الرئيسية / قصة / عاشق الورد …/ بقلم: عنان محروس

عاشق الورد …/ بقلم: عنان محروس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عاشق الورد …/ بقلم: عنان محروس

……………….

 

ذات صباح مشرق

أربعيني وسيم .. تأنق كعادته كل يوم .

لم يشرب قهوته التي هجرها منذ فترة ليست ببعيدة حفاظاً على صحة قلبهِ المتُعب .

نفضَ عن قسمات وجهه ذلك الحزن الظاهر ليرتدي ابتسامة يروضها داخل أعصابه المُتقدة دوماً .

فيتحول حزنه إلى ألمٍ مخفي يغادر ملامحه لينتمي إلى نبضه،

لا يفضحه إلا بعض من زفرات عبثية وتنهيدات صادرة من أعماقه الكئيبة

هرول مسرعاً .. انطلق ليراها ،

موعدٌ يومي لا يخلفه .

 

طالع بعيونٍ ولهة جمال وردته البيضاء التي كان يراقبها منذ بداية تفتحها في حديقةٍ عامة قريبة

همس بفرح:

الحمد لله أنتِ بخير .

 

نسمةٌ رقيقة حركت ساق الوردة فمالت على صديقتها خجلة منتشية

وأصبحت توشوش أترابها:

 

” هذا إنسان، نعم، أعلم.

لكن يهمه أمري .. يعشقني .. أبداً ما حاول قطافي ، لم يجرب مرة أن يقتنص مني الحياة لإسعاده حيناً من وقتٍ فانٍ .

يصورني فكرة لأزهر في عينيه مطلع كل فجرٍ ويشيع في نفسي كل يوم الأمل والاطمئنان ”

تنهدت الوردة :

” ليس كل البشر سواء ..

 

بعض البشر إنسان .. ”

يوقظ السكون والأمان من سباته .. عامل شاب يقطف الورود بوحشية من حديقة مجاورة

ويسبر من خلال مقصه الآثم غور الربيع والسعادة ليحوله إلى حلمٍ شاحب

 

يقتل الحياة والجمال ليجعلها قرباناً مؤقتاً من فرحٍ زائل سيذبل بعد حين،

ثم يرميها في شاحنته الصغيرة على عجل بقسوة .

وكأن فطرته أوجبت عليه إخفاء معالم جريمته

قبل أن يُحلّق الغراب فوق رأسه، منذراً بالخراب والشر

الحسرة والوجع قتلت روح الأربعيني المسكين عاشق الورود

فسبق تفكيره صوت صراخه:

 

اللعنة .. لا تقطفها .. اتركها تعيش ضحك الشاب بسخرية متجاهلاً مستغرباً ..

وقاد شاحنته مبتعداً

 

عاد الرجل إلى بيته منهكاً من منظر ذاك العامل السفاح .

عند المساء

وصلتهُ باقةَ وردٍ من صديقة .

إحدى المجني عليهنَّ، صديقته الوردة البيضاء.

ألقى بجسدهِ المتهالك في أحضان اليأس وصرخ بصمت

 

قُتلتْ ..

 

لبرهة من الزمن دارت الأرض به وأطلق العنان لكل حزنه المُختفي ليعلنه جبينه وتفضحه عيناه الدامعتان،

إلى أن أيقظه صحو الواقع ثم استجمع شجاعته ليقرأ بضعة أسطر في بطاقة صغيرة:

” أعلم أنك تلعنُ قاطفيها، لكنّ قدرها ساقها إلى حتفها ..

فخيرٌ لها أن تكون من المحظوظات فتقضي ما تبقى لها في هذه الدنيا من سويعات بقربك ”

—————-

القاصة والروائية عنان محروس….

من المجموعة القصصية أغدا ألقاك..

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman