مَواويلَ الأَسى/ بقلم: رغدا مريم

مَواويلَ الأَسى/ بقلم: رغدا مريم
ـــــــــــــــــــــ
نحنُ الذين نَبكِي
فوقَ جِراحِنا لتَطهِيرهَا
فَلا مِلحَ نرشُّه فَوقَها
لَقد أكلُوا خُبزَنا ومِلحَنا
وشَرِبُوا عُصارةَ قُلوبِنا
ثُمّ بصَقوا فِي الصَّحنِ
فِي القِدرِ
وفي وُجوهِنا
وجَثمُوا فوقَ صُدورِنا يُقَهقِهون
بينَما نَتغنّى بانتِصار
أنّنَا مَا زِلنا أَحيَاء
…
نحنُ الذين نَضحكُ
فَوقَ جِراحِنا علَّها تلتَئِمُ
لا خُيوطَ تَصلحُ لتَقطِيبها
لقَد سَرقُوا كلّ الخُيوطِ
كي يُكمُّوا أَفواهَنا
حتّى أنّنا لا نَستطيعُ
أَن نعضَّ علَى جُرحٍ مِنهَا
لكنَّهم وللأَمانَة
تَركُوا الكَثير مِن الحِبال المُعلّقة
كما تَركُوا لنَا حُريّة استِخدَامِها
…..
نحنُ الذينَ نُغنّي
لجِراحِنا مَواويلَ الأَسى
ليتَوقّفَ النّزفُ
لتقِف الكُريّاتُ البيضَاء
عَلى أَسطُحِ جُلودِنا
وتَصطَفَّ كَرايَةٍ تُرفرِفُ
مُعلنةً أنّ الحَربَ انتَهتْ
وأنّنا المَهزُومونَ
المَظلُومونَ
الهارِبونَ منَ النّشازِ
المُستَجدونَ لأُغنيةٍ واحِدة
تُوقِظ كُريّاتنا الحَمراءَ
كي تُعيدَ تَلوينَ وُجوهِنا
بِخَمرةِ العِشقِ
وقَليلٍ مِن الدّفء
…….
نحنُ الذينَ نرقُصُ
رُغمَ جِراحِنا لنُخفِي الآَثار
هُناك حيثُ دَفنّا كلّ أَحلامِنا المَذبُوحَة
ولَم تَسلْ قَطرةُ دَمٍ وَاحِدة
لقَد تَغذّى الجَفافُ عَليهَا قَبلَ مَوتِها
هُناكَ حيثُ لم نَضَع شاهِدةً أَيضًا
كَي لا يَستَدلّ الدّودُ إِليها
ربّمَا يَستطيعُ حلمٌ واحدٌ علَى الأَقلّ
أَن يَحيَا مِن جَديد
ويَهربَ إِلَى المَاضِي
يَومَ كانَ لَدينا قَليلٌ مِن الأَمَل…
…..
نحنُ الذينَ نَنبشُ
فِي جِراحِنا كلّ يَوم
ليَسِيلَ القَيحُ المُتراكِمُ فِي قُلوبِنا
نُحاوِلُ أن نُنظّفَ أنفُسَنا
كي لَا يأكُلَها الحِقدُ
ونَفقِدَ ما بَقيَ مِن إنسَانِيّتِنا
لكنّهُم كلّ يَوم
يَخلِقُونَ فِينا مَزيدًا مِنَ الجِرَاح
ولِفَرطِ ما خَارَت قِوانَا
لَم نَعُد نَقوَى عَلى شَيء
ولا حتّى شِراءِ القَليلِ
مِنَ المِلح لِتَطهِيرِها
لِذا نَجلِسُ كلّ ليلَة
نَبكِي، نَبكِي فَقط
ثُمّ نتَغنّى أنّنا مَا زِلنَا أَحيَاء…
#المَريَمِيَّة