الرئيسية / حوارات / نصر محمد في حوار مع الشاعر السوري مروان شيخي

نصر محمد في حوار مع الشاعر السوري مروان شيخي

الشاعر مروان شيخي

حوار مع الشاعر السوري مروان شيخي

أجرى الحوار: نصر محمد

ـــــــــــــــــــــــــــ

شاعر سوري شاب رائع وجميل دخل القلوب من خلال كتاباته التي تحاكي الواقع وتدغدغ الأحاسيس وهو من الشعراء الذين يتقنون أفضل ترتيب للكلمات حين يكتب وحين يتحدث بلطف مع الآخرين. على المستوى الشخصي فهو أنيق ومرتب. أنه شاب في بداية الخمسينات. مشى الشيب آلاف الخطوات في شعره. دون أن يصدر ضجة واحدة. المتقن لفن العيش يجعلك تتفاءل وتدرك أن هناك حياة ممتعة تنتظرك بعد الخمسين. هو الشاعر مروان شيخي ضيفنا وضيفكم لهذا اليوم…

مروان حسام الدين شيخي مواليد سوريا مدينة عامودا 1966، خريج معهد إعداد المعلمين 1989، معلم متفرغ لتدريب وتنمية مواهب الطلاب الموهوبين في كتابة الشعر.  معد ومقدم برنامج قناديل الثقافية في فضائية روج آقا، كتب الشعر منذ منتصف الثمانينات ونشر أولى قصائده حينها في الجرائد والمجلات السورية ثم بدأ النشر في المجلات العربية والعالمية والكردية.

صدر له مجموعة شعرية عام 1999 بعنوان (جسد لا يحتمل أعضاءه) عن رابطة كاوا للثقافة. ديوان شعري بعنوان “أقودُ بكِ الغربة” عام 2018 صادرة عن اتحاد كتاب الكرد-سوريا. كتاب قناديل سيرة ذاتية الجزء الأول لخمسين شاعر وكاتب إصدار تلفزيون روج آفا.

شغل منصب نائب رئيس لاتحاد كتاب الكرد -سوريا لمدة ثلاث سنوات، عضو اتحاد مثقفي الجزيرة، عضو شعراء قصيدة النثر العربية…

له مشاركات بقصائد في كتاب شعراء بلاد الشام، شارك بأمسيات شعرية في أغلب المحافظات السورية وفي لبنان، عمل محررا في مجلة ثقافية في لبنان، شارك بالكثير من المسابقات الشعرية محلياً وعربيا ً، ينشر في المواقع الثقافية الإلكترونية،

لديه مخطوطات شعرية غبر مطبوعة تتجاوز خمسة دواوين

 

أنا الصبر ُ ..

في جسد ٍ لا ينام ْ

نديمي الليّل ُ

وبُكائي هديل ُ حمام ْ

أنا الصبار ُ..

النخيل ُ وحزن ُ الناي

حين َ يموت ُ الكلام ْ

أنا الساعي في ضياعي

في صحراء ِ الرغبة ِ

ذئب ٌ يخرس ُ الأغنام ْ

 

س _شاعرنا مروان شيخي. كيف تقدم نفسك للقراء، ومتى قلت في نفسك أنك شاعر؟

 

أقدم نفسي في هذا النص والنص الذي سبق ونشرته في السيرة الذاتية (أنا الصبر)

منْفيٌّ أنا في بلاد ٍ خجولة ٍ

لا شجرةَ تسندُ وحدتي

ولا ثمار ْ..

أغمض ُ جناحاي على جسدي

وأغسل ُ بالدمع ِ ما أصابني

من غبار ْ..

صهيل ُحنيني يعبث ُ

بوردة ٍ بوحا ً

ويقايض ُ الذبولَ كي

لا ينهار ْ…

أما عن سؤالك متى قلت في نفسك أنك شاعر فأنا لم أقل يوما أنني شاعر لأن هذا الأمر والصفة متروكة للقراء وهم الذين يحكمون أن كنت شاعرا أم لا وبدوري أقول لا زلت تلميذا أكتب وأتعلم في مدرسة الحياة.

 

س _ لكل شاعر مفكرته الشخصية الخاصة به. ماهي معالم مفكرة مروان شيخي الشعرية. وأين يقع الإنسان فيها؟

 

ج_ مفكرتي الشخصية مليئة بالأحزان والدموع والتعب من المحطات التي أثقلت كاهلي بأعباء الحياة.

الإنسان وسعادته كان الشاغل الرئيسي في أغلب كتاباتي كوننا نعيش لأجل استعادة إنسانية الإنسان التي صادرتها الأنظمة السياسية والعقائد الدينية وسيطرة المادة على الرّوح.

 

س _ كيف تولد القصيدة لديك. ومتى تحس أن القصيدة التي أنجزتها أصبحت مكتملة؟

 

ج ـ ولادة القصيدة لها حالات خاصة أحيانا تحتاج لظروف ومحرضات خارجية وداخلية متمثلة بطبيعة الموقف الذي يجتاحني.

القصيدة دائما بحاجة للمراجعة ولا اعتقد أن هناك قصيدة مكتملة حتى بعد نشرها فهي تشبه الإنسان في حالاتها تبقى دائما بحاجة للتجميل وإعادة الصياغة وخير مثال على ذلك عندما ننظر لقصائدنا القديمة نراها وكأننا لسنا من كتبها كونها بحاجة للتغير بتغيير ثقافتنا وأمور الحياة ولكن رغم ذلك لا نستطيع أن ننكر بأنها ليست قصيدة جميلة ومكتفية كل شروط النص الأدبي.

 

س _ قصيدة النثر كيف تراها. وهل أخذت مكان الشعر العمودي؟

 

ج _ يقول إليوت “الشعرُ ليسَ تعبيراً عن المشاعر بلْ التخلص منها. وقد سقطت عديد تعريفات الشعر ونحنُ نعيش عصراً غير موزون ولا مقفى لذا بإمكاني القول بأن الشعر شعر في كل أشكاله. لماذا نصرّ أن الشعر إذا لم تكن له قافية وموسيقى ووزن ليس شعراً أما لحن فنانون كثر القصيدة النثرية بموسيقى متطورة وبقافية رغم نثرية النص فَلِمَ هذا التناقض. أليس كل ما يحدّ الإبداع فهو رجعي كما يُعبّر الروائي الرواية ماركيز؟

أنا لستُ ممن ينكر وجود أنواع الكتابة الشعرية وإن كنت قد اخترت قصيدة النثر وضمن قوسين (الومضة) كحالة خاصة فيّ رغم أني مارست الكتابة بكافة أشكالها إلى أن اختصصت في هذا النوع المختصر المفيد

وليس هناك شعر أخذ مكان غيره طالما الحياة والفكر والثقافة في تطور دائم ولكل زمن خصوصيته وحاجاته

 

 س _ ما نوع الشعر المفضل لديك. العمودي. التفعيلة. النثر. الومضة ولماذا؟

 

ج_ ليست هناك شعر مفضل على الآخر لدي طالما يُمتعني بجماله وروحه وتُمثل حالتي التي أكون فيها.

 

س _ الشعر الفن المدلل الذي ربا عمره على الخمسة آلاف عام هل يتحول إلى حمل وديع لا يأبه له القطيع في الأيام القادمة؟

 

ج _ ذكرتني بسؤالك هذا بالشاعر العراقي عواد ناصر حينما راهن على أن الشعر مرض غير معدٍ، لكنه أيضا علاج.

وهناك دراسة علمية وضعها طبيب أميركي أثبت فيها أن مرضاه من ذوي الاحتياجات الخاصة تعافوا أو خفّت معاناتهم بعد أن كتبوا شعرا.

لذلك فالشعر والموسيقى ومعظم الكتابات الأدبية ستكون مثل نهر جار ٍ دون أن ينتبه للقاذورات التي ترمى فيه، ومنذ بداية تكوين الأرض لم ينقطع الشعر وسيستمر مع استمرارية الحياة.

 

س _ الشعر دهشة إبداعية. في المحاكاة والتفاعل. ماهي المؤثرات في الإبداع الحقيقي. وهل من سبيل إلى تطويرها؟

 

ج _ قبل التطرق للمؤثرات في الإبداع لا بدّ من معرفة الإبداع فالإبداع لغةً هو بدع الشيء: أنشأه على غير مثال سابق فهو بديع، وابتدع الشيء: اخترعه، والإبداع عند الفلاسفة: إيجاد شيء من العدم، كما جاء في المعجم الوجيز.

ويمكننا النظر للإبداع على أنه نشاط عقلي مركب، موجه، وهادف، يتكون من عدة مراحل متتابعة يستخدمها الفرد في إنتاج أكبر قدر من الأفكار المتنوعة والمتعددة الاتجاهات لمواجهة مشكلة ما، والتي لم يسبق الوصول إليها من قبل، كما تتسم بالصبغة الشمولية.

وهذا يقودنا لمعرفة المؤثرات في عملية الإبداع والتي تكون حاضرة دائما في الحياة

فالأحداث والمؤثرات النفسيّة والجسديّة التي تمرّ بالإنسان، والتي تسبّب له الحزن أو الألم … كل ذلك يحث المبدع في إضفاء الدهشة على ما يكتبه.

وأما بخصوص ما ذكرت في صيغة السؤال هل من سبيل إلى تطويرها أحسّ بأني لا أستطيع تفسير تلك السبل طالما ذكرتها في السياق من حالات نفسية وجسدية للشاعر.

 

 س _لدى مروان شيخي الكثير والعديد من النصوص الشعرية أي نص تراه قريبا منك؟

 

ج_ أغلب النصوص بالتأكيد تمثلني طالما هي وليدة لحظة ومخاض عانيته عند الكتابة ولكن بالتأكيد لكل شخص منا كاتبا أو فنان هناك شيئا ما يمسّ الرّوح أكثر لذا اخترت هذه الومضة

عامودا

لِمَ كان لاسمك ِ

ترتعش ُ الحقول ْ

تبكي السنابل ُ

والرّيحُ تقرأ فيكِ

كلّ الفصول ْ…؟

 

س _ لا شك أنك مررت بمواقف في مشوارك الشعري. ما الموقف الذي آثار قريحتك وكتبت بعده بعمق؟

 

ج_ لكل كاتب أو شاعر عندما يكتب يستمد كتابته من موقف حدث معه أو مع غيره وعاش الموقف بإحساسه أغلب ما أكتبه مرتبط إما بموقف أو بحدث. المواقف التي تفرض نفسها علي كثير، والأحداث التي تتحرش بذهني أكثر والموقف الذي آثار حفيظتي على الكتابة ميلاد بنتي في هذه الظروف المادية والحرب والدّمار فكتبت نصا في عيد ميلادها بحزن مبكي.

 

س _ العديد من الكتاب والشعراء الكرد يمارسون الكتابة باللغة العربية وليس بالكردية وأنت واحد منهم. هل تشعرون باغتراب عن اللغة الكردية الأم؟

 

ج _ اللغة أولا وأخيرا وسيلة تفاهم وتعبير عن الشعور وباعتقادي ليست هناك اغتراب لغوي طالما درست العربية وكل مطالعاتي كانت بالعربية منذ طفولتي ولغاية الآن وبما أنني أعيش الحياة باللغتين لم أحسّ يوما أنني مغترب كوني أعيش على أرضي وأمارس لغتي حينما أشاء، وسؤالك هذا لو كان موجها لشاعر عاش خارج بلده لأحس بالاغتراب لغة ومكانا.

 

 س _ تتميز كتابات المثقفين الكرد عموما برصد واقع المعاناة ما رأيك في ذلك ك كاتب كردي سوري؟

 

ج_ أعتقد أن الأدب وظيفته الأساسية إظهار مواقع المعاناة بكافة أشكالها من حب ّ واغتراب وحرب وظلم والقائمة تطول ولا ينطبق هذا على المثقف الكردي وحده فكل شاعر وكاتب لسان المجتمع ومرآته.

 

 س _ يساهم الأدب في بناء شخصية الطفل. وينقي منظومة القيم الإيجابية للناشئ. لماذا لم تكتبوا شعرا خاصا للأطفال وكنتم تكتفون بما يتسرب في جسد القصيدة مما له علاقة بعالمهم. وأنت شاعر ومعلم وثيق الصلة بهم؟

 

ج_ لقد كان لي محاولات في الكتابة للطفل وهنا سأورد لك مقطعا من احدى النصوص التي كتبتها:

جئت ُ أنظم حياتكم

وأبدد الملل

أحيا بكم مجددا

وأرمم الخلل

أحبتي هاكم يدي

معا نقضي على الخلل

ألعبوا جدّوا ,ادرسوا

وغنوا أنشودة الأمل

لأجلكم أنا هنا

لأجلكم كل القُبل

 

س _ هل يمكن أن تحدثنا بإيجاز عن مجموعتك الشعرية // جسد لا يحتمل أعضائه //؟

 

ج_ كان هذا ديواني الأول والذي أصدره الراحل مشعل تمو عن رابطة كاوا للمثقفين الكرد ويحتوي الديوان على كمية كبيرة من الحزن والتشتت والاغتراب المكاني وخاصة عنْوَنتُ الديوان بجسد وطن ملّ من أعضاءه المبعثرة.

س _ مروان شيخي معد ومقدم برنامج قناديل الثقافية في فضائية روج آقا. كيف تجد العلاقة بين الأدب والإعلام من خلال تجربتك هذا؟

 

ج_ الصلة بين الأدب والإعلام صلة وثيقة، والعلاقة بينهما حميمة، والأدوار التي تؤديها في خدمة الفرد والمجتمع أدوار تكاملية، هي في الأساس علاقة جدلية خاصة وللإعلام لغته الخاصة وللأدب لغته الخاصة، حيث أن العلاقة بينهما علاقة ملتبسة متعددة الأوجه، فالإعلام يحتاج إلى الأدب والأدب بحاجة للإعلام للترويج له وما يكتبه الأديب وهذا ما أحاول تقديمه من خلال برنامجي قناديل

 س _ النص الأدبي أفق واسع يحمل أبعادا إنسانية وفنية. ما شروط خلود النص الأدبي؟ وكيف للأديب أن يوقع بقلمه في سجل الخالدين؟

 

ج_ قلت بنفسك أن يكون للنص الأدبي أفق واسع ويحمل أبعادا إنسانية وفنية وخلود هذا الكائن إنما هو بقاء مقرون بالتأثير والتأثر، أو هو بقاء قابل فاعل، أو هو الحياة، فالأثر الأدبي كالأثر المادي سواء في أن كلا منهما لا تتحقق له صفة الخلود إلا إذا امتاز بصفات وخواص تؤهله لذلك. وأحب التنويه هنا بأن النصوص التي بقيت خالدة ليست في زماننا هذا كون الزمن تغير وكون تلك النصوص والكتابات كانت تاريخية لافتقادهم الإعلام الذي ما وصلنا إليه حاليا أكثر مما تكون خلودا والدليل هناك نصوص لا تستحق أن نصفها بالإبداع وإنما بقيت خالدة بمرور الزمن مثل (ربابة ربة البيت تصب الخل في الزيت …. الخ)

ما علاقة الخلود والإبداع في هذه القصيدة كونها للتاريخ أكثر ما تكون للخلود.

 

س _ في رأيك إلى أي مدى وصل الشعر في الساحة الأدبية اليوم وهل تراجع عما كان عليه في السابق؟

 

ج_ أبدا الشعر كالماء الجاري دائما في تجدد مستمر والدليل إحداث مدارس كثيرة في الشعر ولا يجوز أن نحكم على تراجع الشعر من خلال كثرة المتطفلين على مائدته.

 

في نهاية هذا الحوار لا يسعني أستاذي الكريم إلا أن أشكركم

على سعة صدركم ورحابة أفقكم لأنكم اقتطعتم حيزا ثمينا من وقتكم لتحلقوا بنا بعيدا في فضائكم الشعري الساحر حيث تشدو الحروف بانغام التسامح والمودة والحب.


عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية Hejmara (21) a Kovara Şermola Derket

  صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية   صدر العدد (21) ...

السهل الممتنع في ديوان “للحبر رائحة الزهر” للشاعر نصر محمد/ بقلم: ريبر هبون

وظف نصر محمد الإدهاش مغلفاً إياه بالتساؤل مقدماً اعترافاته الذاتية على هيئة ...

شعاراتٍ العربْ / بقلم: عبدالناصرعليوي العبيدي

فــي  شعاراتٍ العربْ دائــماً تَــلقى الــعجبْ . رُبّما  المقصودُ عكسٌ لستُ أدري ...

 القراءة :النص بين الكاتب والقارئ/ بقلم مصطفى معروفي

من المغرب ــــــــــــ بداية نقول بأن أي قراءة لنص ما لا تتمكن ...

جديلة القلب/ بقلم: نرجس عمران

عندما تضافرتْ كلُّ الأحاسيس في جديلة القلب أيقنتُ أن رياحكَ هادرة ٌ ...

على هامش تحكيم مسابقة تحدي القراءة / فراس حج محمد

من فلسطين تنطلق مسابقة تحدي القراءة من فكرة أن القراءة فعل حضاري ...

نســـــــــــــرين / بقلم: أحمد عبدي 

  من المانيا “1”   توقف البولمان  في المكان المخصص له  بعد ...

أناجيكَ ياعراق / بقلم: هدى عبد الرحمن الجاسم

أناجيكَ بين النخلِ والهورِ والنهرِ وأشكو لكَ الإبعادَ في الصدِِّ والهجرِ إلامَ ...

واحة الفكر Mêrga raman