الرئيسية / قصة / حينما تمسح نكدي بيديها الناعمتيْن/ عطا الله شاهين

حينما تمسح نكدي بيديها الناعمتيْن/ عطا الله شاهين

حينما تمسح نكدي بيديها الناعمتيْن

 

ذات صباح ماطرٍ أيقظتني امرأتي من نومي، وقالتْ: انهضْ، لقد تأخرتَ على عملكِ.. وبعد دقائق من إلحاحها لي للنهوض من نوم رائع، قمتُ من فراشي واتجهتُ صوب النافذة، فشاهدت المطر ينهمر بغزارة، فامتعضتُ قليلا، وقلت في ذاتي: لا أُحبُّ الانتظارَ تحت المطر، فالنّكد لا يأتيني، إلا حينما أكون أنتظر حافلةً على الرصيف وتحت المطر لفترة من الزمن، ولكنني مجبرٌ أن أنتظر تحت المطر.

فلبستُ ملابسي على عجلٍ، وسرتُ على الرصيف المليء ببركِ المياه، وانتظرتُ هناك بلا شمسية، وجاءني النّكد بكل سماجته، فتمتمت في ذاتي فعلا كما قالت لي امرأتي حينما تكون متنكدا تحت المطر، فأنت لا تشبه ذاتك، لا سيما حينما أكون تحت المطر انتظر حافلة لمدة طوبة، فقلت في ذاتي: كيف لي أن انتظر حافلة لفترة من الزمن تحت المطر دون أن أتنكّد..

وحينما كنتُ أنتظرُ الحافلة بدأ النكد جليا على وجهي المبلل، فالمطر كان يبللني تماما، لأن الحافلة تأخرت، فقلت: ما العمل؟ عليّ الذّهاب إلى العمل، فأقوم في كُلّ صباحٍ ومساءٍ بالوقوف في ممرِ الحافلة الصغيرة، رغم أنّني عادة أرى أمامي وجوهاً مبتسمة، وأخرى نكدة، إلا أنّني أتحمّل عذابات السفر ..

وبقيت أنتظرُ في ذاك الصباح الماطر بكل نكدٍ وعندما أتت الحافلةُ الغاصّة بالرّكِّاب المتنكّدين مثلي، صعدتُ إليها، وحينما وصلتُ إلى عملي متأخرا، قمتُ بتجفيف ملابسي على المدفأة، وشربتُ قهوتي، وأشعلت سيجارة من النوع الفاخر لتعديل مزاجي، الذي تنكد تحت المطر .. فالانتظار تحت المطر يجلب لي النّكد أكثر من أي شيء.. ففي المساء سأتنكّد مرة أخرى ربما تحت المطر، ولحظتها سأكون في مزاجٍ نكدٍ، لكن النّكد ستمسحه مثل كل يوم يدي امرأتي الناعمتين، حينما سأعودُ إليها بوجهٍ نكدٍ.

 

 

بقلم: عطا الله شاهين

 

 

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman