ذاتَ نهارِ موحش قصيدة سردية تعبيرية*/ كريم عبد الله

متعددة الأصوات انظروا كيفَ تستفزُّ ذاكرتي أطناناً مِنَ الشظايا تمطرها السماءَ !
يالهُ مِنْ نهارٍ موحشٍ !
خلفَ السواترِ تنامُ الأحلام ,
هلْ رأيتمْ كيفَ تنزوي صورُ العشيقاتِ في الجيوبِ المثقوبةِ !
أقدامُ المتمسّكينَ بــ الأرضِ يتملّكها الرعب في حقولِ الألغام ,
كانتْ هناكَ راجماتٌ كثيرةٌ تأتيكَ بــ الموتِ ما أقسى قذائفها َ تجهلُ سرّهُ حينَ تتساقطُ بــ وحشيّةٍ على الملاجىءِ الترابيّةِ ,
وتتساءلُ في نفسكَ علامَ كلَّ هذا الخراب …. ؟! .
أكادُ أسمعُ أدعيةِ الأمهاتِ خلفَ تلكَ الأبوابِ الموصدة ,
ويغلّفُ قلوبهنَّ الرقيقةِ حزنٌ عميقٌ كلّما تغيبُ الشمس ,
كلَّ شيٍ يئنُّ فوقَ هذهِ الأرضَ …
الحشائشُ الخضراءَ الفتيّةِ تحتَ صفائحِ الماء المثقوبةِ لمْ تعدْ تتنفس , العرباتُ المعطوبةِ لا تعرفُ طريقَ العودةِ وهيَ تتكىءُ على هشيمِ الأمتعةِ المحترقةِ ,
حتى العصفور في غرفةِ ( الضابط ) راحَ يرفرفُ بجناحيهِ يغرّدُ مِنَ الخوفِ ويحتمي خلفَ القضبان !
كانَ الدكتاتور متورّدَ الخدّينِ يشعلُ المدينةَ كما يشعلُ تبغَ غليونهِ الباهضَ الثمنِ , الكثيرَ مِنَ الجنودِ تخلّوا عنِ إجازاتهم وراحوا يتدافعونَ خلفَ السياراتِ الذاهبةِ بهم الى الجحيم ,
كمْ هي قاسيّةٌ ( النهضة )* منحتهم أوسمةِ الشهادةِ والمدنَ المنكوبةِ لافتاتٌ سوداءَ تزيّنُ واجهةَ البيوت الحالمةِ بــ الخلاصَ شوارعها المهجورة ….ـ
الضابط : رتبة عسكريّة .
النهضة : اكبر مرآب لنقل المسافرين في بغداد , أيام الحرب كان الجنود يتسابقون كي يركبوا السيارت الذاهبة بهم الحرب . الكثير منهم خرج من ( النهضة ) ولم يعدْ للآن ….
الشاعر كريم عبد الله