الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / قراءة في نص “مجنونةٌ العفاريت” لـ نادين معلا/بقلم: حمودي عبد محسن

قراءة في نص “مجنونةٌ العفاريت” لـ نادين معلا/بقلم: حمودي عبد محسن

قراءة في نص “مجنونةٌ العفاريت” لـ نادين معلا

بقلم: حمودي عبد محسن

ــــــــــــــــ

مجنونةٌ العفاريت

التي زحفتْ إليَّ دفعةً واحدة

يومَ زرعتَ

أقحوان أصابعكَ

على صفحاتِ جلدي

ونفثتَ دخانَ سجائِركَ

في ماءِ يدي

ليشبَّ عشبُكَ

ويُورقَ بعضي على بعضي

نعم…

مئات العفاريت زحفتْ

يومَ

أربكتَ أبجديات الأنوثة

في دمي

****

صراخٌ هنا..في أقاصي الرّوح

صراخٌ هناك..في كل الأروقة

والدُّروب المودية

إلى مرمى الأمنيات

تتقاسمُ الضَّبابَ

وجوعَ الأحلامِ

إلى كرنفال ضحكتكِ

قبل أن تغفو

في حضن لهفتي إليك

وقبل أن أعتكفَ في المرايا

أهذي كظلٍّ مخمور

*****

كم يشبهني هذا الصراخ المتكدِّسُ

في صومعة انتظاركَ

يطرقُ باب الفقدِ

بعيونٍ طافحةٍ

يخربشُ على صحراء وجهي

رائحةَ الصَّمت

ويرتطمُ بجدار

عامٍ جديدٍ

يصدحُ في ساحاتهِ

صوت الكؤوسِ المتخمةِ بالسهر

عام جديد

يعلِّقُ مقصلتي على أبواب

ساعتهِ آن تدقُّ/الثانية عشر/

وأنا أرفع نخبكَ

وأبكي فطامَكَ مدار عام

لأذوي وعفاريتي

في قعر الخطيئة

تحت وطأة الغياب

القراءة:

_______

أثارتني هذه القصيدة النثرية للسيدة نادين معلا حيث براعة توظيف المفردات خاصة وان لبعضها استخدامات قديمة، وهنا اتوقف عند مفردتين فقط:

١- العفاريت:

حيث تبدأ القصيدة بالقول: (مجنونة العفاريت) وقد ابعدتها الشاعرة عن مفهومها الاسطوري- الديني لان كان ورودها الاول في ملحمة جلجامش، وكما هي يطلق عليها (عفاريت الجلا) التي خرجت مع عشتار في البابلية من العالم السفلي لتجد بديلا عنها، ثم وردت بمختلف الاساطير الدينية كونها محور الشر والأذى، وايضا تقول السيدة نادين في قصيدتها:

(مئات العفاريت زحفت

يوم

أربكت أبجديات الأنوثة)

من هذا نجد هذا الترابط بين شبح العفاريت والجسد الانثوي الذي رسمته الشاعرة باسلوب التضاد والالتقاء لاننا نعرف جيدا ان الجسد الانثوي يمتاز بالنعومة والرقة واللطافة بل انه يجسد رمز شجرة ديمومة الحياة، فحين تهب عليه العفاريت تجعله يذوب في الأذى لاسيما السيدة نادين تختم التطرق الى العفاريت بالقول:

(لأذوي وعفاريتي

في قعر الخطيئة

تحت وطأة الغياب)

حينئذ نجد ان هناك صراع ما بين الجسد والعفاريت وكما تفسر الاساطير الدينية روءية العفاريت في المنام على اشكال مختلفة لا اريد الخوض فيها لانه لا معان حقيقية لها بينما نجد في القصيدة يدخل شيء اساسي وجوهري هو غياب المحبوب الذي لا نعرف عنه اي شيء، وهذا الغياب يوحي لنا من القصيدة مدى وطأته على الجسد، لذلك تدخلنا القصيدة في عوالم متعددة ذات ابعاد درامية احسنت السيدة نادين توظيفها واستخدامها بصور شعرية جميلة.

٢- الظل:

(أهذي كظل مخمور)

هكذا ورد مرة واحدة في القصيدة الا انه يشكل حجر الزاوية فيها لأننا نعرف ان الشمس تكون ظلال كظل الشجرة، وكذلك حينما يكتمل القمر بدرا يكون له ظلال فالحي حين يسير تحت ضوء القمر يتكون له ظل اذا ما كان على جانبه حاجز والشجرة ايضا يكون ظلها على الأرض. وغالبا ما تستخدم المتصوفة الظل كمفهوم فلسفي خاصة فريد الدين العطار في رائعته (منطق الطير) الذي يقول ( فانت كالشمس ونحن كالظل) والظل له مفاهيم الاتحاد مع الذات اينما سار سار معه، فهو مرافقه حين تكون الشمس مشرقة وحين يكون القمر بدرا، وبوصفه البعض في الادب انه يتلاشى بتلاشي الذات لكم السيدة نادين جعلته مخمورا اي مترنحا.

القصيدة فيها تناجي للغائب المجهول، وفيها صرخة تنطلق من اعماق الذات، وايضا لا ننسى فيها تفسير وفهم للواقع المعاش، لذلك يمكن ان نقول عنها تفردت بذاتها كون بعض معالمها طلاسم الوجود، وهي بلغة انسيابية رقيقة تتوحد مع الهم العام للمرأة حين يدور الامر بالفراق والضياع والاغتراب ايضا….دمت سيدة نادين المعلا للابداع الجميل، ولك صادق التحيات

عن Joody atasii

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(حينَ عشِقْتُ روحَكَ… / بقلم: سلوى الغانم

كان لي مع عينيك رحلةً طويلة حكاية خيال.. ومُزُنِ حُبٍّ.. لا أرتوي ...

عاشقتي… /بقلم: سلمان إبراهيم الخليل

مدي ذراعيك وعانقي احلامي يشدني الحنين في غربتي يغوص في شغف أيامي ...

يثقلني الهدوء…/ بقلم: فوزية اوزدمير

تقتحمني حمى الليل برعونتها السردية غير المتأججة ، بعينين لامعتين حانقتين ، ...

عيناكَ… / بقلم: راميار سلمان

عَيْنَاكَ أمطار صَيْفِيَّة تراتيل عشق صوفية وَ دهشة قبلة هَارِبةٌ مِن لهفة ...

قبيل انسدال الستار/ بقلم: أنور يسر

لأحكي من السرد كل الرواية قبيل انسدال الستار ضعوا في جيوب (الأنا) ...

سأمقت كل اجزائي/ بقلم:سهام الباري

  سأمقتُ كلّ أجزائي وأدفنُ ذلك الجوهر وأنقشُ ريشتي السودا لتطمس عيده ...

يا حبيبتي../ بقلم : محمود صالح

أثِقُ بالقصيدةِ عندما تُلقي برأسِها المُجْهَدِ على صدرِك لدَيها من الوفاءِ .. ...

أجنحة اليقين / بقلم: رشا فاروق

على ثوب الليل حفرت آهتي كانت الريح تحمل وحدتي قصيدة تتلوها العواصف ...

واحة الفكر Mêrga raman