الرئيسية / قصة / عجَب العُجاب / بقلم : يــوســف بــولــجراف

عجَب العُجاب / بقلم : يــوســف بــولــجراف

عجَب العُجاب

  بقلم : يــوســف بــولــجراف

 القصة كاملة

ـــــــــــــــ

في القرن الرابع بعد الطوفان ، ظهر البطش على البسيطة من جديد ، هذا الطاغوت لم يكن إلا أحد أبناء عاد و إسمه شداد ، كان رعبا في شكل عملاق يحكم الحياة ، لم يترك طيرا يطير و لا دابة تسري و لا إنسانا ينعم بالسكينة و الخيرإلا و لحق به الأذى و العذاب ، ساعده في بطشه جيش من الشياطين و الجن ، و كانوا كلهم طاعة مسخرين لخدمته ليل نهار ، نجح في كل غزواته و توسع نفوذه و داع صيته في كل مكان ، حتى أن بعض الشعوب و القبائل إنضمت إليه فقط خوفا من الإبادة ، و بعد أن يدخل أي مكان يقتل الأعيان يسبي النساء و يسأل عن الكنوز من الذهب و الجواهر و الأموال و كل ما يزين به قصره يؤثته و يزيده سحرا و جمالا ،قصره هذا ستأتي عليه الحكاية حين سيسردها أحد النسور على سيدنا سليمان حين وصل إليه

 

و سمي بالقصر المدفون ؛ عرف عن شداد أيضا أنه زير نساء ، حيثما سمع ب الأنوثه يسعى إليها جاهدا يأخذها بالحديد و النار أو بالحيلة و المكيدة إذا استعصى عليه ذلك مستعينا بجنه العاشق كما فعل مع الأميرة بينيا زوجة الرئيس بيريز حاكم قبائل الشمال ؛ إذ أن شداد لم تكن تفصله عن قصبة الملك عاقل بن عاق إلا مسافة يومين ، و كان قد سمع أن لديه سبع بنات الواحدة منهن تنسي في جمال الأخرى ، كل واحدة منهن تأخذ من سحر وقت من أوقات الشمس و سميت ب أسمائها كانت أصغرهن أجملهن شمس العشي ، اندفاع شداد بن عاد وراء غريزته جعله يتحدى مخاطر هذه المعركة مع جيش عاقل بن عاق الذي لم يكن جله مكونا إلا من الجن المؤمنين ، و بناته السبعة محفوظات في مكان في القلعة لا يمكن لجن أزرق وصوله ناهيك على أن لهن أخوال من الجن أمددوا لهن ثيابا بأجنحة يطرن بهن حيث يشأن و خواتم حكمة و شأن ، كل هذا لم يكن ليمنعه الإنصراف عن فكرة مهاجمة عاقل ، لكونه كان كله ثقة في قوته و بأس جيشه ، و عظمته و أقل جنوده ب طول شجرة صنوبر معمرة ، و يأكل غزال في قضمة ، لكنه ارتأى في آخر المطاف و أرجأ فكرة الغزوة هذه لاحقا حين جاءه رسوله بخبر يقين ، أعلمه أن شعوب الشمال إختارت من يحكمها و هو رجل ذو خبرة في الحرب و دراية ب النجوم و له أتباع من السحرة و المشعوذين ، أقلهم حيلة يطمس مسارا و أشدهم بأسا يحرك اعصارا ، كما أهدته أجمل الجميلات الأميرة بينية و التي هام بحبها و أصبح يوما عن يوم يزداد شبابا كأنها تجسد فيه الحياة ، اشتد غضب شداد لهذا الخبر ، كيف لا يغضب و هو الذي يجب أن يملك هذه الرقة و البياض بين أحضانه وتلك النعومة التي يشتهي حين يلمسها تبدو له البصمات ، نعم هذا هو السر في معظم الحروب القديمة و ما العمل ؟ أشار عليه أحد سحرته مكلف ب البلورة السحرية أن يرسل جنه العاشق لها و يفعم مشاعرها و يسخر اخر في تغيير رؤيتها لأحد عبيدها فتراه كأنه زوجها بيريز و ب الفعل هذا ما قام به ..و بعد أن خرج لملاقاته في المعركة ، جاءها الجن تم العبد في صورة زوجها و صور مشهد الخيانة و أرسل إلى الرئيس بيريز في البلورة السحرية ، راعه ما شاهد ، و أمر في الحين برجوعه قلعته ، و أمر بقتل العبد لكنه كان قد هرب إلى وجهة غير معلومة كأن الأرض ابتلعته ، و قد ساعدته في ذلك إحدى الجنيات رمته في بلاد بعيدة بين عبيد إبنة أحد الملوك ، في مملكة الغرب و بعد أن طلب من الأميرة الأمان قص عليها قصته ، أخفته عن الأنظار و جعلته في خدمتها الخاصة ، أما الأميرة بينية فكان مصيرها ليس أفضل حالا من مصير عبده ، لم يستطع زوجها قتلها ، لكنه سجنها في بهو القصر، و جعلها أقل مرتبة من حيواناته الأليفة لكن قلبه كان لا يزال متعلقا بها … إشتد وطيس الحرب في صراع الجبابرة بين جيش شداد بن عاد من جهة و جيش تحالف الشمال بقيادة عاقل بن عاق و الرئيس بيريز ، و لو كانت تبدو الغلبة لشداد على البر بفضل مشاته العمالقة ، كانت تهتز الأرض بخطواتهم يدكون كل من في طريقهم ، كانت السماء حكرا لتحالف الشمال بفضل تحكم سحرة بيريز في مواقع النجوم و تغيير الطبيعة ، حتى أن في أكثر من معركة سحق جنود شداد بالصواعق ، عدم إنتصار شداد يرجع أساسا في همجيته و وحشيته و عدم درايته إستراتيجية تسيير الحرب ، غروره و استخفافه الخصم و توزيع تفكيره بين بناء قصره و فتح حرب على جبهتين فقط بنصف عدد جنوده ، إذ ترك النخبة منه في أشغال صرحه العظيم ؛ بدت الأرض مقسمة قسمين جهة قاتمة حالكة مقفهرة صواعق و غبار هي منطقة الحرب و الحكام التلاتة و جهة مشعة تنعم بالهدوء و الطمأنينة حيث توجد مملكتين تعيشان بسلام ، كانت هناك حدود عجيبة تبعدهم عن الأشرار ،حدود سريالية فيها حواجز مانعة فوق طبيعية سوف تظهر لنا بعضها عند خروج ولي عهد إحدى المملكتين في البحث عن النصف الثاني للحقيقة و قد وصل سن النضج ، و المملكة الأخرى هي تلك التي احتمى بها عبد بينيا زوجة الرئيس بيريز ، قد أصبح في خدمة مآرب الأميرة خفية ، و قد أصبحت شابة بهية في سن الزواج اشترطت على أبيها الملك أن من يريد أن يتقدم إليها يجب أن يفك لغزها و هو ليس إلا قصة بينية زوجة بريز لأنها وحدها تعرفها و العبد الذي تخفيه عن الكل حتى أبيها ، و في الشرط أيضا من لا يجيب يسجن ..هكذا إنتشر الخبر على العامة و جاء الخطاب من كل أرجاء المملكة و الكل كان مصيره السجن ، لأن لا أحد عرف القصة ؛ في المملكة الأخرى واضب الملك على تلقين إبنه أسس العلم و المعرفة و الأخلاق و مبادئ السياسة ليكون خير خلف له ، شدد في تنشئته الإجتماعية و كان صارما معه ، غرس فيه إحساس الحرمان كفلسفة للصبر و الشعور بالآخر ، أول درس مده إياه بنفسه عندما طلب منه أن يقفز من علو درجين و نهاه عن الخوف و يثق فيه لأنه سيمسكه ،قفز الطفل و لم يمسكه أبوه ،حين بدء يبكي قال له سوف تذكر هذا عنما تتولى الحكم ، بعدها لازم الطفل تعلمه بنظام أكل خاص و دائم خبز دون لبابة و لحمة مشوية دون عظم ،دأب على هذا النظام حتى إكتمل تعليمه ، و في يوم تأتيه رئيسة الطهاة في البلاط على غير العادة لحم يتوسطه عظم و خبز كامل بلبابه ، تعجب و أكل و إستلذ ؛ تساءل كيف حرم هذا المذاق ! اللحم لذيذ لكن بالعظم ألذ و الخبز دون لباب غير مكتمل ! إنتفظ و رمى بالعظم إتجاه النافذة تكسر زجاجها و سمع هرج الناس خارجا ، و خرج إلى الباحة وجد أباه الملك قبل أن يساله ، قال له الملك تريد أن تعرف لماذا ؟ إذن حان الوقت لخروجك للمجتمع و تعرف الناس و تحتك بالتجارب ، ما تعلمته إلى الأن ، لحم دون عظم و قشرة خبز ! الناس هم الباقي و احتك و إفهم و تفهم الرعية و تعلم ! و الكرسي ذاك ينتظرك ،إشارة للملك . خرج الأمير اليافع يسعى المعرفة و يكتشف حتى وصل مدينة تابعة للمملكة الأخرى ،و حديث الناس لا يدور إلا حول شرط زواج الأميرة و قصة بينية هو موضوع الساعة ! عرف الشاب أن الجواب يجب البحث عنه في مكانه ! فخرج من المدينة قاصدا الطريق و يسأل القادم منه ، إبتعد حتى أقترب مغيب الشمس رأى فتاة في يدها ناي وفي يد أخرى سوط تسوق غنمها ، إقترب نحوها ليسألها مكانا يبيت فيه بعيدا عن الوحوش ،لم يكمل جملة سلامه حتى كان سوطها عليه فتحول إلى خروف وديع ! ضحكت الفتاة الجنية : جئت بنفسك إلي يا حنيني ، و دفعته إلى القطيع و لا زالت تضحك :إقبلوا هذا الضيف اللطيف معكم ، حملي الوديع ! دخل القطيع متزاحما هادئا إلى الزريبة ، وحده الأمير الذي كان يمعمع ! و كأنه يريد أن يعبر على رفضه هذه الوضعية ! أقترب إليه كبش كبير ! بعبع قليلا كأنه يقول له : هكذا كلنا في البداية ستألف المكان و تستأنس مع الوقت ثم سأله بصوت خافت مبحوح ! : من أي بلد أنت ؟ . تعجب الأمير ؛ أراد أن يتكلم تلعتم ثم معمع و بعبع ، فسأل الكبش:

 

– ماذا جرى لي ؟

 

أجابه الكبش :

 

إننا كلنا في حضرة الجنية التي تحب الخرفان ! على الأقل هنا تضمن نومة هادئة بعيدا عن الضواري ، الحياة عناء صديقي و قد وجدت راحتي هنا ، حين تجد من يهتم لك ، يطعمك و يشربك و يرعاك و يطربك ، فهي تعزف لنا بنايها السحري حتى ننام ، فلماذا تعقيد الحياة بالفلسفة الفارغة ! من أنا و من أكون و سبب الوجود ! الحياة عناء صديقي و هنا لا ! بعيدا عن فائضي الحاجة سبب شقاء الناس ! فائض الحاجة عدو نفسه قبل أن يكون عدو البشرية

 

_ الخروف : بع ،مع ،إن لم تكن كبشا أقول زرادتش

 

– الكبش بضحكة : أصبت هكذا تحدث زرادتش بع ، لم تقل لي من أنت !؟

 

عرفه الخروف بنفسه : تفاجئ الكبش زرادتش و كأنه يتأسف و قرر أن يساعده في الهروب من قبضة الجنية يريد رد الجميل لأن أباه الملك كان قد فكه من قبضة بعض الغوغائيين ، اعتبروا زرادتش فيه مس مجذوب و ربطوه شجرة و بدأوا يعذبونه ، ف تصادف طريق الملك و أمر ب طردهم خارجا و يرد الإعتبار لزرادتش و يقول : في مملكتي لا تهان الفلسفة و يحترم العلم و الأساتذة و الحكماء و يبتسم له و حتى المجانين و المجاذيب الباحثين عن الحقيقة …الآن حان دوري لأخرجك من هذه الورطة ،فكر قليلا و قال للأمير : سأعطيك صمامات أضعهم دائما حين تعزف لنا الجنية كل ليلة مقطوعاتها السحرية بالناي ينام كل القطيع إلا أنا ، أخرج كما أريد و أعود حتى الفجردون أن تشعر بي ، فهي حين تعزف تترك الباب مشرعا ، لا تعرف أن لدي صمامات ! و غدا ضعهم بدلا مني ، و سأعلمك غدا عند خروجنا المرعى أين أتركهم لك ضعهم في أذنيك لكن لا تنسى عند هروبك مساءا أتركهم لي في نفس المكان !

 

_ اتفقنا صديقي !

 

– اتفقا ! شكرا لك ! و أنت لماذا عندك هذه الفرصة و لم تهرب !؟

 

_ إجتر ! إجتر ، أو نم ، نم دعني أجتر ،أنت لم تأكل العشب بعد !

 

هكذا نجحت الخطة و هرب الخروف ليلا !

 

بدء يسير و الخوف يسيطر عليه مع كل صوت ذئب يعوي بعيدا ، يقول في نفسه كنت أود أن أسألها عن الضواري و أنا إنسان فمابالي الآن و أنا خروف ،يا الدنيا !

 

لكن حظه وقف تلك الليلة و لم يصادف أي وحش ! حتى الفجر وصل مكانا يشبه من أين هرب لكنه خالي من المواشي و فتاة تشبه الجنية و لها سوط ، ركبه الخوف من جديد ! لكن الفتاة ما أن رأته إبتسمت و طمأنته :_ لاشك هربت من العدوة ،

 

ضربته بالسوط و عاد إلى صفته الأصلية .

 

_ إنك شاب وسيم ، تلك أختي هي تحول و أنا أعيد التحويل و تضحك ،إلى أين القصد؟

 

– أود معرفة مكان بينية !

 

_ إنها مسافة بعيدة كتيرا لا يمكن الوصول إلى هناك وحدك ! إسمع سأدلك على مكان عمتي ، إذهب إلى تلك الضيعة و إنتظر حتى الصباح سوف تخرج بقرة قبل أن تراك إطل جسدك بروتها الجديد ، و أقترب منها و أطلب منها ما تشاء ؛

 

و بالفعل ، ما أن طلب منها نقله إلى بلاد بينيا حتى تحولت جنية طائرة و في رمشة عين كان أمام الرئيس بيريز ! و على مائدة الأكل ، و عرف نفسه له و طلب الأمان ، رحب به الرئيس و يسأله عن أحوال بلاده و عن الملك أبوه ! بعدما فرغ من الأكل ، نادى كلبه أكل ، وبعدها نادى بدخول السجان و امرأة متسخة مكبلة بالسلاسل فرمى لها بأكل ما تبقى من الكلب ! سأله الأمير الشاب من تكون ! و ما حجم خطيئتها ؟ قص الرئيس حكايته ! لكن الشاب كان شيء بداخله جعله يريد أن يسمع أيضا منها ، قال له الرئيس و هو يخرج إنها فقدت الكلام و طلب منه الإنصراف ، ثم أضاف إن عدت و وجدتك معها سيكون مصيرك معها ! كأن الشاب يختزل الوقت معها و يربح المهلة التي أعطاه الرئيس ،سألها بسرعة و دون ملاطفة ! – رجل ك هذا قد يستحق الخيانة ، لكن وجهك الملائكي لا يقول ذلك، ضروري هناك سبب لخيانته !؟

 

– تغيرت ملامح وجهها العذبة إلى تقاسيم تعبيرية أخرى فهم منها أنه يجب أن يبحث أكثر ، و هو يعزم الخروج سمعها تقول بصوت يكاد يسمع : مع من ؟ لم يكن إلا هو !

 

بقيت جملتها تردد في عقله و هو يعود مع الجنية !

 

ثم فجأة سألها :أيمكن أن يتهيأ لها !

 

أجابته : كما تهيأت لك !

 

و كان فعلا هذا هو الجواب الذي يريد أن يسمعه و عرف أنها بريئة ضحية مؤامرة خسيسة…

و هكذا كان رد الجنية على سؤال الأمير إلا ليعزز شكوكه أكثر و يحفزه على البحث عن الحقيقة ، و لكن كيف السبيل لإيجاد الدلائل و إثبات براءة بينييا !!؟، فكر قليلا ثم سأل الجنية مساعدته إن كانت تعرف شيئا من الحقيقة في هذه القضية ،لا سيما و أن الجن يطلعون على كثير من خبايا الأمور ! لكن ردها كان بالنفي، فطلبه في الأول كان محدودا، اقتصرشرطه على نقله إلى بلاد الرئيس بيريز و عودته بعد ذلك ، و إذا كان يريد معرفة الحقيقة عليه الذهاب عند إحدى الجنيات من بنات عمومتها لا يخفى عنها سر ، أشارت له على وادي مقبرة الطيور و هو على مشارف حدود مملكة شداد حيث يبني قصره المبهربكنوز العالم في سهل مجاور ، يأخذ مخاخ الحيوانات للترميم و وبرها و ريشها للتزيين واللباس و الأفرشة و يرمي بجثتها هناك سألها : و كيف أجدها !؟

 

قالت له بضحكة الجنيات نياهاها : هي التي ستجدك ، و لن تظهر لك إلا إذا كنت تغني ، هل تعرف الأغاني السندية !؟ هي من عشاق الأغاني السندية ، وبعدما تبدو لك أعطيها خاتمي هذا و أطلب ما تشاء ! و عندما تنتهي من المهمة ناديني في هذا المكان الذي تركتك فيه حظا موفقا !

 

و إختفت و تركت ضحكتها خلفها هيهي هيهيهيهي هيهي. راح الأمير في الاتجاه الذي أشارت له إليه ، حتى حدود إحدى الشعاب أخذ منه التعب و الجوع ، جلس على صخرة و أخرج صرة من تحت حزامه فيها بعض الفواكه الجافة ، و قبل أن يأكل منها خرج فأرصغير و جميل بلون رمادي بني مبرقع إقترب منه حتى قدميه :- عمي ،عمي ذوقني معك ، عافاك ! تعجب الأمير : فأر يتكلم ! رمى له ببعض حبات اللوز و الفول السوداني !

 

بدء الفأر يقضم و يعلق على تعجب الأمير : أولا أنا لست فأرا أنا جربوع و أغني أيضا بالسندية عندما أشبع.

 

نسي الأمير جوعه و بدء يعطي ضيفه الصغير الحبة تلو الأخرى ، ثم بدء الجربوع يغني له و يرقص ” غورون كي نا كا لون كي ، دنيا هاي ديلافالون كي ، ..غورون كي نا كالون كي ، دنيا هاي ديلافالون كي ..هانز كي جي ، هانز كي ماري ، هام جيسي جالي مين جيت هاماري غونجي سوبه أو شاام هام جيتون كي سوداغار هاين ، ياهي هامارا ” (أغنية من زمن جميل ) انسجم الأمير معه تلقائيا و بدء يرقص أيضا ،نسي كل تعبه و راح يرقص بسعادة مع صديقه الجديد صديق الطريق و حتى وصلا مشارف مقبرة وادي الطيور حيث ودعه صديقه الجربوع عاد أدراجه و أكمل كلا منهما الأغنية و الرقص كل في إتجاهه أن تمشي و ترقص لن تشعر بالطريق حتى تصل “غورون كي نا كالون كي ، دنيا هاي ديلافالون كي كام هي ، جالي-جيل مين جيت هاماري غونجي سوبه-أو شام هام جيتون كي ساوداغار هين ، ياهي هامارا كام نا سونا ، نا تشاندي ، جيتون سي هاماكو بيار نا سونا ، نا تشاندي ، جيتون سي هاماكو بيار هدفون كي نا كا نا كاالون كي ، دنيا كي جي ديلافالون هانز كي ماري ، هام جايس ديلافالون كي هو هو ، غورون كي نا كاالون كي ، دنيا هاي ديلافالون كي غورون كي نا كاالون كي”

 

فجأة كما لو هيأ له تراءت له فتاة فوق غصن شجرة متدلية ، ثم أحس بدغدغة في عنقه و قهقهة و سمع صوت :أنا هنا !

 

إلتفت جهة الصوت لم يجد شيئا ، ثم ضحكة ساخرة : لا أنا هنا ، عرف حينها أنه وصل ، أكمل الغناء و أظهر الخاتم ! في الحين وقفت أمامه الجنية ! : ما طلبك ؟ الأمير : معرفة حقيقة ما جرى لبينيا ؟

 

الجنية : قلت بينيا!! أتدري أنا من هرب العبد المتهم و أنقذته ! كل ما وقع هو من مكيدة و شعوذة شداد و أتباعه ، و بصوت متذمر: الوحوش ..

 

الأمير : و لماذا لم تنقذيها ، أو تمنعيهم على الأقل !؟

 

الجنية : ببساطة لأن نحن الجن أيضا بيننا حدود لا يمكن تجوازها ، إنقاذي للعبد كان مجازفة لي ، ولو عرف جن شداد ذلك كنت سأحاكم أو أحرق !

 

ماذا يمكن فعله الآن لإظهار الحقيقة ؟ يسألها الأمير .

 

علينا الإنتظار ، أنا هنا على هذه الحدود أراقب الحرب بينهم و أستمع أغاني السند ، يبدو أن المعركة سوف تحسم لممالك الشمال ، سينتهي جيش شداد قريبا ! تجيبه الجنية ! غني لي …

 

قبل أن يسألها كيف ! طارت به إلى مختبر الساحرات، مصنع يشرف عليه الرئيس بيريز شخصيا ، اندهش الأمير لحجم الصناعة فيه و الأسلحة المجربة بداخله ! فقط في جناح التضليل يمكن أن يتيه فيه الشخص إلى الأبد دون ان يجد طريقا صحيحة ! بعدها صعدا فوق قوس قزح حيث مكتب رئيسة مصلحة النجم الحربي جناح خاص ، فيه من السحرة و المشعوذين و الكل منهمك في تجاربه ، أخفت الجنية الأميربمحلول سحري حتى لا يكتشف أمره ، ثم بدءا يسترقا السمع لحديث بين بيريز و كبيرة الساحرات كان يوبخها : أريد سلاحا يحسم الأمر ! و إلا سأرسلك أنت إلى الجنوبي المتجمد !

 

هنا كما لو جاءتها فكرة من كلامه و قالت : إنتظر فقط قليلا سيدي الرايس ، سنرسلها فعلا إلى الجنوبي المتجمد و ستطلب مساعدة إخوتها هناك ،

 

الرئيس بغضب يتساءل : من ! أوضحي كلامك الغير مفهوم ، لا أفهم تعاويذك

 

الساحرة : ستعرف بعد حين سيدي ،قل إنتهى شداد بن عاد هذا الطاغية ، شرنا يقضي على شره !

 

خرج بيريز هذه المرة من عند الساحرة على أمل كبير في تفوقه !

 

نادت الساحرة أحد أعوانها ، أن يشعل بيده إحدى البرك الصغيرة و هي تسكب الماء فيها فبدت بين يديه خيوط ضوء من البرق ، (لم يكن هذا الشخص إلا أحمد قناريو أحد الابديين و الذي إبتدأ عصره مع الجيل العاشر للبشرية على ما يتذكر وجد نفسه راشدا منذ الولادة ،ليس له طفولة ، كأن بركانا لفظه ، و يعد مؤسس الفلسفة السلوقية و رائد السلوقيات ، عرف أنه أبدي عندما صعقه برق حتى تفحم و مالبث عاد للحياة منذ ذلك الحين سمي أبو العواصف و ألزم الساحرة ، يحكى أنه و هو في السفينة و قد طالت العواصف في البحر و تحطمت كل أشرعتها و كادت تغرق ، عرف أنه هو السبب و نزل البحر و بدء يجر السفينة بيد و يسبح بأخرى حتى أوصلها بر الأمان ثم إختفى لم ينتظر الشكر رجع بسرعة حتى تتبعه العاصفة .) في تجربة أولى من نوعها بدت الساحرة متحمسة للنتيجة فقد بدت تظهر زوبعة أنشأتها بتحريكها الماء و تصعد بقوة تيار ضوء من يدي أبو العواصف !

 

بدت الساحرة سعيدة و هي تقول : سأضيف بعض البهارات و أكملها ب التمائم ،نياهاها ..

 

حين ذاك همست الجنية في أذن الأمير : هذا ما قلت لك ، إنها على وشك إنجاز ضخم سلاح فتاك سينهي شداد ، هيا بنا بسرعة يجب أن نستبق الوقت ! – إلى أين يسألها الأمير ؟ _ سنذهب إلى مركز الثوتيق أين تحفظ الأحداث عند شداد ، نحتاج هذه ، أخذت قارورة بها مسحوق ، و طارت به ،عندما وصلا أحد الأبراج على بابه حراس ، رشت من المسحوق فنام الكل ،ثم دخلا بهوا كبيرا ك الكهف يشع ب الديدان الضوئية فوجدا آلاف الجماجم مرتبة على طول رفوف ب طبقات كمتحف ، قالت للأمير : الأن علينا أن نجد البلورة التي فيها حبكت خطة الخيانة ، كل هذه الجماجم هي بلورات سحرية لتفتح أنقر ب أنف الجمجمة لتبدو شاشة العرض في البلورة ، هنا كل مجالس شداد صوتا و صورة منذ بدء يحكم !

 

_ لكن كيف أجد ما أريده وسط كل هذه الجماجم إنها ب الألاف و نحتاج وقت !

 

الجنية : لا عليك إفتح واحدة من كل رف ، أحدد أنا لك مكانها ب الضبط أنا مطلعة على تاريخه السوداوي من البداية !

 

بعد بحث قليل وجد الأمير البلورة التي تثبت ضلوع شداد ، ثم طارت به الجنية خارجا ، كانت السماء مكهربة ولا يريا شيئا ، يبدو أن ساحرة بيريز قد بدأت في إستعمال سلاحها ! و قد إكتمل ! بعد أن أعطاها الإذن رئيسها ، أخرجت إناءا و سكبت عليه ماءا بارد ا و فرغت فيه مساحيق كثيرة مسحوق من براز مجفف لعملاق يعاني من إنتفاخ المصران الغليظ و عسر الهضم ، مسحوق به رفات من بعض الحيوانات المهلوكة درويشة التي قتلها شداد خلطت كل المقادير و أضافت قليلا من حيظ أرنبة عذراء ، ثم بدأت تحرك الماء بشوكة عقرب قاتل متسلسل ، فبدأت تشكل عاصفة صغيرة بوجه تنين مع زوبعة و بدأت تصعد إلى السماء شيئا ف شيئا و الساحرة لا تكف على التمتمة إلى أن وجهتها نحو الجنوب و تشير لها بالعودة و الدعم بالعواصف الأخرى ،ارتسمت يد من سحاب تشكل يد الغيمة تشير باي باي وإشارة أخرى بأصبعها تديره تعني به سأعود ،و بتنسيق مع جهاز طمس الأثار دعمها باقي المشعوذين ب التضليل و لم ترصد الغيمة الشيطانية عيون شداد ، بدا الجو حالكا ينذر ب خطر لم يتفطن إليه لا وحوش و لا جن و لا سحرة الطاغوت ، حتى وصول أولى العواصف الباردة محملة ريح عاتية سامة بدء يسقط معها جند شداد كالذباب ، عاد هو مع قلة من حاشيته ليحتمي في قصره العظيم لعله ينجو بعد مرور العاصفة الثلجية لكن هيهات ما بدأت إلا لتزيد إستمرت عدة أيام ، حتى غطت الصرح بالرمال و الثلوج و لم يعد له أثر ، و هكذا إنتهى شداد مدفونا مع قصره و ارتاحت السماء و و الأرض من بطشه ، و بعدما خرج الأمير و الجنية بدليل براءة بينييا قبلت الجنية حمله إلى بيريز و لو أنه لم يكن في شرطها لكن في سبيل الكشف عن الحقيقة كما قالت ، كانت جنية ودودة تحب فعل الخير و رومانسية و هي تطير به سألته :ألا تعرف غير الجد ، يا ما س م ك ! هذا ما غرسه فيك أبوك ، إبتسم و غني لي تلك الأغنية التي كنت تغني مع صديقك !”غورون كي نا كا لون كي ، دنيا هاي ديلافالون كي ،”

 

ذهبا أولا عند بينية فك الأمير أسرها و طلب منها أن تأخذ قرارها ، أومأت برأسها ف دخلت معه عند بيريز، تفاجأ! و بغضب و الشر يملأ عينيه !: _ كيف تجرأ يا هذا ! و لوأنك ابن ملك أنا قادر أجعل مصير مملكتك مثل مصير شداد ، تتحداني و تفك هذه الخائنة !

 

يجيبه الأمير بهدوء العقلاء كأن الحكمة أخذت منه : على رسلك سيدي الرئيس ، تمهل و لا تجعل العصبية تسبقك ، و لماذا سنأتيك إذا كان بوسعنا الهرب ، و مد له البلورة ؛ شاهد قبل الحذف .هذه الجملة الأخيرة أضحكت الجنية و هو يراها وحده !

 

ما إن بدأ بيريز يتطلع للحقيقة كما لو صعق ، اغرورقت عيناه وانحسر شعوره قبل الإنفجاربداخله كمية من الإحساس لا يوصف و لا يمكن تحملها فيها أطنان من الحسرة و الندم و السؤال هل ، بل و الأسئلة كيف ، كيف يطلب منها أن تسامحه و كيف تسامحه ؟ و لو سامحته! ، كيف يعوضها سنين من العذاب و الضياع ، و كيف .. و مع كل ذلك ظلت بينيا تحبه بقدر حبه لها ، كانت إنسانة مؤمنة ب الله في سرها و لم تكشف سر عبدها المتهم إذ كانت تعرف أنه يعتكف ب الليل، فكيف يقوم بذلك الفعل المشين ! نعم حقيقة المشاعر قد تغيرها السنين لكن يبدو أن تلك بين بيريز و بينيا لم تتغير رغم عسر الامتحان ! كما رجت بينيا من الأمير أن يطلب منه العودة بعد أن ظهرت براءته وفكت رقبته مدته أوراق تحريره بوردة تحمل ختمها فيها انعتاقه ، عمت السعادة كل قبائل الشمال بعد أن عاد السلم و إكتملت الفرحة ببراءة بينيا و عاد الأمير إلى بلاد الأميرة على أساس فك لغزها الذي هو شرطها للزواج !

 

حين وصل دوره قدم نفسه لها ك أحد عامة الناس ، كانت سجون المدينة قد ملئت ب الراغبين الزواج منها و لم يفلحوا في فك لغزها ،

 

عندما رأته و ب سخريتها المعتادة : هل مجنون آخر ، كيف يرمي الناس بأنفسهم إلى التهلكة إن لم يكونوا مجانين !!

 

_ أجابها بحياء مفرط و أدب زائد عن القياس ! هذا دليل أنك أميرة محبوبة أيتها الأميرة المحبوبة ، الإنسان لا يرمي بنفسه للتهلكة هكذا و دون سبب هم يطمحون مولاتي !

 

هم يسعون قربك و رضاك و لو بالكذب و تجزيهم بالسجن و لو أنهم لم يقترفوا خطيئة جزائها السجن

 

– عجيب كلامك ليس غريبا ، قل يا هذا ، السجن ينتظرك أنت أيضا ، إحكي أنا أسمع !

 

– لدي شرطين إذا قبلت مولاتي ،و إذا أجبت ما تودين سماعه ، أتزوجك لكن تتركي القصر هذا و تتبعيني أينما ذهبت !

 

و الثاني… تعفين عن كل أولئك المجانين ” ضحكت الجنية من جديد

 

قال تمتمة ” ألا زلت هنا ”

 

ج : هل نسيت أنا أنتظر لأعيد العبد إلى بلاده عفوا الحر

 

وافقت الأميرة شرطيه

 

فطلب أن تأتي ب من تخفيه طول هذه السنين ، هو صاحب القصة أو عنصر مهم فيها مع بينيا!

 

هذه الجملة وحدها صاعقة كانت كافية تجعلها تتأكد أن الرجل أمامها إنسان جدي و في يده خيوط الحقيقة ، دخل العبد و قدم له أوراق انعتاقه و هويحكي القصة للأميرة و هي مندهشة ، بعد ذلك أصبحت مستعدة لتطبيق شرطيه لكن بقي لديه سؤال لها ؛ سألها : لماذا أخفيت العبد كل هذه المدة ، و كيف عرفت أنه بريء حقيقة !

 

أجابته : الناس طبائع و قد كنت أراقبه في كل ليلة أجده دائما معتكفا يناجي الله في صلواته ، و هذا ما جعلني مثلك أبحث عن معرفة الحقيقة بطريقة الأميرات ، و بما أني أميرة طلبتها تأتيني و لم أبحث عنها ك العامة

 

– لكن حتى الأمراء يبحثون عن الحقيقة ،،

 

— كيف !؟

 

– المهم سنتزوج الآن دون إحتفال و ترافقيني لأقدمك لأهلي و هناك سوف نعيش ، و هكذا ربما هناك تجدين حقيقة أخرى !

 

عند وصول الأمير و الأميرة بلاده ، سر الملك أبوه ما رأى خصوصا عندما عرف رحلة إبنه أين وصلت و عرف أنه قد بلغ من المعرفة و التجربة ما يجعله يصبح ملكا صالحا ، و أكثر جاء ب أميرة معه .. زواجه الأميرة وحد المملكتين ، وعم السلام الأرض و إنتهى الطغيان .

و حجايتي مشات مع الواد الواد و أنا بقيت مع الجواد.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية Hejmara (21) a Kovara Şermola Derket

  صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية   صدر العدد (21) ...

السهل الممتنع في ديوان “للحبر رائحة الزهر” للشاعر نصر محمد/ بقلم: ريبر هبون

وظف نصر محمد الإدهاش مغلفاً إياه بالتساؤل مقدماً اعترافاته الذاتية على هيئة ...

شعاراتٍ العربْ / بقلم: عبدالناصرعليوي العبيدي

فــي  شعاراتٍ العربْ دائــماً تَــلقى الــعجبْ . رُبّما  المقصودُ عكسٌ لستُ أدري ...

 القراءة :النص بين الكاتب والقارئ/ بقلم مصطفى معروفي

من المغرب ــــــــــــ بداية نقول بأن أي قراءة لنص ما لا تتمكن ...

جديلة القلب/ بقلم: نرجس عمران

عندما تضافرتْ كلُّ الأحاسيس في جديلة القلب أيقنتُ أن رياحكَ هادرة ٌ ...

على هامش تحكيم مسابقة تحدي القراءة / فراس حج محمد

من فلسطين تنطلق مسابقة تحدي القراءة من فكرة أن القراءة فعل حضاري ...

نســـــــــــــرين / بقلم: أحمد عبدي 

  من المانيا “1”   توقف البولمان  في المكان المخصص له  بعد ...

أناجيكَ ياعراق / بقلم: هدى عبد الرحمن الجاسم

أناجيكَ بين النخلِ والهورِ والنهرِ وأشكو لكَ الإبعادَ في الصدِِّ والهجرِ إلامَ ...

واحة الفكر Mêrga raman