الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / قراءة في نص “وأنا أغفو” للشاعرة جودي قصي أتاسي / بقلم: حمودي عبد محسن

قراءة في نص “وأنا أغفو” للشاعرة جودي قصي أتاسي / بقلم: حمودي عبد محسن

قراءة في نص “وأنا أغفو” للشاعرة جودي قصي أتاسي

بقلم: حمودي عبد محسن

ـــــــــــ

أستوقفتني جمالية هذه القصيدة النثرية، إذ هي كما في النهضة النسوية في البلدان العربية الذي أتابع تألق المرأة في إدخال القصيدة النثرية في محور الفكرة العميقة، فأغلب القصائد لها فكرة وهذه الفكرة تتحدث عن الواقع المعاش الذي فرزته الأحداث المريرة من الحروب الداخلية، وما تعرضت له المرأة من معاناة الفراق، والأسى الاجتماعي، والفقدان والضياع وربما الاغتراب في الوطن ذاته، وهذا ما فرز أيضا الألم الداخلي للمرأة الذي تحول إلى صرخة ذاتية في التعبير والإحساس، وهنا نجد كذلك أن للفكرة تشعبات المواضيع سواء كانت متعلقة بانتظار عودة الغائب أو في تجلي الذكريات عنه، وتناول تلك اللحظات الرائعة المفعمة بالمحبة.

إذن ومن خلال متابعتي للقصيدة النسوية تنبعث ظاهرة جديدة لجيل جديد. هذا الجيل يتلاعب بالقصيدة النثرية زمانا ومكانا مما يتجاوز تعريف حدودها، ويتجاوز قواعدها، وهذه القصيدة للسيدة جودي قصي الأتاسي تدخل في حيز هذا الفهم، إذ هناك صور شعرية في قصيدتها هذه التي يمكنني أن أطلق للقصيدة عنوانا (لا تهز جذع الحلم) فقد غرقت هذه القصيدة بإيقاعها الجمالي، المعبر وتجاوزت المتداول في تحديد المفردة حيث تخيل نهوض أنثى الجمال من غفوة كما تقول الشاعرة:

(وانا أغفو على زند قلبك،

 

وعيناك غارقتان إلى أقصى الزمان

 

لا تهز جذع الحلم)

 

إذ هنا الحلم هو شجرة الحياة التي منها ثمار العيش وثمار الأرض، فهي شجرة ثابتة جذورها عميقة في الأرض، راسخة في وجودها، كما لو أن الشاعرة أرادت ألا تسقط ثمارها لأنها هي أصالة الوجود، وأصالة البقاء لكن الشاعرة وضعت احتمالية القطف، ربما لثمرة واحدة فهذه الثمرة هي الحلم ذاته ونلمس هذا حين تقول الشاعرة:

 

كي لا يسيل النسغ نديا، نديا

 

تشبث بالزعفران حول أنوثتي)

 

فالمعروف عن الزعفران يحتاج إلى عناية ورعاية لزراعته، وهو نبتة صغيرة متأنقة بجمالها ذات عطر طيب وله حكايات كثيرة خاصة في ألف ليلة وليلة يتم توظيف عطره للسعادة والسرور والبهجة. وأما ما تقوله الشاعرة في التشبيه (ك الثلج الناضج أنا…) هو دلالة بياضها الناصع، خاصة يستخدم هذا التشبيه البياض الناصع في الشعر الأوربي، وأيضا يراد به القلب الصافي البريء المخلص الوفي، ثم يأتينا هذا الضرب في الحلقة المركزية التي أشرنا إليها حين تقول الشاعرة:

 

(كشامة على ثدي زيزفونة

 

قامت من شفق الغفوة)

 

وهذا ما نريد أن نفككه أي تحول هذا النهوض من غفوة كما لو هو ظهور وانبعاث جديد إلى عالم جديد وهي (تتأوه أمواجها) وهذا يدخلنا في أسطورة ولادة أفر وديت من أمواج البحر الواردة في كتاب الإلياذة لهوميروس، والتي تعتبر إلهة الحب والجمال في الأسطورة الإغريقية.

 

ثم فيما بعد نكون هناك أمام طفرة في القصيدة فيما بعد تكرار مرة ثانية للبيت (لا تهز جذع الحلم) وهذا أسلوب تم استخدامه منذ القدم كما وارد في ملحمة جلجامش، أي يستخدم للتحول إلى فكرة جديدة من ذات الفكرة الأساسية حيث الآن يجري الحديث عن عنوان الحب الموصوف بالقبل، ونلمس هذا مما وارد في القصيدة:

 

(كي لا تحترق القبل كالحرمل

 

وتكتشف الطلاسم

 

وتفوح رائحة الحناء

 

وينهض الطوفان

 

وتعتلي حواسك

 

سرج الحصان)

 

ثم أيضا تنتقل الشاعرة إلى موقف آخر مرة ثالثة وتكرر (لا تهز جذع الحلم)

 

وتختم فيما بعد قصيدتها بالقول:(

 

وأنا مرتدية ملامح الشغف!!)

 

 

 

 

هذه القصيدة للسيدة جودي قصي تمنحنا في فكرتها وأسلوبها نغمة هادئة مريحة ونحن نقرأها بتعاطف لأن فيها نغمة إيقاع، فيها صور تتهادى في الذهن ممتعة، وفيها عطر طيب نشمه نحن…القصيدة زاخرة بفكرتها، ومستغرقة في التأمل…. تقديري واعتزازي، ودمت سيدة جودي للإبداع الجميل.

 

……………

 

وأنا أغفو على زند قلبك،

 

وعيناك غارقتان إلى أقصى الرمان!!

 

لا تهز جزع الحلم !!

 

كي لا يسيل النسغ نديا، نديا

 

تشبث بالزعفران حول أنوثتي،

 

گ الثلج الناضج أنا…

 

كشامة على ثدي زيزفونة

 

قامت من شفق، الغفوة!

 

تتأوه أمواجها

 

يعزف زرقتها الصنوبر. ،

 

لا تهز جذع الحلم،

 

كي لا تحترق القبل، كالحرمل

 

وتكتشف الطلاسم،

 

وتفوح رائحة الحناء،

 

وينهض الطوفان،

 

وتعتلي حواسك

 

سرج الحصار،

 

لا تهز جذع الحلم،

 

أمقت فراغات اليقظة بين أناملك،

 

تتسرب منها ظلالك

 

توثق الشمس بالشمس

 

وأنا مرتدية ملامح الشغف!!


عن Joody atasii

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(حينَ عشِقْتُ روحَكَ… / بقلم: سلوى الغانم

كان لي مع عينيك رحلةً طويلة حكاية خيال.. ومُزُنِ حُبٍّ.. لا أرتوي ...

عاشقتي… /بقلم: سلمان إبراهيم الخليل

مدي ذراعيك وعانقي احلامي يشدني الحنين في غربتي يغوص في شغف أيامي ...

يثقلني الهدوء…/ بقلم: فوزية اوزدمير

تقتحمني حمى الليل برعونتها السردية غير المتأججة ، بعينين لامعتين حانقتين ، ...

عيناكَ… / بقلم: راميار سلمان

عَيْنَاكَ أمطار صَيْفِيَّة تراتيل عشق صوفية وَ دهشة قبلة هَارِبةٌ مِن لهفة ...

قبيل انسدال الستار/ بقلم: أنور يسر

لأحكي من السرد كل الرواية قبيل انسدال الستار ضعوا في جيوب (الأنا) ...

سأمقت كل اجزائي/ بقلم:سهام الباري

  سأمقتُ كلّ أجزائي وأدفنُ ذلك الجوهر وأنقشُ ريشتي السودا لتطمس عيده ...

يا حبيبتي../ بقلم : محمود صالح

أثِقُ بالقصيدةِ عندما تُلقي برأسِها المُجْهَدِ على صدرِك لدَيها من الوفاءِ .. ...

أجنحة اليقين / بقلم: رشا فاروق

على ثوب الليل حفرت آهتي كانت الريح تحمل وحدتي قصيدة تتلوها العواصف ...

واحة الفكر Mêrga raman