الرئيسية / قصة / لم يكن انتظاري مُملّا في محطة القطارات/ بقلم: عطا الله شاهين

لم يكن انتظاري مُملّا في محطة القطارات/ بقلم: عطا الله شاهين

 

 

 

 

 

لم يكن انتظاري مُملّا في محطة القطارات

بقلم: عطا الله شاهين

…………………

أذكر بينما كنتُ انتظر قطاراً في محطّة قطاراتٍ شعرت في البداية بمللٍ مجنون دبّ فيّ ذات مساء بارد، ورحت أتمشّى على رصيفِ المحطّة علّني أبدّد الملل، ودخّنت سجائري بعيدا عن المسافرين، الذين كانت وجوههم عابسة مثلي، كنت ارتجفُ حينما سرتُ على رصيف محطة القطارات، فالقطارُ الذي كان سيقلّني إلى وجهتي تأخّر على غير عادته في ذاك المساء البارد،

لكنّ امرأة اصطدمت بي بشكلٍ عفوي بينما كانت تسير على الرصيف، واعتذرت منّي وراحت تجلس على مقعد خشبي، قلت: لربما تنتظر قطارها، اندهشتُ منها حينما رأيتها تتناول كتاباً وراحت تقرأ رغم البرد، فقلتُ: لربما هي رواية مشوّقة ولا تهتم للبرْدِ، كانت تنظرُ إلى ساعتها باستمرار، وفي النهاية تعبتُ من السير والوقوف على الرصيف، فجلستُ بجانبها ورأتني أتثاءبُ، وراحتْ تتثاءبُ هي الأخرى مثلي، وحين نظرتُ صوبها ابتسمتْ بابتسامة خجولة، فابتسمتُ لها، لكنني آثرت الابتعاد عنها، رغم أنها بدّدت مللي من انتظارٍ مجنونٍ، وبعد دقائق من جلوسي بجانبها وصل القطار، وصعدتُ إليه عبر درجات حديدية، وابتسمت لي المضيفة التي كانت تستقبل المسافرين، وخطوت صوب المقصورة ونمتُ على السرير من شدة التعب،

ولكنني نهضتُ من نومي فجأةً، فوجدتُ تلك المرأة التي رأيتها في محطة القطارات تجلسُ بجانبي، وتقرأ رواية، فنظرتْ صوبي، وابتسمتْ، لكنّ القطارَ توقّف على رصيفِ المحطّة الأولى، وأنزلَ رُكّاباً، فقامتْ المرأةُ من على مقعدِها، وقالت: أتمنّى لكَ سفراً موفّقاً، وابتسمتْ، فابدلتها ذات الابتسامة وشكرتُها، وقلتُ لها: أنت التي بددتِ مللي في محطة القطارات، ونزلتْ من عربة القطارِ، وظلّتْ تنظر صوبي، وتبتسمُ وقبل وقوفها على رصيف المحطة ناولتني عنوانها ورقم هاتفها على قصاصة ورقٍ قطعتها من كتابِ الرواية، فلم يكن حينها هواتف خلوية، ومع مرور الزمن أضعت قصاصة الورق، لكنني لم أنسى تبديدها الجميل لمللي، لماذا؟ حتى الآن أبحث عن سرّ فرارِ مللي من رؤيتي لتلك المرأة ذات مساءٍ بارد، بالتّأكيد يوجدُ سرّ، ربما كانت امرأة مختلفة عن الأخريات بهدوئها المجنون، وهدّأت أعصابي بنظراتِها الغريبة والجاذبة…

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman