الرئيسية / حوارات / مع الشاعرة السورية ريما محفوض/ أجرى الحوار: نصر محمد

مع الشاعرة السورية ريما محفوض/ أجرى الحوار: نصر محمد

حوار مع الشاعرة السورية ريما محفوض

أجرى الحوار: نصر محمد

ـــــــــــــــــــــ

في إطار سلسلة الحوارات التي أقوم بها بقصد إتاحة الفرصة أمام المهتمين بالشأن الثقافي والإبداعي والكتابة الأدبية بشكل عام والذين يعانون من ضآلة المعلومات الشخصية عن أصحاب الإبداعات الثقافية. لذلك فان الحوار معهم يتيح للجميع التعرف عليهم عن قرب.

هي شاعرة تمتاز بثقافتها العميقة وسعة اطلاعها وتتمتع بالذكاء الحاد والمميز. تؤمن بالتغيير وتطوير الفكر وتؤمن أن الحب هو ماء الحياة وأن لا عدل إلا في السماء. شخصيتها متفائلة غالبا. شاعرة مرهفة الإحساس تكتب بلغة أنيقة. كلماتها تدخل شغاف القلوب. تكتب القصائد بأسلوب نثري متين. تعبر عن هم اللحظة وعن القضايا الشائكة وعن حالة الاغتراب والحنين لوطن ماتزال الحرب تعصف بجوانبه وأركانه. أنها الشاعرة السورية ريما محفوض ضيفتنا وضيفتكم لهذا اليوم

 

الشَّاعرة ريمَـــا مَحفُــوض

مَوالِيد مَدِيـنة سَلمِيَّـة – سُـوريـــَة عام 1978، بَدَأَتْ كِتَابَة الشِّعر بِعُمْر أَرْبعَةَ عَشَرَ رَبِيْعَاً. خِرِّيجَة كُليَّة الصَّيدَلة جَامعَة دِمشق 2002. شَاركَتْ بِالأُمْسِيَاتٍ الشِعْرِيَّة في جَامعَة دِمَشق وَفي مُنْتَديَات مَدينَة سَلَمِيـَّة. نَالَتْ شَرَفَ العضويَّة في مُنْتَدى اتِّحَاد أُدَبَاء وَكُتَّاب بَابِل كَأَوَّل شَاعِرة مِنْ خَارِجْ العِراق لِتَحْقِيْقِهَا أَعْلى نِسْبَة مُشَاهَدَات فِي المُنْتَدَى الأَدَبِي. حَائِزَة عَلى جَائِزَةِ البَيتِ الثَّقَافي -ذِي قَار لِلقِصَّة القَصِيرة جِدَّاً.

صَدَرَ لَهَا حتَّى الآن خمس مَجْمُوعَات شِعْرِيَّة: ريتــَـــــــا، جُسُور مُتَأَرْجِحَة، حَلاوَةُ الْمِلْح، تَوَحُّدٌ مَعَ القَمَر، ظلان يشبهان وجهي

وَجَبَ التَّنْويه أَنَّهَا حَفيدةُ الشَّاعِر وَالمُجَاهِد الرَّاحِل خضر العَلي مَحفوض، صَاحِبْ كِتَاب (تَحتَ رَايَة القَاوِقْجي الصَّادر عام 1973)

نالت حظاً وافراً من اهتمام النقاد والصحافة بعد صدور المجموعات حيث كُتب لها العديد من القراءات النقدية التي نشرت في صحف رسمية في سورية والعراق ولندن، كما نشر لها حوارات في الصحف والمجلات المصرية والجزائرية والكويتية والسورية

ظهرت على العديد من الشاشات التلفزيونية والمحطات الإذاعية من خلال مقابلات حول مجموعاتها الشعرية. شاركت في مهرجانات دولية في إيران وتونس.

الشاعرة ريما ناشطة في لبنان وتم تكريمها من قبل ملتقى المرأة الثقافي كمبدعة لها بصمتها في الأوساط الثقافية اللبنانية.

 

لأنّي أحبّكَ

ظننتُ البيوتَ ستنهضُ

من تحتِ الأنقاض

وتعاود الاصطفاف

كالأطفالِ

في تحيةِ العلم

علمٌ يتمزقونَ الآن

لأجلِ ألوانه وترتيبِ النجوم

على قماشٍ شبيهٍ بالسماء

 

ظننتُ أنّ من رحلوا

عن قيدِ النَفَس

سيتنفسونَ

ويملؤونَ غرفَ البكاء

بالضحكات

وتعودُ الأرواح هابطةً

تلتقطُ الدمَ عن التراب

ليستيقظ الأموات

 

لأنّي أحبّكَ

أظنُّ أنّ الحقولَ ستمتدُّ

بطواعيةٍ

تحت أكفّ الفلاحين

تمارسُ طقوسَ الفصولِ

وتنجبُ لنا ثمارَ الحياة..

 

تخيلتُ السحبَ مراراً

تتكورُ على البلاد

فتحجبُ عنها القذائف

والأشجارُ تصدّ الريحَ

وطلقاتِ الرصاص

 

وأنّك

بمسحةٍ من يدكَ

ستلغي

الحدودَ بين الأوطان

تنتزعُ

بليلةِ قدرٍ

مساميرَ الصليب

لتوحّدَ الأديان

لأنّي أحبّكَ

أحبّكَ جداً يا الله

ما زلتُ أنتظر

المعجزات !!

 

س _ من هي ريما محفوض الشاعرة والإنسانة؟ كيف كانت بداياتك مع الشعر؟ وما أول قصيدة لك؟

 

ج _ لا أحبذ فكرة تحدث الإنسان عن نفسه برأيي هذا السؤال يجيب عليه الآخرون من خلال نظراتهم إلى الآخر. حتى ولو كنت أنا ذلك الآخر في وقت ما. لكنني كإنسانة في الحياة يسعدني أني أخطو على درب الإنسانية بنقاء وصدق وهذا كل ما تحتاج إليه ذاتي.

بدايتي مع الشعر كانت بعمر 14 سنة… بدأت بالخاطرة والومضات والتي تطورت لاحقاً عبر مراحل لتبلغ قصيدة النثر …أول قصيدة لي كانت لوالدي الحبيب

 

س _الشاعرة ريما محفوض. لكل شاعر شخصية معينة أحيانا تطفو لتحلق فوق كل حرف من أحرفه وأحيانا تتوارى شخصيته الحقيقية بين السحاب خلف لون الكتابة. كيف تميزبن بينهما؟

 

ج _ قد يصعب الأمر حين يتعلق بشاعر أقرأ له فلا أفصل بين ما هو قريب منه أو بعيد عنه بل أتعامل مع النص بما يحمل من أفكار ومشاعر وأسلوب شعري بعيداً عمن كتبه ..أما بالنسبة لنصوصي فأنا قادرة جداً على التمييز وخصوصاً أن كل ما أكتبه يشبهني حتى لو كتبت برمزية وهو ما تمتاز به قصيدة النثر بشكل عام

 

س _الشاعرة ريما محفوض عبرت من الصيدلة إلى فضاءات الشعر تعمرين نصا شعريا ينضح بأبجديات شعرية جديدة. مع العلم بأن أصحاب التخصصات العلمية أكثر ميلانا للجدية والصرامة على عكس الشعراء، كيف عبرت عوالم الشعر؟

 

ج _ سؤالك جميل أستاذ نصر وهي نقطة تدعو للتأمل من قبل البعض، ربما لأني سلكت طريق الشعر قبل طريق الصيدلة وأحسنت التوازن بينهما وأجدهما يصبان في مجرى الإنسانية والصدق ذاته الذي أنهل منه. عبرت بقلبي المليء بمحبة الآخرين. هذا هو مركبي وسبب سعادتي

 

س _صدر لك خمسة دواوين شعرية منها الديوان الشعري الأول باسم // ريتا //. لماذا اخترت هذا الاسم وما التجربة الإبداعية التي يطرحها الديوان؟

 

ج _ ديوان ريتا منحته اسم طفلتي التي لم تأتِ بعد … بين طيات الديوان حالات الانتظار والترقب الممزوج بالأمل من خلال أمومة تعيش عاطفتها رغم الغياب

 

س _ هل تعتقدي بوجود كتابات نسائية وأخرى ذكورية؟ وهل هناك فرق بينهما؟ من هم في رأيك أهم الكاتبات والشاعرات والأديبات قرأت لهن وتقتدين بهن؟

 

ج _ لا فرق لدي مطلقا أن كان كاتب النص رجلا أم امرأة. أتعامل مع الحالة الشعرية والفكرة بغض النظر عن الجنس. الأهم هو جودة النص وهل كاتبه قادر على إيصاله للقارئ.

هناك الكثير من الأسماء القديرة استمتع بالقراءة لهن. وأحس بأنهن يحملن رسالات سامية منهن. الأديبة الشاعرة ندى عادلة والشاعر حنان فرفور والشاعرة عبير سليمان والشاعرة لما القيم. والشاعرة زينب حمادة والشاعرة ناريمان علوش والشاعرة اسيل سقلاوي ووو تطول القائمة وأعتذر عن ذكر جميع الأسماء ولكن أود أن أنوه أن لكل منهن نمط شعري وأسلوب مختلف عن الأخريات. القدوة بالنسبة لي تكون بالصدق والعمق وليس بالأسلوب الشعري. لانهما ركيزة القصيدة.

 

س _الشاعرة ريما محفوض ما تقييمك للمشهد الشعر العربي بشكل عام والسوري بشكل خاص. وتحديدا في الآونة الأخيرة؟

 

ج _ الشعر العربي مرآة الشعوب العربية التي عانت وتعاني حالياً الكثير ..لنتحدث عن سورية في مرحلة الحرب نلاحظ بأن الشعر صرخة لقلوب موجوعة وشعب يلهث للسلام ..الشعر الآن هو الصليب الذي يحمل بعضاً من آلامنا وصمتنا وانتظارنا

 

س _ ماذا يمنحك هؤلاء.. محمود درويش، محمد الماغوط، تميم البرغوثي، عمار المسعودي، ندى عادلة؟

 

ج _ حضرتك سألتني عن أحب الأسماء إلى قلبي ..شعراء عظماء هاجسهم الرئيسي الوطن والإنسان يعبرون عنه شعرياً بكل شفافية ..إضافة إلى علاقة شخصية تربطني بالشاعرة القديرة ندى محمد عادلة منذ الطفولة وأخوة حقيقية تربطني بالدكتور عمار المسعودي ..كما أنني ابنة سلمية التي أنجبت الماغوط والكثير من الشعراء والشاعرات اللواتي نعتز بهن.

 

س _ هل أنت مع الديمقراطية وحرية التعبير. واحترام الرأي والرأي الآخر. والتعددية السياسية. وحرية الأديان. وسياسة التسامح في المجتمع؟

 

ج _ إن أجبتك بنعم فالكلام يبقى كلام. سأجيبك بأني أعيش ذلك في حياتي الشخصية وأتمنى أن تتسع هذه الدائرة لتشمل المجتمع كله

 

س _ الديوان الثالث كان باسم // حلاوة الملح // لو تحدثينا بإيجاز ماذا يحتوي بين دفتي غلافه؟

 

ج _ حلاوة الملح أهديته لسورية التي تسكن روحي ..يتحدث عن الاغتراب واللجوء والشهداء ومعاناة الشعب السوري ..سأبقى أحس بوجود حلاوة ما في سورية رغم كل هذا الملح المطبق على جراحنا

 

س _ يقال بأن الكثير من الأدباء والمثقفين السوريين فشلوا أن يكونوا بحجم مأساة بلدهم وأحلامه التي نذبح كشعب ثمنا لها. بل حتى الكثيرين منهم كان مثلا سيئا للمثقف المدرك

لحجم المسؤولية. كيف ترى الشاعرة ريما محفوض مسؤولية المثقف؟ وهل يستطيع المثقف التملص من دوره؟

 

ج _ من المعروف أن الأدب يوثق المرحلة تاريخياً ..يا صديقي لن تكون أي قصيدة بحجم دموع أم تبكي ابنها الشهيد.. أو بحجم طفل جائع ينتظر رغيف خبز يحصل عليه والده بمرارة ..أو بحجم انتظار مريض لدواء لن يحصل عليه …. وقائمة الأوجاع تطول وتطول …

الشعر مهما كبر، يعطي صورة مصغرة فقط عن الأسى والحزن والمعاناة… أما حقيقة ذلك لن يدركها إلا من يعيشها ..

الشعراء يحملون رسالة إيصال الصوت للعالم ..وأظن بأن الكثيرين نجحوا في ذلك

 

س _ صدر لك مؤخرا الديوان الخامس لك باسم // ظلال يشبهان وجهي // من أين استوحت ريما محفوض اسم ديوانها؟ حدثينا بإيجاز ماذا تحوي بين دفتي الغلاف؟

 

ج _ ديوان ظلان يشبهان وجهي ..الاسم هو جملة من قصيدة كتبتها لأخي أيهم ..ظلي الثاني الذي تربطني به علاقة روحية لا مثيل لها ..

الديوان يجمع أشخاص وأماكن يسكنون قلبي وروحي وإن لم ولن يتسع الديوان للجميع!

 

س _في دواوينك ثمة تفاصيل مدهشة عن بساطة اللغة مع عمق المتن الشعري. إلى أي مدى كان للشارع والأمكنة هذا التأثير اللاذع في بلورة عالمك الشعري؟

 

ج _ Nsr Mohammed البيئة تلعب دوراً كبيراً في اللغة الخام التي يفكر ويحس بها الشاعر ..وخصوصاً إن كان ينتمي إلى عائلة تعشق اللغة العربية وتمتلك موهبة التعبير كعائلتي.

كما أنني ابنة سلمية التي تتنفس فكراً وثقافة وشعراً  ..لا بد لهذه الأنفاس أن تجول رئتي وروحي

 

س _ ما معنى هذه الكلمات بقاموس الشاعرة ريما محفوض؟ الحلم .. الجسد .. التجاعيد .. الأم.. الحرية

 

ج _ باختصار شديد لأن التوسع لا يجدي نفعاً هنا …

 

الحلم : أمل

الجسد: حامل الروح

التجاعيد: ذاكرة الزمن

الأم: مركز الحياة

الحرية: الهواء

 

س _ هل تعتقدي أن الشبكة العنكبوتية نعمة أو نقمة على الإنسان عامة. وكيف خدمت أو أساءت الشبكة العنكبوتية للمواطن بشكل عام؟

 

ج _ برأيي شبكات التواصل الاجتماعي منبر مهم جداً ويكاد يفوق المنابر الواقعية أهمية ..ما حققه الفيس بوك من خلال جمع الشعراء والشاعرات قد تعجز البلدان عن تحقيقه بكل ما نعانيه من سلطة الحدود وجوازات السفر ..هذا فيما يخص الشعر ..أما بالنسبة للمواطن بشكل عام ..هنا تأتي أهمية ما يحمله المواطن من وعي وثقة بالنفس ومصداقية وهدف بالحياة ليختار ما يناسبه و لا يترك التيار ليجرفه كما يشاء.

 

الشاعرة الرائعة ريما محفوض سعدت بالحوار معك. وكل نبضة حرف مدهشة وهديل حمامة وأنت بخير.

 

وأخيرا ماذا أعطاك الشعر؟ وما أخذ منك؟ أم أن الشعر دائما يعطي ولا يأخذ؟

 

تشرفت بدعوتك الغالية أستاذ نصر وأتمنى لحضرتك كل التوفيق والنجاح ..

أعطاني طفلة لم تأتِ بعد ..ملأ فراغاً كبيراً في روحي وحياتي.


عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman