الرئيسية / حوارات / مع الشاعرة السورية المغتربة فيروز مخول / حاورها نصر محمد

مع الشاعرة السورية المغتربة فيروز مخول / حاورها نصر محمد

حوار مع الشاعرة السورية المغتربة فيروز مخول

حاورها نصر محمد

ـــــــــــــــــــ

 شاعرة ترسم بريشة الجمال وتكتب بمداد القلب، تفوح نصوصها برائحة الأمكنة ممتزجة بعبير الروح. يقول من يعرفها بأنها بارعة في خلق أجواء الصداقة والألفة، وقوية الثقة بنفسها ولغتها وموهبتها.

امرأة تصنع الحدث والرأي حين تتحدث، وحين تكتب وحين تصمت…

فهل أجد في محاورتها روح المثابرة بالقلم، ذلك هو ربما ما تجتمع عندها آراء القراء حين يقتربون من هسيسها عبر أجوبتها خلال هذا الحوار المطول..إنها الشاعرة السورية المغتربة المقيمة بمملكة السويد فيروز مخول

 

* بداية أرحب بك شاعرتنا فيروز مخول في هذه الفسحة الحوارية. وأول سؤال نود منك الإجابة عليه. من هي فيروز مخول ومتى بدأت تعانق وهج الحرف؟

 

** فيروز فضل الله مخول مواليد دمشق عام 1964، احمل شهادة جامعية من جامعة دمشق قسم الرياضيات والفيزياء. وبدأت الكتابة في سن مبكرة خلال دراستي الثانوية، والجامعية، بدأت النشر عبر المنصات والصحف والمواقع الإلكترونية، وعبر صفحتي الخاصة. ترأست إدارة العديد من الجمعيات و المنتديات الأدبية، كمنتدى همسات القمر، و حديث الياسمين، كما عملت في مجلات متنوعة كمجلة الفنون، و الثقافة العراقية، أسست مجلات إلكترونية وساهمت في تنشيط الحراك الأدبي الشعري، ونشرت نصوص شعرية، في الكثير من المطبوعات الأدبية في الوطن و المهجر، كما نشرت نصوصي ضمن مختارات من الشعر الحديث في موسوعة ضخمة بثلاث أجزاء بطباعة أنيقة، ضمت أسماء شعرية عربية هامة، أنجزت العديد من الندوات واللقاءات الثقافية، والأمسيات الشعرية خلال عملي كمسؤولة ثقافية في جمعية المرأة السورية في ستوكهولم ساهمت بمشاركات أدبية متعددة في أعداد مجلة السلام الدولية (الموسوعية) التي تصدر منذ عشرة أعوام في السويد باللغة العربية، واعمل في النادي السوري التابع للاتحاد العام للمغتربين السوريين بالعاصمة السويدية  ستوكهولم وقد صدر لي هذه  الكتب خلال السنوات الماضية:

 

“خربشات روح ” دار ليندا للنشر بالسويداء _”راقص الريح” عن داَر كيوان بالتعاون مع دار الأيقونة للطباعة والنشر والتوزيع _” عشق ثلاثي الأبعاد” و” لا تخبروا الغياب عني” وكتاب” نحن الرماد عن دار الأيقونة، كما إنني اهتم بنصوص الهايكو ولدي بحث مطول عن قصيدة الهايكو مع إسهامات شعرية هايكوليستية ستقوم دار الأيقونة مشكورة بنشرها قريباً. واعمل في عدة جمعيات وملتقيات أدبية واجتماعية بالسويد، كما أترأس تحرير مجلة الأيقونة الإلكترونية، واعمل محررة في مجلة كل العرب الباريسية، رغم تخصصي العلمي في الرياضيات والفيزياء، كان الشعر جناحي الثاني الذي حلقت به مع الخيال وكانت ولادتي كشاعرة مذ كنت في نهاية المرحلة الثانوية وبداية مرحلة دراستي الجامعية.

 

* تختبئ داخل كل مبدعة روحها الطفولية التي تظل تلازمها وتمثل لها مصدر الدهشة التي لا تنتهي. فماذا تبقى من الطفلة داخل فيروز مخول لديك؟

 

* للطفولة عوالمها الجميلة على الدوام، وهي النواة لشخصياتنا، كلنا كنا أطفالا وكانت لنا العابنا وأفراحنا وأحلامنا الصغيرة،

عشت طفولة جميلة، كانت المدرسة وزميلاتي لها المساحة الأكبر في حياتي كطفلة تتعلم وتلهو وتتعرف على مفردات الحياة.

كانت الأشياء من حولي تدهشني تمدني بطاقة مميزة، كان المطر له مكانة خاصة بقلبي، وكانت ليالي الشتاء فرصة لي كي اهتم بألعابي ودفاتري، استهوتني الموسيقا والدراجات الهوائية والقراءة والحكايات.

إلى الآن اشعر أن فيروز الطفلة مازالت تعيش بداخلي، ومازالت الحياة تدهشني، فهناك دوما أشياء وأمور جديدة اكتشفها، وما زلت مغرما بالعزف على الآلات الموسيقية، وقيادة الدراجات وممارسة السباحة، وهنا في السويد حيث المطر والثلج يلون ذاكرتي بالبياض، ويبلل روحي مثل حقل قمح. وكل أحلامي والصور التي أراها في الحياة أحولها إلى صور شعرية وقصائد وكتابات أمارس جزءاً من طقوس الطفولة والتحليق عبر الخيال نحو الوطن حيث ملاعب الطفولة والصبا.

 

* كيف تعرفين الشعر، وكيف تصنعين من لغتك النثرية السردية قصائد شعر؟

 

* الشعر، ومن خلال تعريفه المبسط هو تمازج لغوي صورّي، تعبر الكلمة فترسم صورة شعرية، وهذه الصورة تولد الطاقة التعبيرية بشكل تجعل من اللغة نصاً تعبيرياً قادراً على رسم معالم البوح وخلق ملكة الأصغاء، اللغة تفّجر الكائن الشعري، تنثر شظاياه، والسّر يكمن في تحويل الشذرات إلى صورة، فلغة الشعر تعيد ترتيب المفردات بحيث تؤدي دورها كمعنى ضمن بنية متماسكة كي تمنح المتلقي صور شاعرية يحلق معها نحو أفاق اللغة المفتوحة على أكثر من تأويل وأكثر من معنى. بالتالي هي عملية تفكيك، والقراءة محاولة جادة لإعادة التركيب وبشكل آخر، ومن هذا يمكننا القول إن الحالة الكتابية هي عملية مزج قابلة لأكثر من قراءة كون النص وسط غير ثابت، وله أكثر من زاوية رؤية، وأكثر من تأويل وتفسير.

 

* هناك فرق كبير بين لغة الأرقام وعلم الرياضيات والكتابة الشعرية حيث الخيال والجمال والبوح. كيف عملت على عقد هذه المصالحة بين الشعر والرياضيات؟

 

* سؤال طريف. شكراً لك على طرح هذا السؤال، نعم دراستي الجامعية للرياضيات، وهو علم لا يقبل الزيادة أو النقصان، فلكل رقم و لكل قوة و لكل معادلة بنية مادية متماسكة، هو علم صلد، صلب لا يقبل الأغوار والمراوغة، ربما كانت كتابتي للشعر هروباً من مادية وصلابة الأرقام و الأحجام و الأطوال وهذا لا يعني أن الشعر عالم فوضوي، لا قواعد له فالشعر طاقة ناتجة عن التأمل والخيال المستمد أو المنطلق من معايشة واقع ما، والرياضيات تشترك و تتقاطع مع الشعر في هذه النقطة و التي تعتبر ركن الزاوية في قضايا الممارسة الشعرية، فالرياضيات نتاج فلسفة تأمل، والخيال البشري المبدع كان وراء كشوفات علمية مذهلة والشعر يمتلك حرية الغوص في اللغة وحرية تشكيل عوالَم اكثر طراوة و جمالاً، و لم تكن علوم الرياضيات إلا دعماً وسنداً للشاعرية، لا ننسى ابدأ أن للشعر قوانينه وأوزانه و إيقاعاته و قواعده الصارمة أيضا وخاصة اذا توجهنا للشعر الموزون المبني على قواعد و قوانين لا تقل صرامة عن قانون” لافوزيه”في المعادل الكيماوي.

 

* كيف تجدين لغة الشعر بطعم الغربة، ماذا أضاف اليك الشوق والحنين كشاعرة؟

 

* الحنين مفردة لغوية لها المكانة العالية في نصوصي، فالحنين أحد سمات شخصيتي، فأنا كإنسانة أحن واشتاق، وربما لكل إنسان درجة معينة من الحنين، فلا يمكن لأي فرد أن يشطب هذه الحالة من روحه وذاكرته، ربما الحنين أو حالة ممارسة الحنين لدى الأوربي تأخذ أبعاداً أو اتجاهات غير التي نسلكها، الحنين لدي هو توغل في تفاصيل صغيرة، هو محاولة بناء لكياني الشخصي والشاعري. الحنين وصمة دافئة، لها لون ورائحة وطعم. الحنين يعبر عن ذاته عبر بوح نقي دافق لا يرتوي من الحاضر، انه نزيف أنيق له أناقة الشعر و جمال الصورة، ودفء حضن الأمهات اللاتي غادرن العالم، ومازالت صدى كلماتهن ترن في جدران صومعتي الشعرية على المستوى الشخصي.. تعال معي نمنح أنفسنا حرية ممارسة الحنين بنكهة الأمل والحب رغم كل البوس والألم.

 

* الشاعرة فيروز مخول كيف تعيشين الغربة وأنت بعيدة عن جذورك وعن بلدك سوريا وماذا أضاقت اليك الإقامة في أوربا؟

 

* أن ما حمل السوريين على الهجرة، هو ما وصلني إلى اوربا، واختيار الغربة ليس اختيارياً، الظروف في سوريا والحرب والمخاطر لم تكن مساعدة للاستمرار بالحياة.

وهنا في شمال اوربا وتحديدا في مملكة السويد عثرت على المكان الذي أستطيع أن أعيش فيه بهدوء بعيدا عن منطق الحروب وأهوالها، جذوري تمتد في عمق ثقافة بلدي، واحمل هويتي السورية وطباعي وشخصيتي، ومن الطبيعي أن احن واشتاق إلى المكان والأهل والحارات الدمشقية القديمة، واعتقد إنني تأقلمت هنا مع صقيع هذه البلاد والقلب يحمل دفء الشام ونهاراتها.

وهذا التعايش منحني أن اكتب بهدوء وأن اطبع كتبي وأتابع التجارب الشعرية وأصقل من طريقتي في الكتابة الشعرية أو النثرية.

 

* الشام أو دمشق حاضرة في نصوصك بشكل جلي وعميق، كيف تنظرين إلى دمشق من هنا؟

 

* الشام، آواه ياشام. يا دمشق

ربما، بل تأكيداً تبقى دمشق المنطلق والغاية، هو المكان وهي الرحم، هي اللغة، هي تاريخ كامل من الحب والعشق هي سيرة ذاتية لكل من نهل من ماء “فيجتها” ولكل من تعبق بأريج ياسمينها، دمشق هي كل قصائدي وكل دواويني، راقصتها مع الريح وأعلنت لها عن عشقي بأبعاده المثلثة وخرجت من رمادها صوتاً شعرياً يتنفس رغم الغياب،

هكذا يمكنني تعريف الشام في لغة كتاباتي.

هي باختصار حكاية عشق لم ولن تنتهي.

 

* وهنا أريد أن اعرف منك مدى انتماءك إلى دمشق وإستكهولم ودورهما في بروز قامتك الشعرية خلال هذي السنوات؟

 

* كيف يمكن للرحم ألا يكون إلا دافئاً، بلدي سوريا منحني الاسم. منحني فيروز ما لهذا الاسم من معان، فيروز الصوت الذي تستيقظ الشام عليه، الصوت الدافئ الذي نترنم معه الحياة، وفيروز فناجين قهوة الصباحات، وفيروز الحجر الجميل المدهش، هذا الانغماس ليس نرجسية وإنما هو احد إشراقات الروح التي تتجلى لي كوني أبنة سوريا و أبنة الشام، أما السويد كمكان إقامة هو امتداد لإقامتي في بلدي، فالسويد رغم برودة طقسها وصقيع الغربة ألا أنها منحتني الأمان وفرصة للتأمل ورؤية العالم من مكان أخر و مختلف، فالأماكن دوماً تشحن الروح وهي محطات نجتازها، نتذكر أمكنه سبق أن خطونا في دروبها، كثيرة هي المرات التي انسى نفسي وانا أسير في شارع ما، و اكتشف فجأة إنني هنا في ستوكهولم و ليس في احد شوارع دمشق أو احد تلك الأزقة الدمشقية التي مازالت إيقاع خطواتي ترج في ذاكرتي وأنا اقطعها مشياً من باب توما إلى القيمرية..

 

* “عشق ثلاثي الأبعاد” هو عنوان مجموعتك الشعرية الثالثة. من أي أرض جئت بهذا العنوان المعلق في سقف الغلاف؟

 

* العشق حالة صوفية متأصلة في ثقافتنا الشرقية، وهو عشق موجه نحو الأخر، ربما نحو الله أو الطبيعة.

والعشق يصاحبه الكثير من الألم والوجع، هناك خيبات وانكسارات في ممارستنا للحياة وللعشق. والبعد الثالث ربما هو امر فيزيائي ودخل جديدا عالم الصورة لتمنحها القوة والرؤية الأكثر وضوحاً، وهنا حاولت أن امنح الصورة الشعرية كل أبعاد العشق بمداه وعمقه وإشراقاته. بكل خيباته ولذائذه، إخفاقاته، ونجاحاته.

والقصة، اقصد امر التسمية تعود إلى أن احدى قصائدي حملت “وجع ثلاثي الأبعاد” عنوانا لها، ولضرورة وأهمية العنونة فقد استشرت صديقا لي، يعمل في مجال النشر والنقد وطلبت مساعدته في عنونة كتابي، وبعد أن اطلع على الكتاب طلب مني تعديل عنوان قصيدتي من وجع ثلاثي الأبعاد إلى “عشق ثلاثي الأبعاد” وهو الذي قدم كتابي مشكورا وهو الناشر الذي اعتمد عليه في إصداراتي.

انه الصديق عبد الوهاب بيراني الذي وهب كتبي جل عنايته نشرا وتقديما ودراسات نقدية. وله مني كل التقدير والاحترام.

وانا أؤمن بالعنوان بوابة نحو نصوص الكتاب ومحتواه والعنوان جزء أساسي وهو المحمول الذي يحمل الكتاب ويصنع له تميزه عن كتب أخرى كما هي أسماؤنا وأسماء المدن والأمكنة…

 

* لكل كاتبة أو كاتب قضية يحاول الوصول بها إلى وجدان وعقل القارئ، ربما كانت سورية وكل ذاك الألم الطويل الذي ألم بها عبر سنوات الحرب، كيف صاغت فيروز مخول كل هذا الوجع؟

 

* النزيف الممتد من الوجع السوري، رائحة الدم وتناثر الأشلاء البشرية، ودخان الحرائق، ذاك النفق المظلم الذي دخلته سوريا، أو الذي حُشرت به، كل ذاك الصخب الإعلامي الذي رافق دوي المدافع والقصف، مناظر المهاجرين، وطوابيرهم والضحايا والموت والقتل، وتلك الأرواح التي سلمت أمرها للرب في عرض البحار طلباً للأمان ومنهجاً للخلاص

كل تلك المفردات صاغها الشعر بصور تحمل الألم والأمل.

كانت لسوريا ولأوجاع وطني في أتون الحرب النصيب الأكبر من تجربتي الشعرية، حيث نزفت كلماتي، وسالت مدامعي كلما سال حبري فوق بياض الورق.

ستنتهي الحرب ونعود نكتب عن نقاء الياسمين، فالحرب رغم وحشيتها لم تستطع أن تطفئ بياض الياسمين، وكان الياسمين يعرش على اكتاف جدران الشام، ولم تغب صورة الوطن ابدأ من المشهد الشعري، وربما في كل قصيدة كتبتها أو نشرتها، الشعر ليس تقريراً صحفياً والشاعر ليس مدوناً للتاريخ، وانما هو روح فراشة تحترق عشقاً والتزاماً بقضايا الوطن والانسان والحرية.

 

 * دفعني فضولي أن ابحث قليلا عبر أروقة صفحة الشاعرة فيروز مخول وان أتابع من هنا وهناك. وجدت قصيدة

بعنوان

عناوينُ الرجوعِ. تقولين فيها

 

في عتمةِ الصقيعِ

في بلادٍ بعيدةٍ

باردةِ القلبِ

في بلادٍ وُلِدَت

بلا حضنٍ

بلا حبلِ مشيمةٍ.

كيف تجدين عملية العودة إلى الذاكرة. وربما محاولاتنا أن ننسى بعض التفاصيل…؟

 

* الذاكرة هي حالة إنسانية، بل نعمة للإنسان و نقمة أيضا، مثلها مثل النسيان، والعودة للذاكرة أو للماضي هي ليست حالة نكوص أو حالة ضعف وإنما هي طاقة وقوة تمنحنا القدرة على رؤية المستقبل وتفكيك الواقع المعاصر الحالي بما يحمل من بؤس و شقاء و وجع، ولا اعتقد أن هذه حالة خاصة يتهم فيها العربي قبل غيره، فكل الأفراد ومن كل الشعوب تمارس هذه الذاكرة، فلكل شعوب العالم تاريخها و مناهجها الدراسية، فهي تعيد قراءة التاريخ لفهم الحاضر و لاستقراء المستقبل، فمن ينكر ذاكرته و يحكم عليها بالنسيان لن يكون له وجود، وهذه ربما قاعدة فلسفية مستمدة من جوهر فهمنا للتاريخ و للماضي واحترامنا لذاكرتنا الفردية أكانت أو الجمعية أيضا.

 

* ما رأي شاعرتنا فيروز مخول في الكتابة النسوية؟ وهل تمكنت المرأة الكاتبة من فرض بصمتها الإبداعية في الساحة الأدبية؟

 

* لا فرق بين الرجل والمرأة ولا أجد أي خصوصية من شأنها أن تضعف أو تقوي من شاعريتي أو تخفف من قدرتي على الكتابة والأمر ليس مزاحمة أو مضاربة في سوق الأوراق المالية،

صراعي ليس مع الرجل واقود رسالتي بحرية تامة، ولا سطوة ذكورية تتحكم بمستوى كتاباتي، وأنما الأمر متعلق بمستوى الوعي والعمق الثقافي والإبداع الخاص لكل كاتبة أو شاعرة.

أنا شخصيا لا أؤمن بتنميط أو تقسيم الإبداع الأدبي أو الموسيقي حسب الجنس البيولوجي للكائن البشري، رغم ما حققته المرأة من إنجازات على جميع الصعد العلمية والأدبية والفنية والموسيقية. وبالنتيجة كل ذلك يعد أدبا إنسانيا بغض النظر عن الكاتب أو الكاتبة وبعيدا عن تحديد الجنسانية.

ربما تم استخدام وتداول هذا المصطلح نقديا كأسلوب لتسهيل دراسة الأدب ولكنه تقسيم خاطئ، والأمر ليس إلا أبداع إنساني.

مثلا هل هناك موسيقا رجالية أو موسيقا نسائية، الموسيقا هي الموسيقا

ولا شأن المؤلف أو العازف بها أنما المهم هو الصوت، البوح،

وهكذا بالنسبة للأدب والشعر،

 

* كيف ترين كتابة الشعر؟ بوح؟ عملية استشفاء؟ هروب من الواقع؟ مواجهات مع الذات؟ أو مع الآخر؟

 

* الشعر انعكاس للواقع وهو لسان حال الفرد المبدع في تكوين وتشكيل العالم، هو محاولة لإعادة بناء واقع أجمل وأكثر نقاءً، الفردانية أو طغيان الذاتية في الكتابة الشعرية هي تعبير عن َموضوعية الحياة وواقعها بكل تراجيديتها ومآسيها وملهاتها وتناقضات الحياة ما بين السعادة والتعاسة، الأمل والتشاؤم، الوجع والراحة، الموت والحياة. ثنائيات تُصّيِّر

هكذا هي صيرورة الشعر. أنها كالمطر تنبت العشب في الأرض اليباب

 

 * ما هو الحضور الأدبي العربي عموما والسوري خصوصا في السويد، وكيف يتم تنظيم الفعاليات؟

 

* العرب عموما، والسوريين بخاصة أثبتوا وجودهم الحضاري المعرفي في كل جهات الأرض، هنا تجّد الطبيب السوري أو العربي و المهندس والعالم و الرياضي و الأديب و الشاعر و الفنان ولكن للأسف الإعلام غائب عن المتابعة، وأيضا العمل الإبداعي لم يتم تنظيمه ضمن منظمات أو جمعيات، وإنما الأمر متروك للإمكانيات الفردية التي استطاع بعضها الوصول للعالمية من خلال كتاباته أو رسومه أو عن طريق نشر موسيقاه، ونعمل حالياً على تنظيم العمل ضمن تأسيسنا لجمعية ثقافية اجتماعية رغم وجود بعض الجمعيات لكنها عاجزة عن لملمة الفوضى، وإعادة إنتاج العمل الجماعي، فالأفراد لا يمتلكون قدرة الجماعة، وهذا امر علينا الاعتراف به، فالجمعيات التي سبق لها التأسيس تعاني من الترهل و الكسل، ولابد من تجديد نشاطها بدفق دماء جديدة، وبروح جديدة خاصة و كما قلت لك هنا في السويد طاقات و قامات ثقافية عالية ولها مكانتها و اسمها، فالأدب المهجر وقبل قرنين من الزمن استطاع تشكيل ملامح عامة لجنس أدبي من خلال قامات مثل جبران و مخائيل نعيمة و زكي قنصل وغيرهم، وحالة الهجرة مستمرة و الاغتراب، وتنظيم لقاءات دورية بين أبناء الوطن الواحد سيحقق نوع من الظهور و الاهتمام و مزيداً من الأسماء و الكثير من الإبداع..

 

* مرة هتف يسوع (إلهي لماذا تخليت عني) وأنت بماذا تصرخين في زمن الكوفيد 19 وأمراض العصر. التي هي حروب عالمية بمعنى من المعاني؟

 

* الرب لا يتخلى عن عبده، وقول المسيح جاء مجازيا والقصد مته انه أنا مع الله، وانه لا فكاك من رحمته ومن نوره، ولا أريد الخوض في اللاهوت والتفسيرات ولكنني أنا كإنسانة مؤمنة هكذا أجد الأمر.

أما الأمراض التي باتت تهدد حياة ليس الأفراد فقط وإنما المجتمعات البشرية ككل، ولعل تجربة البشرية مع الكورونا تجربة تستحق التأمل والحذر، وحرب الفايروس حرب كونية حيث لا قيمة للحدود ولا قيمة للمال أو الثراء أو التطور العلمي وهنا يكتشف الإنسان الفرد ضعفه وتكتشف الحكومات عجزها إزاء التهديدات الجدية.

واعتقد أن هذا يدعونا إلى التكاتف والمحبة والعبور من الحالة الفردية ومن الانغلاق نحو الانفتاح ونحو الاندماج… ويسرني أن اذكر هنا بأنني ومع مجموعة من الأكاديميين والأدباء والفنانين ومن جميع الجنسيات وعلى مستوى العالم شكلنا الكونفدرالية الدولية للسلام الإنسانية والعيش الحر المشترك وستنطلق خلال الفترة القريبة القادمة كمنظمة عالمية للسلام مسجلة ومعترفة لدى الأمم المتحدة.

وهي احدى نتاجات الوقوف ضد الأزمات العالمية والأوبئة والحروب، واعتقد أن الأدب والفن مازالا قادرين على صنع العالم بطريقة أجمل وأكثر شفافية وسلاماً.

 

* هل من كلمة أو إضافة عامة تودون الحديث عنها في نهاية هذا الحوار؟

 

_اشكر لكم وجدا طرح هذه الأسئلة عبر هذه المحاور الهامة والعميقة، وكانت فرصة جميلة أن أتعرف عليكم وعلى جهودكم في سبيل تقارب الأفكار والمساهمة في صنع ثقافة السلام والتعايش الأهلي. وخاصة ونحن السوريين والكثير من الشعوب في المنطقة تشهد حروبا ونزاعات وأوبئة ومجاعات وعدم استقرار، وكل ذلك يدعونا لنشر ثقافة الجمال والمحبة حول العالم.

أشكركم ولكم تقديري ومحبتي.

في نهاية هذا الحوار وبهذه الأسئلة ربما أكون قد سلطت الضوء على الشاعرة السورية المغتربة في السويد وجعلتها أقرب اليكم. أتمنى لشاعرتنا المزيد من التألق والإبداع

 

الكاتبة في سطور:

** فيروز فضل الله مخول مواليد دمشق عام 1964

* تحمل شهادة جامعية من جامعة دمشق /كلية العلوم /قسم الرياضيات والفيزياء.

* بدأت بالكتابة في سن مبكرة خلال دراستها الثانوية، والجامعية.

* بدأت النشر عبر المنصات والصحف والمواقع الإلكترونية، وعبر صفحتها الخاصة.

* ترأست إدارة العديد من الجمعيات والمجلات والمنتديات الأدبية، كما عملت في مجلات متنوعة كمجلة الفنون، والثقافة العراقية، الإبداع الأدبي العربي، أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون،

، * أسست مجلات إلكترونية، وساهمت في تنشيط الحراك الأدبي الشعري

* نشرت نصوص لها في الكثير من المطبوعات الأدبية في الوطن والخارج

* نشرت نصوصها ضمن مختارات من الشعر الحديث في موسوعة ضخمة بثلاث أجزاء بطباعة أنيقة طبعت وأصدرت بدمشق، ضمت أسماء شعرية عربية، كما طبعت جزئيين من الموسوعة الأنطولوجية الشعرية ببغداد.

* أقامت العديد من الندوات واللقاءات الثقافية، والأمسيات الشعرية خلال عملها كمسؤولة ثقافية في جمعية المرأة السورية في ستوكهولم، وحاليا تترأس تجمع بيت الياسمين الثقافي في السويد. وشاركت في عدة مهرجانات ثقافية عربية في تونس والجزائر والأردن … وأوروبا

 

*صدر لها الكتب الشعرية

1_ “خربشات روح ” دار ليندا للطباعة والنشر والتوزيع /السويداء -سوريا 2018

2 راقص الريح عن دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع /دمشق 2021

3_ عشق ثلاثي الأبعاد عن دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع/دمشق

4_ لا تخبروا الغياب عني عن دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع

5_ نحن الرماد عن دار كيوان للنشر والطباعة والتوزيع وذلك بالتعاون مع دار الأيقونة للطباعة والترجمة والنشر

كما لها مخطوطات قيد الطبع:

_ كتاب شعر مترجم للإنكليزية

_ كتاب قصائد هايكو

_ نهارات غائمة / رواية

 

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman