الرئيسية / قصة / تلك المرأة ينقصها الحُبّ/ عطا الله شاهين

تلك المرأة ينقصها الحُبّ/ عطا الله شاهين

تلك المرأة ينقصها الحُبّ

شاء القدر أنْ تعيشَ تلك المرأة بمفردِها بعد أنْ ماتَ والداها من أمراضٍ ألمّت بهما.. امرأةٌ تبدو في عقدِها الخامس.. تنهضُ في كُلّ صباحٍ لتفقّدِ عنزاتها، التي بقيتْ كورثةٍ لها من والديها.. تقومُ تلك المرأة بحلبِ عنزاتها في كلّ صباحٍ لبيعِ الحليب في سوقِ المدينة القريب.. تعوّدتْ تلك المرأة على هذا الرّوتين اليوميّ، رغم أنها تظلّ تشعر بضجرٍ بسببِ أنها تعيشُ بمفردِها في بيئةٍ موحشةٍ.. فهي لم يحالفها الحظّ بعدْ في الزّواج ..

باتتْ تلك المرأةُ تشعرُ في كلّ يومٍ بأنّها ضجرةٌ من عيشتِها، ولكنْ ماذا تفعلُ؟ فهي مؤمنةٌ بقدرِها، لكنّها تتمنّى بأنْ تتزوّجَ ذات يومٍ، رغمَ كبرِ سنّها، لا لشيء، إنّما لقتلِ ضَجَرِها في تلك البيئةِ المقفرة.. تجلسُ على عتبة بابِ بيتها المبنيّ من الطّين، وتقولُ في ذاتها: لقد هرمتُ، معقول سأجدُ مَنْ يتزوّجني، فمَنْ سينظرُ إليّ بهذا السّنّ، رغم أنّني جذابةٌ بعض الشّيء، لكنّها تتمتمُ في ذاتها: لقدْ فاتني قطارُ الزّواج، رغم أنّني لمْ أفقدْ الأملَ بعد.. فهي لا تتحدّثُ سوى مع عنزاتِها، وتردّدُ لها ذات الكلماتِ في كل يومٍ .. تعودُ تلك المرأة مع عنزاتِها عند ساعاتِ الظُّهر، ويكونُ التّعبُ جلياً عليها مثل كلّ يومٍ، فهي ترعّي العنزاتِ تحت أشعةِ الشّمس، وتسيرُ بشكلٍ يوميّ في جبلٍ وعرٍ.. تعود إلى فراشِها لتأخذَ قسطاً من الرّاحة.. تصحو بعد الظّهرِ وتخطو صوب صورةِ أُمّها المتوفاة منذ زمنٍ تنظر إلى الصّورةِ المعلّقة على حائطِ بيتِها المُتصدّعِ ..تحدّقُ في الصّورةِ لدقائقٍ كعادتِها في كلّ يومٍ، لكنه يخيّلُ لها بأنها تسمعُ صوتَ أمِّها يقول لها: إذا شعرتِ بالوحشةِ، فما لك يا ابنتي سوى الدُّعاء إلى الله حتى يحميكِ تحت كنفِ رجُلٍ تقيّ، لكي يلتفتَ إليكِ في السراء والضراء. تبتسم تلك المرأةُ بحزنٍ، وتقولُ في ذاتها إن شاء الله، وتذهبُ لتتفقدَ عنزاتها..

ففي كلّ مساءٍ تذهب إلى فراشِها، وتقول في ذاتها قبل أن تغطّ في نوْمِها، وتقول في ذاتها لا أريد من هذه الحياة أي شيء سوى الوقوع في الحُبّ، وأتمنّى بأنْ تتحققَ أُمنيتي ذات يومٍ بالزواج من رجلٍ أقعُ في حُبّه ذات يوم، فأنا لا ينقصني سوى الحُبّ..

 

 

 

 

 

بقلم: عطا الله شاهين

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman