الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / قهوتك يا أبي برائحة وطن/ بقلم: رشا السيد أحمد

قهوتك يا أبي برائحة وطن/ بقلم: رشا السيد أحمد

قهوتك يا أبي برائحة وطن/ بقلم: رشا السيد أحمد

ـــــــــــــــــــــــ

كم أشتقت قهوتك العربية يا أبي تلك التي كنت أصحو على عطرها وهي تعطر جنبات البيت الكبير وكأنها تقول لي أصحي هاقد أطل الصبح البهي وقهوة والدك العربية الممزوجة بأحاديث الود بينه وبين ست الحبايب تملأ الأماكن حنانا وطمأنينة.

فبعد تلك السنين الطويلة على أول نظرة للود بينهما ما زال يطيب له أن ينادي أمي خدوج بدل خديجة وكلما سمعته يناديها خدوج تفتر ابتسامة عريضة على شفتيها تخرج من قلبها

(فتقول .. عيونها جاية) تلك المرأة عاشقة الياسمين وكل امرأة تعشق الياسمين تملك قلبا أرق من النسيم وأعطر من عطور الكون كلها

لم تغير السنين من ودهما بل زادتهما قربا وودا

 

أبي لماذا قهوتك العربية يجب أن تكون جاهزة مع كل صباح باكر؟

يا أبنتي مضافتنا يجب ألا تخلو من القهوة العربية كمضافة جدك رحمه الله

إكرام الضيف يبدأ بفنجان أهلا وسهلا وضيوفينا دائمين وعزيزين

 

أتذكر كلماتك يا أبي، فلكثرة ما كنت تكرم ضيوفك كنت أظنه من المحرمات عدم الحفاوة البالغة بالضيف من لحظة وصله للحظة مغادرته

كلمتك الحبيية في قلبي تضيء

((الكريم حبيب الله)).

 

أبي اشتقت لتلك الطمأنينة التي كانت ملأ البيت وأنت فيه وللصحو صباحا على أحاديثكما الجميلة أنت وأمي

اشتقت لزمن يفوح برائحة القهوة لا برائحة البارود

برائحة السلام

لا برائحة الحروب

برائحة الطمأنينة لا برائحة الشتات

بغناء العصافير صباحا لا بأنين الأوطان

أبي الهامة العالية جدا، هل أخبرك شيئا أيها الجسور جدا والمضياف جدا والعاشق للوطن جدا ولخدوج جدا

الوطن موجوع لكنه سيكون بخير بأذن واحد أحد وكلنا معه موجوعين، وسأخبرك بسر أيضا

رغم أنك رحلت من سنين طويلة لكن ست الحبايب كانت تحتفظ ببعض حاجاتك ومن ضمنها بزتك العسكرية الغالية وسيف جدي وخنجره رحمه الله وما شابه، لغاية فُجر ذاك البيت الضخم

الضخم بكل ما فيه ابتدأ من الحب والفرح لأعلى طابق به من السكينة، ذاك الذي تطايرت أجزاؤه على صدر كرمنا الشاسع بين أشجار الزيتون والتفاح والليمون والجوز وعرائش العنب الفاتنة، وضاعت معه الذكريات، لكن ذكراك ما زالت في قلوبنا ترسم طيفك بحب

وأما تراب الكرم حول البيت كتراب الوطن بقي محتفظا برائحته الجميلة ووجعه العميق ودهشته العارمة مما حصل

وأما أزهار الدحنون الحمراء التي كانت تنبت في أكنات متباعدة صارت تنبت في كل عروق الوطن وسهوله وأحلامه

نعم يا أبي كما كنت تقول الوطن لا يموت

ولا يرحل هو خالد نحن من نرحل ويظل هو شاهدا على كل من دافع عن حماه

فللوطن أيضا ذاكرة لا تموت وسؤود يطاول السماء.

 

سيدة المعبد(رشا)

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman