الرئيسية / حوارات / حوار مع الشاعر والكاتب عبدالباري أحمه/ أجرى الحوار: نصر محمد

حوار مع الشاعر والكاتب عبدالباري أحمه/ أجرى الحوار: نصر محمد

عبد الباري أحمه

حوار مع الشاعر والكاتب عبدالباري أحمه

أجرى الحوار: نصر محمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معه تعشق الحروف كلماتها. وترقص على إيقاع قصائده القلوب بأحاسيس مرهفة وصادقة. يحتضن العقل بواعث الإبداع. وينسج منها بألوانه وذائقته مملكته الشعرية التي يمتلكها دون منازع. في كلمته التي يصوغ منها شعرا. شلالا من الإبداع اللغوي والإنساني. يرسم من خلال قصائده عالما سرمديا مزينا بالصور والأخيلة.

إنه الشاعر والكاتب عبدالباري أحمه ضيفنا وضيفكم لهذا اليوم. عبدالباري أحمه مواليد 1958، دبلوم التربية الرياضية ـ دمشق 1981، كان مهتما بالقراءة منذ المرحلة الإعدادية وأيضا كان مهتما بالأدب والفلسفة والتاريخ

1975 كانت تجربته الأولى مع التمثيل والمسرح مع المخرج أحمد شويش ثم عمل مع المخرج سمير ايشوع وفي دمشق مع المخرج عدنان جودة. كتب الشعر النثري وما زال يكتب هذا النوع، أحيانا يكتب شعر الهايكو، ويكتب المقالة السياسية والدراسات الفكرية والتاريخية. وتم نشر أغلب هذه الدراسات في المجلات والصحف المحلية. له ديوان على شكل ملحمة تحت الطبع…بعنوان جدارية المنفى في زمن التأويل.

 

انبعاث الحجل…

 

للمنسيّ في هزائمهِ

في غربتهِ

صلاةٌ للغائبِ العاشقِ

أنا الصباحُ

أنا محفلُ العائدينَ إليَّ

ملحمةٌ / إبتهالٌ

على خُطى الفارّينَ

المنفيين في الأنفاسِ منتصفها

أنا وطنٌ

أرضٌ

أنا جرسٌ مثقلٌ بالأنينِ

أنا الصباحات كلّها

مناجلٌ وسنابلْ

أنا اللهاثُ خلفَ الفراشاتِ

أنا النسيمات في وجنتي النارنجِ

كفانا يا حجلُ

نبؤاتٍ وتنبؤاتٍ

كفانا دحرجاتٍ للخلفِ

كفانا ضياعاً في عواصم التيهِ

نشم النهاراتَ في أزقتهمْ

كفانا هروباً من الذاكرةِ

من تخمةِ الأماكنِ

من صخب النحنحاتِ

والفراشاتِ المرتجفاتِ

المرتعشاتِ / الخائفاتِ

من الصواعق المخبئةِ

في الأزقةِ والمنتزهاتِ؟

 

س _بداية. نرحب بك شاعرنا وكاتبنا المبدع في هذه الفسحة الحوارية. التي نتمنى صادقين أن تسافر بنا عبرها. وبالأحبة القراء إلى عالمك المليء بروعة الحياة وجمال الروح وبهجة العلم ونور الحكمة. وأول سؤال نود منك الإجابة عليه. من هو عبدالباري الشاعر والإنسان؟

 

ج _عبدالباري مثله مثل أي إنسان يعشق الأرض والناس. والشعر بالنسبة لي محبة الناس والوطن.

والإنسانية أعلى مراحل الثقافة التي نعمل بالوصول أليها.

 

س _ كغيرك من الشعراء والأدباء لابد أن تكون لديك بدايات على درب الأدب والكلمة الجميلة. متى وأين كانت أول تجربة شعرية لديك؟

 

ج _ البدايات كانت منذ المرحلة الثانوية وهي كانت عبارة عن خربشات غير دقيقة وعير صالحة للنشر… ومع اكتسابي ثقافة جيدة في هذا المجال ومن ثم كان عشقي للشعر الأمر الأهم في كتابة بعض القصائد القصيرة… حاليا أجد بأنني اكتب وكأنني لم أبدأ

 

س _ ما رأيك بقصيدة النثر. والى ماذا يشير إقبال الكثير من الشعراء على كتابة هذا النوع من الشعر؟

 

ج _ قد يعتبر البعض بأن قصيدة النثر عبارة عن تركيب بعض الجمل .. أنما الحقيقة هي أرق ينتابني حين أكتب هذا النوع الجميل، وربما البعض يعمل على كتابة هذا النوع من القصيدة كتحصيل حاصل …لأن كتابة القصيدة الموزنة تتطلب قواعد وأسس صعبة… لهذا تبقى القصيدة النثرية السهل الممتنع ولكن حذار من يكتبها ولا يعشقها؟

 

س _ يقول الشاعر المكسيكي الراحل اوكتافيو باث // الحب موقف بطولي وأعظم ابتكار للحضارة الإنسانية. // كيف توظف نعمة الحب لخدمة متخيل القصيدة لديك؟

 

ج _ أنا اعتبر الحب أعظم مشروع إنساني منذ بدء الخليقة وحتى الآن، والحب من أجمل صفات الله التي غرسها فينا.. في كل قصائدي تجد للحب مساحة كبيرة بين حروفي… وللحب أوجه عدة يبدأ بحبنا للحياة والناس والأنثى. وربما حب الوطن أجمل هذه الأنواع.

 

س _ هل يعتقد الشاعر عبدالباري احمه أن استسهال قصيدة النثر عند بعض الكتاب الشباب. زاد من سيل الرداءة التي تنسب إلى الشعر؟

 

ج _ اتفق معك عزيزي نصر بأن الإقبال المكثف على كتابة هذا النوع من القصيدة وبدون عشقها أولا وبدون قراءة واستيعاب قواعدها ثانيا جعلها بضاعة بخسة لدى الكثيرين ممن يكتبونها…. وبالنتيجة ستبقى القصيدة التي ترتقي بالفكرة والكلمات إلى أكبر عدد من القراء هي الباقية في الأذهان…

 

س _ يلجأ بعض الكتاب والشعراء إلى الكتابة ليتخلصوا من آلامهم. أو ليبوحوا بأحزانهِم. ترى لماذا يكتب عبدالباري احمه؟

 

ج _ دائما أقول الذي لا يعشق الكلمة لا يمكن أن يكتب، والقصيدة وجع يرافقنا في يومنا في حبنا في خبزنا وفي أحلامنا …. القصيدة أرق ….. المتنبي يقول: أرق على أرق ومثلي يأرقُ… يجب أن تكون الكتابة وجع وأرق وعشق؟

 

س _ ما الذي يشد الشاعر عبد الباري احمه عندما يقرأ القصيدة، هل هناك عنصر معين ينحاز إليه أكثر من الآخر؟

 

ج _القصيدة التي تعتمد على الرمز هي التي تجعلني أقرأها أكثر من مرة، والقصيدة التي تشبه اللوحة السريالية هي أيضا تشدني أكثر… لا أهتم بالقصيدة المباشرة التي لا تجعلني أغوص في معانيها… أعشق القصيدة الرمز والتي تحمل في بوحها طقوس بويهمية؟؟

 

س _ س _ كان لك تجربة في التمثيل والمسرح في أواسط السبعينات مع المخرج المسرحي أحمد شويش وسمير ايشوع، هل لك أن تحدثنا عن هذه التجربة وهل انقطعتم عنها بسبب انشغالكم بالشعر؟

 

ج _ رجعتني 45 سنة للوراء يا نصر… جميلا منك أن تدغدغ ذاكرتنا بكل محتواها… المسرح من أصعب أنواع الفنون الأدبية …. وكانت تجربتي بالتمثيل لها الفضل في صقل شخصيتي لأن المسرح هو لقاء مباشر مع الناس… بدأت تجربتي عام 1975 ولم تنتهي بعد… عملت في فرقة عمال الحسكة مع أحمد شويش ومع المخرج سمير إيشوع والمخرج عدنان جودة بدمشق…وفرق مدرسية وغيرها…. والآن أنا إداري في فرقة … كوما شانو…المسرح حياة حقيقية وليس تقليد أو تمثيل؟

 

س _ كيف يقيم الشاعر عبدالباري احمه الوضع الثقافي الكردي في سورية في ظل الأوضاع الراهنة؟

 

ج _ دائما كان الكرد ومنذ مئات السنين لا يبالون بالحروب ولا بالمجاعات بقدر ما يهتمون بالأدب… ومنذ 2011 وحتى الآن الوضع الثقافي برأي أفضل لأننا نعمل في مساحة جيدة من الإبداع… ولو كانت الاتحادات متفهمة فيما بينها لكان المشهد أكثر رقيا وإبداعا…. كل شيء ربما ليس على ما يرام أنما الآدب الكردي في تألق….

 

س _من خلال تتبعي لصفحتك الشخصية على الفيس وجدت هذا النص بعنوان الأماكن

 

// اعتذرت الأماكن عن الحضور، بل نسيت أسماءها وأرقامها وأشكالها، حين ههممتُ بالكتابة عنك، فلا أماكن في المداراتِ حين تبدأ الفراشات هسهساتها على حوافك، حتى الأرض تبدأ دورانها منك وإليك. مكاناً واحداً في فهرسي، مكاناً واحداً هو قافيتي وعنواني، أنت كل الأمكنة، تُختزل فيك كل المسافات، حتى الفضاءات تصبحُ اقماراً خافتة، والشمس تتكور حين نصلي في محرابك…قامشلو…//

 سؤالي ما هو مدى تأثرك ب قامشلو وبساطتها وماذا تعني لك وما مدى حضورها في تجربتك الشعرية؟

 

ج _أنا بقيت في قامشلو…. رغم ذلك أختنق عندما أعيش طفولتي وشبابي ورجولتي في كل لحظة… ما زلت ألعب بعيدا عن أعين الناس في أزقة حارتنا… اسرق نفسي ليلا وأتتبع خطوات طفولتي …. قامشلو عطر يطهرني من كل الأحقاد والسياسات اللعينة…. أنا أحب أذا أنا في قامشلو؟

 

س _ وسط هذا الكم الهائل من الدمار في سورية الآن. ما الذي يمكن أن يفعله الكائن الأدبي أو القصيدة بشكل عام؟

 

ج _أكيد لا يمكننا أن نرد البناء كما كان وأن نرمم ما تهدم، لكننا نستطيع أن ننشر كل ما هو جميل …. أن نغرس في النفوس كل الحب، وأن ننشر ثقافة التسامح ونشجع بعضنا على العمل وفق ثقافة العدالة الانتقالية التي شعارها التسامح وهذا أفضل من بناء المدن… بناء الإنسان أولاً؟

 

س _ يقول الشاعر محمد بنيس في حوار اجري معه بجريدة الحياة اللندنية عام 1990 // أنا لا أعرف لماذا أكتب. ولا ما لذي يدفعني للكتابة. بالتالي لو كنت أعرف ذلك لم أكن لأكتب على الإطلاق //. كيف تنظر لتفسير مجهول الكتابة ودوافعها؟

 

ج _ أختلف معه تماما…أنا أكتب لأنني أعشق الحياة والناس والوطن… أنا أكتب لأنني أعشق الأنثى والتي هي الأم والصديقة …. فالحب والوجع يدفعانني للكتابة … وألا لماذا نملك مشاعر الانتماء …؟

 

س _ قراءة الإبداع بمختلف أجناسه على الشبكة العنكبوتية الأنترنيت. هل عوضت فعلا حميمية ودفء ومتعة الكتاب الورقي؟

 

ج _بالأمس القريب كان للقراء عشق متبادل مع الكتابة والقراءة مع الورق…كنت عاشق للكتاب والكتابة قبل النت …خير جليس في الأنام كتاب…. الآن هذه الشبكة سرقت منا المتعة الحقيقية للقراءة والكتابة… رغم ذلك ربما هذه الصفحة الزرقاء تجعل من كتاباتنا في متناول أكثر القراء والأصدقاء… أمران أحلاهما جميل؟

 

س _ المهرجانات الشعرية. هل تخدم متخيل الشاعر. أم مجرد لقاء الأحبة والأصدقاء. يجمعهم قلق القصيدة وتفرقهم وحشة المسافة؟

 

ج _ المهرجانات كانت وما زالت تفرز أقلاما جيدة … ولو عمل القائمون على هذه المهرجانات بمهنية لكان لقاء يخدم القصيدة قبل أي اعتبار آخر…

 

س _ما مكانة المرأة في أشعار عبدالباري احمه؟

 

ج _أنا أعطيها صفة الأنثى…لأن الأنثى تمتلك أجمل الصفات وأرق المشاعر…ولهذا فهي تعطينا كل الحب والطاقة الإيجابية كي نستمر…فمن الأنثى التي نشرت ثقافة الأم الآلهة قبل أكثر من 10 آلاف سنة وللأنثى التي هي الآن تتحمل معنا كل أشكال القهر. رغم ذلك تمدنا بالحب بالعشق بالاستمرار والتضحية…الأنثى أجمل حروفي في كل ما اكتب…هي عطري وعشقي وبوحي وكل طقوسي؟

 

س _ يعرف أصدقاؤك في الشعر أن لديك إبداعات في فن القصة. هل أتحفتنا بالحديث عن قصصك؟

 

ج _اكتب قصة قصيرة جدا…

هذه القصص فيها من الواقعية والفانتازيا والحب…. وهي تخدم نظرتي للحياة وما قبل الحياة …واكتب ما يختلج في ذاكرتي من تراكمات…. قصصي لي وحدي…أي أنها تجاربي الشخصية في الحب والفكر؟

 

وفي نهاية هذا اللقاء الممتع والشيق، أتقدم بجزيل الشكر إلى الشاعر والكاتب المبدع عبدالباري احمه

لقد كنت صديقنا الأقرب. عرفناك أكثر وأحببناك أكثر. شكرا لروعتك ولمجهودك ولاتساع صدرك ..


عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman