلم ليخلق لنفسه طقوسًا للكتابة: أما فيما يخص طقوس الكتابة فالأمر في الواقع مختلف تماماً عما يحدث في السينما، فلا توجد طقوس محددة للكتابة، فكل ما يحتاجه الأمر أداة للكتابة فقط، سواءً أكانت أداة قلم أو أداة إلكترونية.

ولدت قصيدته الأولى “هيفرون” عام 2009 م، وانطلاقاً منها عمل على بناء ديوانه الأول “جُدران المساء” الذي صُدر عام 2016 م.

في الشعر لا يكتب عن حالة محددة، بل عن مختلف مؤثرات الحياة: الشعر حالة روحية مرتبطة بالكاتب وفقاً للظروف التي يعيشها، بالإضافة إلى الحالات الحياتية التي يتأثر بها، لذلك لا يمكننا تقيد الأدب بحالة ما، فهذا يعتبر تقليص لدور الأدب في المجتمع وكلنا نعلم أن بناء المجتمع يعتمد بالدرجة الأولى على الأدب ودور المرأة، وعليه فإن الحالة الأدبية لدي أيضاً متنقلة بين جميع نواحي الحياة، وكل ما ذكرتم حسب الحالة التي أمر بها، فقد كتبت عن الحُب، والوطن، والشهداء، والظلم والعديد من الحالات الأخرى.

أجاب الشاعر والروائي عدنان شيخي حين سئلت عن سبب كثافة إنتاجه مقارنة بعمر قلمه الأدبي القصير، وعن الوقت الذي يخصصه للكتابة بالتالي: الفضل الأول والأخير لهذه الغزارة يعود إلى الله عز وجل، الذي منحني هذه الموهبة والظروف المثالية لكي استغلها بأفضل شكل ممكن.

أما فيما يخص الوقت الذي أقضيه في الكتابة، فهو متفاوت بين الرواية والشعر فكتابة القصيدة لا تحتاج للكثير من الوقت، أما في حالة الرواية فالأمر مختلف تماماً ففي بعض الأحيان قد أضطر إلى الجلوس والكتابة لأكثر من عشرين ساعة متواصلة، تتخللها استراحات قصيرة جداً وذلك لاستمرار في ضبط الأحداث وربطها مع بعضها البعض بأفضل شكل ممكن، لأن الرواية قد تمر في بعض الأحيان بثغرات زمنية تؤدي إلى تفكك الأحداث، وبمجرد تفككها يمكننا اعتبار الرواية قد فشلت.

يرى بأن الكاتب يمكن أن يكون مشروع شاعر وقاص وروائي مجتمعة: الأمر في هذه الحالة يعتمد على الكاتب نفسه، فالشعر مختلف تماماً عن الرواية والقصة، لكن جميعهم ينتمون لذات العائلة الأدبية، وعليه فالكاتب المتمكن يمكنه كتابة الرواية والشعر والقصة أيضاً، إن أراد ذلك.

وعن رواياته يقول: رواياتي خيالية بشكل مطلق، ولا وجود لشخصياتها وأحداثها في الواقع، حتى أسماء الأماكن التي تدور فيها الأحداث خيالية ولا وجود لتلك المدن والقرى في الواقع وذلك لكي أتجنب اصطدام القارئ لدي بمدينة ما، يعرفها وبالتالي ينحصر خياله في تلك المدينة وحسب.

يعتقد بأن الرواية تستطيع أن تقدم الكثير للقراء وبالتالي للمجتمعات: أعتقد أن الرواية بشكل خاص والأدب بشكل عام تضيف للقراء الكثير من التجارب الحياتية التي تمكنهم من استخلاص العبر منها، كما إن أنجح الثورات هي تلك التي بُنيتْ على أفكار فلاسفة وكُتاب عاشوا الظلم الاجتماعي وعكسوه في أدبهم وقدموا الحلول أيضاً، والتي لاحقاً كانت تشكل نواة الثورة والتغير، وأعتقد أن هذا الأمر مستمر حتى يومنا هذا، على الرغم من تناقص عدد القراء بشكل عام.

أشار شيخي بأن الأدب يمكن اعتباره رسالة ومهنة وهواية في آن معًاالشعر والرواية مزيجٌ إبداعي يمكن تسخيره في جميع الحالات التي ذكرتَها، من المؤكد أن الأدب رسالة مجتمعية، ويشكل الهيكل العام لأي مجتمع ناجح، كما أننا يمكننا اعتبارها مهنة أيضاً قد تعود على الكاتب بربح مادي في بعض الحالات، كما يمكننا اعتبارها هواية أيضاً.

هدفه من الكتابة: هدفي الأول والأخير من الكتابة هو إيصال أفكاري إلى المجتمع من خلال كتاباتي والسعي قدر الإمكان إلى تخليص المجتمع من بعض المفاهيم الخاطئة والتي لا زلنا متمسكين بها إلى اليوم.

أما الشهرة وتخليد اسمي فهذا أمر مرتبط بمدى تقبل المجتمع لتلك الأفكار وتبنيها، لكنها ليست هدفاً أو غايةً لي.

أما الغنى والربح المادي، بالتأكيد لو قيس الأمر بالمال، فكل كنوز الأرض غير قادرة على شراء فكرة واحدة أو قصيدة واحدة، لذلك اعتبر أن ربط الأدب بالمال هو ظلم كبير وتصغيرٌ له.

يعود إلى جذر المشكلة فيما يتعلق بعدم قدرة بعض الكُتاب الكُرد من الكتابة بلغتهم الأم: عانى الكُرد منذ الأزل في جميع نواح الحياة، كونهم يعيشون بشكل عام تحت سلطة دول تحتل أرضهم التاريخية وعليه فإن هذه السلطات لم تتوانى يوماً عن طمس الهوية التاريخية لشعبنا الكُردي ومن بينها لغته الأم، لذلك تعرض كُتابنا عبر التاريخ لصعوبات جمّة بهدف منعه من الكتابة بلغته، وإن كتب فأن أفكاره وكتاباته كانت تتداول بسرية تامة، بالإضافة إلى تعرضهم للاعتقال والتعذيب فقط ولمجرد استخدامه للغته الأم، هذا وبالإضافة إلى كون غالبية الشعب الكُردي لم يتلقى دروساً لغوية ليجيد القراءة والكتابة بلغته الأم، مما زاد الأمر سوءاً، الأمر الذي دفع أغلب الكُتاب الكورد إلى الكتابة باللغات الأخرى غير الكردية.

ويتابع: أرى أنه من واجب الكُتاب الكُورد والذين لا يكتبون بلغتهم الأم التوجه للكتابة باللغة الكردية وتحمل مسؤوليتهم التاريخية تجاهها وتوريث أدب كُردي يليق بأجيالنا القادمة.

أما فيما يخصني فقد بدأتُ الكتابة باللغة العربية وفيما بعد توجهت للكتابة بالكُردية أيضاً إلى جانب اللغة العربية ولدي ديوان شعر باللغة الكردية تحت عنوان ” ronahîya lêvên te”.

لم يطبع القسم الأكبر من مؤلفاته لغاية اليوم لأسباب التالية: في سنوات بدايتي الأولى كان الأمر مرتبط بعدم نضج الحالة الأدبية لدي، لذلك تجنبت طباعة أعمالي الأولى والتي تمت إعادة صياغتها لاحقاً، فالكتاب لدي أمر مقدس وعليه لابد لي أن أقدم محتوى يليق بالقراء أو أن أصمت، لذلك آثرت الصمت في البداية، أما لاحقاً فقد كانت الحرب السورية قد بدأت والحالة الثقافية والنفسية وحتى المادية لم تكن بالاستقرار المناسب لتبني أعمال أدبية ونشرها إذ إنها ما كانت لتلقى الصَّدى المناسب، وعلى كل ما سبق تم تأجيل الأمر عاماً بعد آخر إلى عام 2016 وهو العام الذي صُدِرَ فيه ديواني جُدران المساء ولاحقاً بدأت مرحلة الطباعة بشكل متتابع.

إنتاجه الإبداعي: لدي العديد من المخطوطات الأدبية الجاهزة للطبع متمثلة بدواوين شعرية وروايات وكل عام أختار الأعمال التي أطبعها بترتيب يتناسب طرداً مع ترتيب الفترة الزمنية التي كُتِبَ العمل خلالها، وذلك للحفاظ على التدرج الطبيعي للتطور في المستوى.

أما الأعمال المطبوعة فمتمثلة بديوان “جدران المساء” وهو ديوان أشعار عاطفية، بالإضافة إلى رواية “أحفاد الجنون” وهي رواية تندرج تحت قائمة أدب الجنون والتي تحكي قصة مجموعة من المجانين وصراعاتهم مع الحياة.

كما لدي ديوان “صمت الحُفاة” وهو قيد الطبع وسيصدر في بدايات عام 2019 بإذن الله.

تحدث عن اتحاد مثقفي روج آفايي كردستان HRRK ودوره فيه: هو اتحاد يضم العديد من العاملين في الحقل الثقافي من جميع ألوان الطيف السياسي الكُردي من كتاب وموسيقيين وتشكيليين ومسرحيين وغيرهم وقد تأسس عام 2004 م، من المثقفين الكُرد المقيمين في أوربا ولديه أربع فروع رئيسية في باكور وباشور وروج آفايي كردستان أي جنوب وشمال وغرب كردستان بالإضافة إلى فرع أوربا.

وأنا عضو في الاتحاد وعضو اللجنة التنظيمية لفرع أوربا والمكونة من سبعة إداريين والتي تم انتخابها بشكل رسمي من قبل أعضاء الاتحاد في المؤتمر الثاني الخاص بالاتحاد فرع أوربا وتستمر الدورة الانتخابية لمدة عامين.

يشدد على استقلالية اتحاد مثقفي روج آفايي كردستان HRRK قائلًا: يضم الاتحاد العديد من الشخصيات الثقافية البارزة والتي تُحسب على أكثر من لون سياسي كُردي، بالإضافة للعديد من الشخصيات المستقلة والتي تعمل في المجال الثقافي والاجتماعي فقط، والدعوة مفتوحة لجميع الراغبين في الانتساب إلى الاتحاد بمجرد توافر شروط الانتساب الموجودة في بيان النظام الداخلي وهي شروط ثقافية بحتة ليس فيها أي بند يحدد التوجه السياسي لأي شخصية راغبة بالانتساب.

 من تأثيرات الغربة عليه: قيل سابقاً الشاعر ابنٌ لبيئته التي يعيش فيها، وبالتأكيد فإن كل تجربة يمر بها الإنسان أو كل مرحلة من مراحل حياته حتى الأماكن التي يتواجد فيها تترك أثرها في شخصيته وتجاربه وحتى محور قصيدته لذلك فإن المهجر ترك لدي بعض الآثار التي أُضيفتْ إلى تجربتي الأدبية، لكننا بطبيعة الحال مازلنا نحيا في الوطن بطريقة أو بأخرى، لأننا تركنا خلفنا ذكريات وأصدقاء وعائلة لازالوا يعيشون بداخلنا حتى يومنا هذا ومؤكد سوف يبقون للأبد.

أضاف المهجر أفكارًا جديدة إلى رصيده الأدبي: فقد أضاف المهجر نوعاً من الأفكار الجديدة التي ربما ما كنتُ لأصل لها لولا رحلتي إلى الغرب، كما أصبحت أكثر خبرةً بالطرقات، حالي حال السلاحف، الأمر الذي أضاف محاور جديدة وتنوع مثالي لقصيدتي، وهو التنوع الذي يحلم به كل شاعر وكاتب.

يؤمن الشاعر والروائي عدنان شيخي بالصداقة الأبدية: في رحلتنا داخل معالم الحياة نتعرض للكثير من المواقف والتجارب التي تجعلنا نفقد الثقة بالآخرين أو أن نعزز من تلك الثقة بهم، وأنا لا أختلف مطلقاً عن الناس الذين تعرضوا لخيبات في رحلتهم الحياة، ولكن بالمقابل تعرفت على أشخاص حقيقين جديرين بالثقة، ويشعروننا أن الحياة لازالت فيها من الخير ما يجعلها كما قال محمود درويش بأن عليها ما يستحق الحياة، وعلى ذلك فلدي الإيمان المطلق بالصداقة الأبدية وأعتقد بأن لدي منهم أيضاً.

وفي النهاية، أتمنى للجميع السعادة والخير والسلام، وعسى الأيام تكون القادمة جميلة كجمال أرواحهم.

 

حوار أجراه: خالد ديريك

……………………………

نشر   في العدد 85 من صحيفة صدى المستقبل …, صحيفة ليبية ثقافية شاملة مستقله جامعه تصدر عن منظمة صدى المستقبل الاعلامية


عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman