الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / من وحي الزلزال/ بقلم: نرجس عمران

من وحي الزلزال/ بقلم: نرجس عمران

من وحي الزلزال ….يُقال

أنه وبعد أن باغتنا زلزالٌ غاضبٌ لم يأتِ ليقضي مضجع نِيامنا والسهارى فحسب، بل أتى لكي يقصف أعمارنا عن بكرة أبيها ويهدم بيوتنا ،أتى كي  يشردنا ونحن بالكاد مستورون، أتى كي يكمل المهمة التي بدأتها الحرب

في الخراب والدَّمار والقتل وترك بأظفاره بصمةً فوق بصمتهاالشَّريرة الشَّهيرة حتى في الأطفال والنساء ممن لم يتيتموا أو يترملوا بعد ويضمهم  إلى السَّابقين تحت طائلة هذا الوصف الموجع ( يتيم ، يتيمة ،وحيد ،أرمل، أرملة .. )

أجل يا سادة هذا الزلزال الذي هو من المفترض أنَّه حدث جغرافي طبيبعي  يحدث بين طبقات الأرض حين تغير تموضوعاتها لأسباب عدة منها الصدوع والانزلاقات

ومنها الهندسة الكواكبية ومايتعلق بجاذبيتها وضغوضاتها وموقعها من الأرض كما سمعنا مؤخرا

وكما يقول المثل  ليكتمل النقر بالزعرور )  استفاقت طيات الارض من سباتها الذي يستغرق عشرات السنين عادةً  الآن ، أو أن الكواكب أيضا ومنذعشرات السنين لم تصطف بهذا الشكل الإاليوم  ،  في هذا الزمن الثقيل  وهذا المكان النازف، وهذا الشَّعب الذي أبأسَ البؤسَ بؤسُه ،حتى أصبح يعيش بقدرةٍ إلهية

هي فقط ثوان كان هذا الزَّائر  الغاضب قد أنجز مهمته

برشاقةٍ ولباقة وغادر حتى قبل أن نستوعب مجيئه  لكنه لم يغادرنا نهائيا لا ، إنه يغادرنا بالتدريج يبدو أنه كالموت أحبنا ويطلب  قُربنا قدر المستطاع فاختار المغادرة على دفعات لذلك يزورنا بين الزيارة والثانية  زيارة ٌوإن كانت في أغلبها زياراتٌ خاطفةٌ قصيرة

إلا أنها تجفلنا لثوانٍ ،كلّنا يعرف أنّه بين يدي الرَّحمن دوما وأن أرواحنا ليست طوعنا أبدا

إلا أنك حيث تمثل لهذه الحقيقة وتكون بين يدي الرحمن  فأنت تختبر أمرا فعلا لا قولا وتلمس عظمته وقدرته عزَّوجل

ومن يعد العصي ليس كمن يأكلها

أن نعلم عظمة الله أمر مهم  ولكن أن نعيشها أمرٌ آخر أهم

نحمد الله أن اصطفانا لنكون من الناجين والصابرين والحامدين له على كل ما أتانا  ويأتينا  به .

ويُقال فيما يُقال عن لسان الزلزال لكن بأفواهٍ أدميةٍ

أنه بعد لملم الزلزال أعصابه وهدأ به الحال

وذلك في إحدى المدن التي نالت نصيبا وافرا من زيارته تلك ، فكان لها من الهدم والخراب والموت ما لا تحمد عُقباه

اجتمعت الفرق واللجان والإسعاف  لمساعدة الناس وانتشال من علق منهم تحت الأنقاض أحياءً كانوا أو أمواتا  والأمر استغرق أياما حقيقةً لهول الحدث وفحاشة الكارثة

وفي أثناء عمليات الحفر والبحث  كانت إحدى الفرق تحفر  وتهدم  وتزيح وتبعد وتزيل الأنقاض من هنا و من هناك  بعد التأكد من أن الموقع  خالٍ تماما من البشر

فإذا بسيدة تهرول مسرعةً إليهم قائلة:

أرجوكم  لاتحفروا هنا بهذه الطريقة  قد تهدمون هذا  الحائط فيموت أبنائي  إنهم خلفه

فقال لها الرجل :لكن معلوماتنا أنه لا يوجد أحد هنا و لا حتى أصوات  لأحدٍ خاصة وقد مضى وقتٌ لا بأس به

فقالت له السَّيدة : لا  ولداي هنا

لذلك تغيرت خطة العمل وبدأ البحث فورا عن الولدين حيث أشارت الأم ،وفعلا تم العثور على الولدين وإخراجهما وكم كانت فرحة الفريق كبيرةً بنجاتهما ؟!

نظر الرجل حوله يبحث عن المرأة كي يخبرها بأنهم وجدوا أبناءها حقا وبأنهم أحياء ، لكنه لم يجدها

بحث وسأل الكلّ عنها لكّنهم لم يعثر عليها  ولم يعرفوا أين هي ؟ حتى أخبره أحد أبنائها بأن أُمنا قد ماتت منذ أربع ساعات .

 

(سؤال الأن

ماتت الأم منذ أربع سنوات ؟!  هذا يعني أنها أخبرت رجال الفرقة عن مكان أبنائها وهي ميتة  كيف ذلك؟!

 

لست  هنا بمحض تصديق أو تكذيب الأقصوصة  لكنني  هنا لنتخذ العبرة القائلة (  من كان له عمر لا تقتله شدّة)  وأن الله عزَّ وجل  يسبب الأسباب

ولربما و كما يقال والله أعلم أن الأرواح بعد أن تغادر الأجساد تبقى تحوم  بعد الموت  في المكان والله أعلم )  ثم ختاماً هذه هي الأم وهذا قلبها حيَّة كانت أم لا  هوخلية تضج بحب أولادها والخوف عليهم  )


عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman