الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / المقامة الفجريّة/بقلم: صالح أحمد (كناعنة)

المقامة الفجريّة/بقلم: صالح أحمد (كناعنة)

المقامة الفجريّة

بقلم : صالح أحمد (كناعنة)

ــــــــــــــــــ

عُمرُ المَدى صَمْتٌ  =   ما  عُمرُ  أمنِيَتي

لونٌ وبَعضُ صدى  =   أثَري، فأين غَدي

***

يوقِظُني الفَجرُ، أو أوقِظُهُ، لِأَمضي إلى ما يَستَحِقُّ أن أجعَلَهُ بِدايَةَ يَومي، أو رُبَّما أَجَلي، فَمَن يَدري؟! وَكُلُّ ما يَشغَلُني، بل يَغمُرُني تَفاؤُلًا؛ شُعوري بأنَّ عَظَمَةَ البِداياتِ، لا بدّ ستكتُبُ عظمَةَ الخَواتيمِ… إذ لَطالَما آمَنتُ بَأَنَّ الأُمورَ جَواذِبٌ.. وكلٌّ يَجذِبُ إليهِ ما يُناسِبُهُ، أو يُماثِلُه، أو يُضارِعُه.. والسِّرُّ أحوالُ…

العشقُ يَجذِبُ العِشقَ، والعَظَمَةُ تجذِبُ العَظَمَةَ، والفكرَةُ تَجذِبُ الفِكرةَ، والصّحوَةُ تجذِبُ الصحوَةَ، والخَيرُ يَجذِبُ الخيرَ… والكلُّ بالسِّرِّ جَواذِب.

والسِّرُّ في روحي  =  بالرّوحِ مُعْتَصَمي

مِن  فِتنَةِ   الفاني  =  مِن مُورِثي عَدَمي

السِّرُّ  في روحي  =  سَبحي   وَتَمجيدي

جَذبي  فَمِعراجي  =  عِتقي     فَتَخليدي

***

وأَمضي… وللفَجرُ روحٌ، يَصحو فيَّ، يَنثُرُني على طُهرِ النَّدى ألَقًا.. والكونُ ساكِنٌ.  وللفَجرِ سِرٌّ.. والسّرُّ روحٌ.. وبِالسّرِّ يَصحو أَقوامٌ، يَعيشونَ سِرَّ النّورِ؛ صَفوًا يَتَدَفّقُ، يَسكنُ فَوحَ النّدى، وتَنُفُّسَ الفَجرِ… وَمَباهِجَ النورِ ترسمُ جَواذِبَ البداياتِ وأسرارَها  في الفَجرِ…

في السّرِّ يَعمى قَومٌ، يَدورونَ، يَجرونَ لِمُستَقَرٍّ لَهُم… يَسكُنُ غَياهِبَ ذَواتِهِم، تَحكُمُهُ جَواذِبُ الشّهوَةِ، وسَواجِنُ اللّذَّةِ، لا يُدرِكونَ منَ الفَجرِ إلا هَجعَةُ النّفسِ اطمَأَنَت إلى هَيكَلِها الفاني، في جَذبَةِ التُّراب ..

ما يُنبِتُ التُّرابْ  =  لا سِرّ  يَسكُنُهُ

حقيقةٌ  وسَرابْ  =  والموتُ مَعدَنُهُ

***

وأَمضي… وللفَجرِ انبِعاثٌ، يَنتَشي بي… أَحياهُ ويَحياني في تَمازُجٍ وِجدانيٍّ أشعُرُهُ أَليفًا أَنيسًا فِيَّ، وَأَستَشعِرُ مَعَهُ سَرَيانَ الرّوحِ بِسِرِّ باعِثِها المُحيي المُميتِ سُبحانَهُ، يَبعَثُ الحياةَ في الوُجودِ الرّاكِدِ، فَيَتَنَفّسُ… وأُحِسُّ لِتَنَفُّسِهِ رَعشَةً يَهتَزُّ لَها كَيانُ كُلِّ شَيءٍ.. فَتَنطَلِقُ روحُ الجَذبَةِ تَأخُذُ حَقَّها المَقدورَ، فَتُزاوِجُ الأشباهَ… وَتُنافِرُ الأَضدادَ.. فَيُبصِرُ أَهلُ الرّوحِ سِرَّ الأَنوارِ يَستَيقِظُ بِسِرِّ المُبدِئِ المُعيدِ… ويَستَثقِلُ أَهلَ الجَسَدِ جُثومَ الظّلامِ على أَنفاسِهِم، فَتَعمى بَصائِرُهُم عَن سِرِّ المُقدِّمِ المُؤَخِّرِ…

والفَجرُ   عيدُ   صَفا  =  والسِّرُّ  مَكنونُ

يَصحو، وَيَصحو مَعَهْ =  فِعلٌ وَمَضمونُ

والكُلُّ         مَقدورٌ  =  بالسِّـرِّ مَرهونُ

***

وأمضي… وقَد تَنَفَّسَ الفَجرُ، وَسَرَت أَنفاسُهُ بِسِرِّ المُبدِئِ المُعيدِ إِلى كُلِّ شَيءٍ، فاختَلَطَت الأَنفاسُ بِسِرِّ جَذبَتِها… لُطفٌ وَسِحرٌ وَحسنٌ وَصَفا… تَنالُني جَذبَتي بِنَصيبٍ، فَأَشهَقُ وَأزفِرُ بِقُوَّةٍ، آخُذُ مِن أَنفاسِ الأرواحِ المُتَجاذِبَةِ، وَأُعطيها.. والفَجرُ يَتَسَلَّلُ إلى نَفسي، يَتَخَلَّلُني، روحُهُ تُمازِجُ روحي في سَعيِ الأَرواحِ إِلى اعتِناقِ البِداياتِ؛ شَوقًا إِلى رِفعَةِ المَقدورِ في سِرِّ النِّهاياتِ…

وأَصفو… وما أَنا إلا نَفَسٌ قُدِّرَ له أن يُمازِجَ الأَنفاسَ في سِرِّ اللَّطيفِ الخَبيرِ، مالِكِ المُلكِ سُبحانَهُ.

وأَسري… وما أَنا إِلا خُطوةٌ قُدِّر لَها أَن تَشُقَّ مَسارَها وَسطَ زِحامِ الأنفاسِ الفَجرِيَّةِ بِسِرِّ الواجِدِ الباعِثِ، تَعيشُ تَجاذُبَ الحَيَواتِ حَتى تَصيرَ إِلى مُستَقَرٍّ لَها ..

روحٌ  ورَيحانُ  =  ما بِالخُطى  سِرُّ

السِّرُ    بُرهانُ  =  عنوانه    الدّهرُ

الدّهرُ  رَحمانُ  =  لا   يَدنُهُ   الشّرُّ

الشَّرُّ   شُطئانُ  =  والمَركِبُ  الفِكرُ

الفِكرُ    إِنسانُ  =  ميزانُهُ     العُذرُ

العُذرُ  شَيطانُ  =  قَرينُهُ       الغَرُّ

الكونُ   رُكبانُ  =  والموعِدَ   القبرُ

القبرُ     قيعانُ  =  أفياؤها   الصّبرُ

الصّبرُ  عُنوانُ  =  والعبرَةُ  النّصرُ

النّصرُ  أركانُ  =  في عَقدِها البِشرُ

روحٌ  ورَيحانُ  =  ما بالخطى سِرُّ

::::::: صالح أحمد (كناعنة) :::::::

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

واحة الفكر Mêrga raman