الرئيسية / مقالات / بحاجة لثورة في العقل/ بقلم: شاكر فريد حسن

بحاجة لثورة في العقل/ بقلم: شاكر فريد حسن

 

 

 

 

 

بحاجة لثورة في العقل

بقلم: شاكر فريد حسن

……………..

تعيش مجتمعاتنا العربية في محن وأزمات ثقافية وسياسية وفكرية وحضارية، وتشهد منذ عقود طويلة الكثير من المشاكل والعوامل التي تهدد وحدتها البنائية ومستقبلها المنظور، وتواجه الغزو الثقافي المتعولم الذي يهدم القيم والعادات والأخلاق والعلاقات والمنظومة الاجتماعية، ويدفع بها نحو الاحتراب الداخلي والفوضى الخلّاقة والتمزق والتفكك الاجتماعي.

يضاف إلى ذلك محنة ومأساة الثقافة العربية وتهميشها، ومعاناة المثقفين العرب وسقوط العديد منهم في براثن التدجين، ناهيك عن تراجع الإبداع الثقافي والفكري وفشل المشاريع الثقافية النهضوية والتنموية الإصلاحية، نتيجة النكسات والهزائم والخيبات التي منيت بها أمتنا وشعوبنا العربية.

من جهة أخرى تجتاح هذه المجتمعات ظواهر سلبية مدمرة وأدران وأمراض اجتماعية مزمنة، وغارقة في غياهب الجهل والتخلف والأمية، وتتكاثر فيها قوى الظلام والإرهاب والتطرف والتكفير والمتاجرة بالدين، والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا تتغير وتزداد سوءً، وما الانتفاضات والحراك الشعبي والجماهيري الحالي في عدد من الأقطار العربية إلا تعبيرًا عن ذلك، وإن تغير شيئًا فهو القشور ليس إلا. فالأنظمة الحاكمة فاسدة، وهي بنيات مكتملة يستحيل تغييرها، وان تغيرت الشخصيات، ومن أجل التخلص منها نهائيًا فيجب اجتثاث كل رموز النظام وما يتعلق به من الجذور، واستبدال الثقافة والإيديولوجيا السائدة.

لا يمكن إحداث التغيير المنشود والمطلوب والمرتجى في المجتمعات العربية بدون ثورة حقيقية في العقل والفكر، ثورة على التقاليد المتوارثة البالية والأفكار الجامدة المتحجرة، ثورة على المتاجرين بالدين والتفسيرات الخاطئة والمنحرفة لجماعات التكفير والإرهاب والتطرف الديني، وثورة تنسف الأفكار والمعتقدات السلفية وتطيح بالخرافة والأسطورة، وبناء نسق معرفي مستنير يقوم على أعمال العقل وتنصب العقل امامًا وملكًا واميرًا.

ولكي تتخلص مجتمعاتنا العربية الحديثة من المكابدة ومن أزمتها الحضارية الفكرية، ففقط من خلال الثقافة العلمية والفكرية المستنيرة، التي لا تنعزل عن تراثنا ولا عن عصورنا وشعوبنا، وتعتمد الطابع الفلسفي المعرفي العميق المشبع بقيم الحرية والكرامة الإنسانية والأصالة العربية التاريخية، وقبل أن نبدأ بالثورة الثقافية والعلمية وعمليات الإصلاح الجذرية يتطلب منا أن نتخلص ونحارب الفساد الكامن في ذواتنا ونفوسنا.

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman