الرئيسية / إبداعات / يا ثلجُ … انثرْ شعري وريقاتِ حبٍّ / بقلم: مرام عطية

يا ثلجُ … انثرْ شعري وريقاتِ حبٍّ / بقلم: مرام عطية

يا ثلجُ … انثرْ شعري وريقاتِ حبٍّ / بقلم: مرام عطية

_____________________________

ما أبهاكَ رسولاً للسَّلامِ  .!

حين خرجتُ إلى مدرستي النائيةِ لأزرعَ النُّورَ في عقولِ الناشئةِ ،كنتَ مثلي تخيطُ بمهارةٍ للأرضِ ثوباً أبيضَ ناصعاً ،توشِّيهِ بحباتِ البرتقالِ الناضجةِ ،و تعطرهُ برائحةِ الصنوبرِ و الياسمين، وهي تتهللُ فرحاً بينابيعها الرقراقة ، وترسلُ شلالاتِ جداولها لريِّ الزروعِ العطشى الممتدةِ لأقاليمَ بعيدةٍ ، بينما حقولها الخصبةُ تضفِّرُ شعركَ الطويلَ بشرائطَ خضراءَ و بنفسجيةٍ على أطرافِ الوادي الحبيبِ ، فتغري براعمَ الطفولةِ بضمِّ كراتكَ المائيةِ و صنعِ ألعابٍ وتماثيلَ خياليةً ترضي بها طموحها الوثابَ وأحلامها الورديةَ

وها أنا أعودُ من عملي الشاقِّ وأنت لم تنتهِ من تصميمِ وشاحٍ بهيٍّ لمليكةِ الطبيعةِ

يا للدهشةِ! أراكَ قد جهَّزتَ لي عرباتكِ الطافحةَ بالزمردِ والياقوتِ لتقلني إلى منزلي باطمئنانٍ وحبورٍ.

سقاكَ الله الجمالَ – يا ثلجَ المحبة – لا تنسَ نشيدي، انثرْ شعري وريقاتِ حبٍّ، وبذورُ رحمةٍ على المسكونةِ كلِّها

في صدري أمواجُ حبٍّ لا تهدأ، وأوجاعٌ لأبناءِ وطني عن مقلتيَّ لا تغيبُ، امزجها مع أمواهكَ النقيةِ، وانثرها مع حكاياتكِ الليلكيةِ لتصيرَ ترتيلةً مقدسةً في كنائسِ الأرضِ وأبراجِ السماءِ:

كاد الزمهريرُ يصفِّدُ عشبَ ضلوعنا، وأوشكَ الصقيعُ يصطادُ أسماكَ فكرنا، جفَّت مراجلُ كرمِنا الأصيلةُ، اتحدتْ مع رياحٍ خماسينيةٍ لم تعرفها أطالسُ الجغرافيا ولا سمعتْ بها أذنٌ بشريةٌ في عصرِ الاتصالاتِ والإنترنت

يالونَ الرحمةِ ، دقَّ – بأناملِ طفلٍ يرتجفُ برداً، وبصوتِ عجوزٍ بعثرتْ أبناءهُ الحربُ ،وبوجهِ امرأةٍ فقدتْ من يعيلُ أبناءها ، وبعيني أنثى تحلمُ بدفءِ الأمومةِ الضائعةِ منذُ أمدٍ – دقَّ  أبوابَ الملوكِ والأمراءِ ، و لا تنس أن تطرقَ أبوابَ رؤوسِ أموالِ النفطِ والغازِ  بفؤاد أبٍ سرقتْ الحربُ قوتَ أبنائهِ و منزلهم ، عساكَ توقظُ ضمائرَ التجارِ الطامعين بعرق الفلاحين وقوتِ الفقراءِ ، فيعودُ الأبُ لمنزلٍ دافئٍ حاملاً لأبنائهِ حفنةً من زبيبِ الكرامةِ و بضعَ حباتٍ من كستناء الإنسانيةِ اللذيذةِ يحلمُ بها كانونهُ الشتويُّ المتهالكُ من سنينٍ  .

___________

مرام عطية

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman