الرئيسية / قصة / دروس عابرة من شيخ مسن/ بقلم: ميساء دردور

دروس عابرة من شيخ مسن/ بقلم: ميساء دردور

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

دروس عابرة من شيخ مسن/ بقلم: ميساء دردور

ـــــــــــــــــــــ

كنت عائدة إلى بيتنا كعادتي عندما اعترضني شيخ مارّ لم أُلق له بالًا إلاّ حين لوّح لي بيده مشيرًا إليّ بالتّوقّف

وقد استند على عكّازته، في البداية، لم أنتبه لما حدث فقد كنت شاردة، وعادة الشرود في مواقف تحدث معي يومياً باتت ملازمتي منذ فترة … نظرت إليه فور انتباهي لحركته التي بدت غير اعتياديّة ثمّ أسرعت في سيري فقد خفت من تلبية رغبته، خاصّة وأنّه بدا مضطرباً، وأخذت أبتعد عنه قدر الإمكان إلى أن صار ورائي حتّى استوقفتني كلماته:

– الثقة العمياء بالبشر تؤدي إلى الهلاك …

استغربت ممّا قاله!!

ولبثت في مكاني عاجزة عن الحراك، حتّى أنّني لم أجرؤ على الالتفات إليه … أخذ يكرّر ما قاله المرّات تلو المرّات ويرفع صوته في كلّ مرّة أكثر، أحسست بأنّه يقترب منّي حين أضاف:

– الإفراط في الطيبة غباء، يجعل المرء عرضة للاستغلال.

ما شأن هذا المسنّ بي حتّى يمطرني بهذه الحكم؟  زاد خوفي ممّا يحدث لكنّني لم أحرّك ساكنًا فقد كان هناك صوت بداخلي يطالبني بمزيد الإصغاء إلى ما قد يقوله وسمعت وقع خطوات مصحوبة بضربات العكّاز على القاع وقد رافقتها هذه الكلمات:

– الحياة تجارب وليس عيباً أن تنتهي بعض التجارب بالفشل لكنّ الخطأ الجسيم هو ألاّ نقي أنفسنا من شدّة الأذى … فالجنديّ الذي يخوض حربًا دون أن يتحصّن بدرعه ودون أن يحمل معه سلاحه ظنّا منه بأنّ العدوّ سيشفق عليه يكون أوّل ضحيّة، ولن يصمد سوى المقاتل الشّرس …

بدأ وقع الخطوات يبتعد شيئاً فشيئاً وقد رافقته نفس الكلمات التي ما انفكّ المسنّ صاحب الصّوت الغريب يكرّرها: الحياة تجارب وليس عيبا أن تنتهي بعض التّجارب بالفشل …

حينها فقط شعرت ببعض الأمان فاستجمعت قواي لألتفت لذلك الشّيخ علّي أعرف من هو

وشعرت برغبة عظيمة في الصّراخ عند سؤاله

وفور أن شرعت بنطق أوّل حرف، تمالكني إحساس غريب، أحسست وكأنّني أستيقظ من سبات عميق، أحسست بالإرهاق، بالكثير منه، بدت الرّؤية ضبابية فأخذت أغمض عينيّ وأعاود فتحهما من جديد علّ الطّريق تتّضح لي، لم يعد أمر معرفة هوية الشيخ يهمّني بقدر ما همّني ما قاله … فجأة أضاءت الطّريق أمامي أكثر!

وكأنّ دنياي لبست حلّة جديدة ووجدتني أمضي قدماً في طريقي، شعرت برغبة عظيمة في التّقدّم، لم يعد يهمّني ما حدث ورائي للتوّ، لقد نسيته كلّيّا لكنّني أبدا لن أنسى تلك الدّروس ….

ميساء دردور

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman