الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / سر الطائر على الكتف أو الإنسان الباطن/ بقلم: إبراهيم أقنسوس

سر الطائر على الكتف أو الإنسان الباطن/ بقلم: إبراهيم أقنسوس

أستطيع أن أزعم ، بعد الإنتهاء من قراءة هذا المتن الروائي (1) ، أن الأمر يتعلق برحلة (عرفانية) ، يقطعها الشيخ أحمد (الإنسان) ، بإلهام من زوجه (أروى) (الإنسانة) ، وبتدبير من خادمه (عيسى) (العبد/الحر) ؛ رحلة بدت دالة وضرورية ، روائيا على الأقل ، لكل إنسان إنسان ، يريد أن يكون لوجوده معنى ، هو الجدير به ، تقول الرواية على لسان (أروى) 🙁 وندرك اليوم بعد ما تهاطل علينا من الأفضال أننا كنا فيما يشبه المغارة ، مغارة وهم ، يحب فيها الواحد نفسه في صورة الآخر… ) (ص: 203) . إن هناك شيئا آخر، يحدد صورة هذا الكائن البشري ، ويفسر حقيقته ويجلي وجوده ، هذا (الشيء) أو (السر) بلغة الرواية (ص:39 ،40)  ، يتحقق بطريقين ، إما بالمجاهدة كما طلب من (الشيخ أحمد) ، وإما بالفضل كما تحقق مع زوجه (أروى) ، ثم مع ولدهما (نور) ؛ حقيقة لا تعزب عن  (عيسى ) : (إدراك الروح يكون بالفضل مع المجاهدة ، وقد يكون بالفضل دون المجاهدة في بعض الأحيان ) (ص:181) ، ليبقى الأهم في النهاية هو ، هذا البحث الحثيث والعاشق عن (شيء) ، هو أنفس بكثير من كل لذات العيش ، حتى وهي تتمظهر في أرقى تجلياتها ، كشأن العلاقة بين (الشيخ أحمد ) ، وزوجه (أروى ) ؛ وفي سبيل التحقق بهذه الغاية ، التي بدت أكثر من عزيزة ، أو بهذا (التجلي من تجليات الله على بعض العباد في الأرض)(ص:64) ، يكون على  (الشيخ أحمد) ، أن ينطلق عبر رحلة طويلة ، في البحث عن تفسير اللغز، لغز الطائر على الكتف ؛ العنوان الذي حملته هذه الرواية ، والعبارة السر والمفتاح ، التي ظلت تتردد بين ثناياها وتجاويفها ، ( ستستظلين برجل كالشجرة يحط عليها الطائر ) ، تقول (أروى) نقلا عن الشيخ (سرهندي) (ص: 32 ) ، ونفس الحدث ستؤكده (وئام) في نهاية الرواية ، (فقد سمعت من شيخها بالبصرة ، أن أروى بشرها أحد الحكماء بقوله : (إنك في حياتك ستستظلين بشجرة أمان تحط عليها الطير )(ص:282) ؛  ظاهريا ، الأمر يتعلق بطائر جميل اللون ، يحط بين الحين والآخر ، على كتف العبد (عيسى) (ص: 34 ) ، الشخصية التي ستتكلف روائيا بمساعدة (الشيخ أحمد) ، على البحث عن فك هذا اللغز(ص:36 ،39 )، على أن ما يهم من أمر هذا الطائر في النهاية ، بالنسبة لأحمد ، هو ما يكتنفه ، ويدل عليه من أحوال ومعاني ، (والذي أطلبه في الحقيقة إنما أتوسم أن يكون وراءه من الأحوال والمعاني التي شوقتني إليها أروى ..) (ص:42 ) ، والتي ستتولى أروى هي نفسها ، بتفسيرها ( بما سيكتب لزوجها من أحوال صفاء الروح ) (ص:45) ، يكون على (الشيخ أحمد) أن يتححق بها ، عبر طريق المجاهدة ، ومن خلال ما تسميه الرواية بنزع الأردية ، وهي بالعد ستة أردية ، رأى أحمد في رؤيا أنه يخلعها ، واحدا بعد الآخر(ص:50 ، 51) ، وتقره (أروى) على ذلك ، مؤكدة أن الأمر يتعلق بشروط عيسى التي يمليها عليه ، للتحقق بالمطلوب (52،53) ، شروط يتلقاها (عيسى) ، عبر أسياده الذين لا يراهم (ص:55) ، لأنهم ببساطة ليسوا كائنات بشرية ، بل إرادات وتشوفات وإشارات  (ص:60 ، 61) ؛ ثم يشرع أحمد في خلع الأردية ، بأمر من (عيسى) .

الرداء الأول : تحرير العبيد : وجد الشيخ أحمد نفسه مدعوا لتحرير كل عبيده ، بما للعبيد من دور في تدبير أمور الواحة ، (ص:80 ، 81،82) ؛ وحين هم بتحرير خادمه (عيسى) أولا ، فاجأه بكونه ليس عبدا لأحد ، لأنه ليس عبدا لنفسه ابتداء ، ووعده بتفسير هذا الأمر لاحقا ، (ص:84) ؛ وتعتبر مسألة العبودية ومعانيها ، من المضامين أو (التيمات) ، التي توقفت عندها الرواية طويلا ، واهتمت بمناقشتها إبداعيا ، ربما لارتباطها بالفترة التاريخية التي نسجت فيها هذه الحكاية ، حيث كانت تجارة العبيد عملة رائجة ، يصعب تصور الحياة بدونها ، لذلك كانت الدعوة إلى إلغائها بمثابة إعلان حرب على الأعيان و النخاسين ، والدخول في مواجهات مع مكائدهم وتهديداتهم ، (ص: 87، 88 ) ، مثال ذلك طرد إماء العبيد المحررين وأطفالهم (ص:99) ؛ ليبقى المهم في النهاية ، هو تمكن (الشيخ أحمد) من تخليص المبادلات التجارية ، بين المغرب وبلاد السودان من تجارة العبيد ، وعيسى يثني عليه ، ويقره على حسن فهمه وسعيه قائلا : ( بارك الله لك  في الفهم والسعي ، فقد انفتحت بصيرتك للواردات الربانية) (ص:93) ، ثم ينصحه بالثبات بقوله ومعناه : ( فداوم على تحرير الغير تحرير تشريع ، وداوم على تحرير نفسك تحرير تحقيق ….فقل في السالكين من قبلك من جاء من هذه الطريق )(ص:95) ، ثم دعاه إلى التأمل في معاناة هؤلاء العبيد (وجب عليك أن تستحضر آلام من عاشوا في دارك من العبيد والإماء وأبنائهم ، ثم آلام من عانوا المحن في مشيختك ، في واحتك وفي كثير من الأصقاع) (ص:97).

الرداء الثاني : بعد الإنتصار على مكائد الأعيان في مسألة العبيد ، يجد (أحمد) نفسه أمام امتحان آخر، يتعلق بحياته الشخصية ، فقد دعاه عيسى إلى طلب الزواج من امرأة أخرى ، أخت خولة بنت دحمان (ص:105) ، أحد أعيان الواحة ، الذين لا يخفون كراهيتهم للشيخ (ص:101) ، واعتبر الزواج من ابنته من (جملة الإبتلاءات لتخليصه من التعلقات) (ص:106).

الرداء الثالت : ويتعلق الأمر بمطالبة الشيخ أحمد ، بنبذ التملك عبرالإستزادة من العطاء ، فالمال ليس ماله يقول عيسى ، وإنما هو مستخلف فيه ، (ص:108) ؛ لقد تذكر أحمد ما قاله شيخ والده ، (اذهب لخدمة الأحرار) ، وهو يفهم ذلك الآن ، وبلغة الرواية ف(الأحرار من وفقوا إلى لبس حلة التجرد من دعوى التملك إذ نسبوا الملك إلى مولاه ) (ص:109) ، وقد أدرك أحمد ( بالذوق أن العطاء هو شرط التقوى … وأن الزكاة هي مدار حقيقة السلوك برمته) (ص:118) .

الرداء الرابع : تحكي الرواية أن (عيسى) ، أخبر (الشيخ أحمد) ، بصوت (السابقة) أنه (سائر إلى الخلو من الأغيار ، ليكون الكرسي مخصوصا لصاحبه ، كرسي قلبه لمن يجب له ، لربك الكريم ) (ص:120) ، ليفهم أحمد أن عليه مفارقة (أروى) لوقت معين ) ، وأنه سيعود إليها حين يستحقها ، وبهذا يكون (أحمد) قد أفرغ الثلث الثاني ، بعد الثلث الأول الذي هو المال (ص:121) ، وستتمكن (أروى) من مغالبة حدث طلاقها من أحمد ، لقوة باطنها ، وتأييدها من طرف (السابقة) بكرامة ، هي عبارة عن نحلة تأتيها بالسكينة ، (ص:121 ،122) ؛ (إذا أردت أن تعرف الحقيقة ، فالحقيقة هي أنك لا تحب زوجتك ، وإنما أنت تحب نفسك ) بهذا واجه عيسى (الشيخ أحمد) ، متوقفا عند حقيقة علاقته بأروى بين المحبة والوهم (ص:127 ،128) ، يقول عيسى:( لو كانت المحبة بين الناس خالصة ولا سيما بين الأزواج ، لما انتظر محب من محبوبته شيئا…) (ص:129) .

الرداء الخامس : ويتعلق بغرور المشيخة ، أو بهذا (التواضع في الظاهر، يخفي كبرا مستحكما في الباطن )(ص:141) ، يقول عيسى ، مطالبا (أحمد) بمجالسة حرس الحصن ، ومشاركتهم في عيشهم ، (ص:142) ، ما جعله ينتقل إلى حال مختلف ، ثم إلى الدخول في (حضرة) يشدو فيها ويرقص مع الحراس (:143) ؛ وكل هذا بالنسبة إلى عيسى ، لا يتجاوز مستوى الظاهر ، ولا بد على الشيخ أحمد أن يتحمل المزيد من التنقيص ، لا سيما من طرف من يكرهونه (ص:145) ، فطالبه بالنزول إلى الأسواق وتسول الناس ، ففعل وجحظت عيناه ، وبدأ يتكلم كلام المجاذيب (ص:146) ، ثم طالبه بالتهجد (ص:148) ، وعدم الزهو بالنوافل ،  فهذا (للعمال الذين ينتظرون الأجور، والتجار الذين يهمهم المقابل… أما أنت فالذي تجده يناسب القرب الذي أنت طالبه ، ولا أجر مع العبودية كما تعلم ) يقول عيسى مخاطبا أحمد (ص:149) ، ثم يأمره بعدها ، بالنزول إلى السوق وسقي الناس الماء ، حتى يحقرونه ولا يعطونه (ص،151،152) ؛ كل هذا لأن النفس لها مرآة ، يقول عيسى لأحمد ، وأن هذه المرآة تتأثر بأنواع (التعلقات) ، وكلما تحرر العبد من هذه التعلقات صفت هذه المرآة ، وظهرت (عليها أمور لا يحكمها الزمان والمكان ، ومن هذا القبيل ما يرد على ذوي النفوس الزكية من مثل ، الرؤى ، والمشاهدات ، والكشوف ، والواردات ، وأنواع الإلهام … وقد أخذ أحمد يتلقى شيئا من ثمرات الصقل على مرآة نفسه ) (ص:153) ، ويحذره عيسى من إخبار الناس بذلك ، لأنه ليس من أمور العامة (ص:154) ، وأن هذه الإلهامات تصدق ما لم تتعلق بها حظوظ النفس ، التي هي أدق من دبيب النمل (ص:155) .

الرداء السادس : ويتعلق بشيء آخر ، هو شرط كمال ، يقول عيسى (ص:156) ، وقد يكون آخر شوط في هذا المسار، فقد تجاوز (أحمد) حجب (المال والزواج والرئاسة والآخرة) ، ولم يبق له إلا مشاهدة الخلق في الخالق (ص158) ، ومثال ذلك محادثته للكلاب ب (يا أسيادي) ، (ص:159) ، يقول إمام مسجد ،  إن الشيخ أحمد أصبح (يرى في كل مخلوق أثر الخالق) (ص:161)، وتوقع  عيسى بعدها أن ينتقل (أحمد) إلى ما يسميه أهل السلوك بحال (الأحدية) ، بفتح الحاء وكسر الدال (ص162) ، وهي أعلى نقطة في الدائرة التي يمر منها السالكون ، ليعودوا بعدها وقد صفت نفوسهم وتخلصت من حجب ، المال ، والبنين ، والجنس ، والرئاسة ، ووصلت إلى أعلى نقطة في الدائرة ،( فلم تر إلا الله ) (ص:163) ، يقول عيسى مهنئا أحمد على تخلصه من الأردية (فقد قطعت شوط التخلص من الأردية بالعمل ، والشوط الذي بعده لا يقطعه السالك إلا بحسب ما سبق له في القضاء ، وما وفق إليه من العمل ) (ص:164) . لقد علم أحمد الآن ، أن (مدار الخذلان في الأمر كله هو النفس ، فهي الكلمة المفتاح والمساحة التي مافتئ يجتاز عتبات التقوى إزاءها )(ص:169) ، قال عيسى لأحمد :(الذي تحرر باطنه كحالك اليوم ، يمكن أن يملك الدنيا كلها ويحفظ حريته ، تلك غاية التقوى ) (ص:175) ، ثم يذكره بالفرق بين حاله الأول ، وحاله الآن بعد مجيء (أروى) جارية من العراق ، لتصبح له زوجة ، وتطلب له سموا ، يقودها حدسها إليه ، ويتملكها شعور ، تسميه (الخوف عليك من الملل) (ص:180) ، إحدى العبارات التي تتردد كثيرا  في هذا النص الروائي ، (كنت أخاف عليه من الملل) ، وتتحمل (أروى) مهمة تفسيرها وحمل (أحمد) على التحقق بمقتضاها ، تقول لأحمد : (كنت أقول لك وأكرر القول : إني أخاف عليك من الملل، وكنت أحس بشدة استغرابك لأنني لم أكن أجرؤ على التوضيح .. وقد أراد الله أن ندخل بحر معرفته في روحانيته ، ونعود إلى أرض عبوديته ، لنتحاب فيه محبة في الله وفي شرعه ، لا نخاف ولا تهددنا السآمة والملل ) (ص:203) ، وهذا هو السر الذي حمله (عيسى) وبحث عنه (الشيخ أحمد) حتى وجده ، (عندما أدرك أنه عبد ، من حيث يتوهم بأنه مالك للعبيد) (ص:280) ، يقول أحمد مخاطبا (أروى) ، في نهاية هذه الرحلة : (أنت الأصل في هذا الفضل والطائر على كتف عيسى لم يكن سوى إشارة واستئناس ) (ص:192) ، وتقول (أروى) في نهاية الرواية ، بما يشبه الختم : (بلغت مقصدي من كل ماجرى ولم تبق لي مهمة ) (ص:283) ؛ وبعد وفاتها ، والإنتهاء من مراسيم التأبين ، ظهر أمر عجيب ، تقول الرواية ، رأى الحاضرون ، (طائرا في حجم الحمام ، إلا أنه جميل الألوان ، رأوه يطير ويقترب من الولد ، (نور ابن الشيخ أحمد ) ، يحلق فوق رأسه غير هياب ، ثم يحط على كتفه ، وتذكر بعض الخدم طائر عيسى وتعجبوا… بينما كان الناس يكبرون ويهللون ، ويقبلون يد الولد ويطلبون بركته ، وقد غشيهم الإطمئنان إلى أن قابل حياة الواحة بهذه  المشيخة في أمان …) (ص:287) ؛ وهكذا تختتم الرواية كما بدأت ؛ هذا الطائر على كتف نور ، مقابل ذلك الطائر على كتف عيسى .

اللغة : تحتفل الرواية بلغة عرفانية باذخة ، تبدو متساوقة والمضامين ، أو (التيمات) التي تحكيها ، حيث يلاحظ التركيز على التشوفات (الروحية) ، والهيامات (الإشراقية) ، إذا صحت العبارة ، أثناء عملية الوصف ، وبناء الشخصيات ، مثال ذلك ، وصف جمال أروى (ص:17) ، ومستوى تأديبها (ص:25) ، وبنفس المعنى وصف جمال (وئام) بعد ذلك ،(ص:257) ، أو أثناء اختيار الكلمات والعبارات التي تنسجم والفضاء الذي تتجه الرواية إلى كتابته ، والإشتغال عليه ، وهذا سرد لمجمل تلك العبارات والمصطلحات ، التي تم الإعتماد عليها في عملية بنينة هذا النص الروائي ، مضمونا وشكلا ، دالا ومدلولا :

_(الطائر على الكتف) (ص: 56 ، 192 …)

_(الحال) : (فعزمت على أن تفاتحه بحال كانت تراودها)(ص:33) ، (فجاءتك أحوال مكملة دون زلل ) (ص:180).

_ (الشيء) : (ستعلم أننا طلبنا عنده شيئا لا نملكه…قالت أروى: لذلك جاز لنا أن نبحث عن هذا الشيء الآخر)(ص:48).

_(الرؤيا ): عبارة يتردد ذكرها في الرواية ، بأكثر من معنى ، تقول أروى (لقد تسرب إلى داخلك ، وأراك في الليل ما رأيت ، وهذا أمر محتمل يقدر عليه بعض المدركين ) (ص:52) ؛ (وفي ليل ذلك اليوم وقف على أحمد في النوم شخص بهي الطلعة فشرح له أن المقصود هو تحريره من عبودية المال وحبه الجم) (ص:117) (قال أحمد : رأيت أمرا مرعبا ..رأيت أنني في الآخرة ..)(ص 157) ، (..شاهدت أن لي ذاتا من نور كنت بها أفر طائرا من بقايا ليل مظلم يطاردني ..)(ص: 176).

_(التلقي من الأسياد) : في إشارة إلى عيسى الذي يتلقى ، كلاما من أسياد لا يراهم ، كما يقول (ص:55) .

_ (الأسياد الغيبيين) و(جذوة الإقتباس ) في نعت ل (أروى) ، (سيدتي تحظى عند أسيادي الغيبيين بتعظيم كبير ، ويسمونها بجذوة الإقتباس) (ص:57) .

_ (الهذيان) ، (…ليشارف الهذيان الذي لاتحصى ألفاظه ، والذي يأبى أن يصرح بكل دواعيه… )(ص:65) .

_(الكشف) (كوشف عيسى بأمرهم وأبلغ الشيخ بالمؤامرة )(ص:102) ، (ولكن عيسى كوشف بحال أحمد …)(ص:106) ، وترد عبارة (الكشف) أيضا في الصفحات (135،173، 179، 239،245) .

_( الذوق ) : (تدبر أحمد أمره فأدرك بالذوق أن العطاء كما قيل له هو شرط التقوى ) (ص:118) .

_(الإلهام) : (.. فجاءه إلهام بأمور من حقيقة البشرية.) (ص:118،119).

_(السابقة) : (قال عيسى بصوت السابقة …) (ص: 120) ، (وحصل لها التأييد من السابقة)(ص:121) ، (لقد فهمت أنها السابقة )(ص123)،(تحدث عيسى إلى أحمد بلسان السابقة) (ص:145) .

_(كرسي قلبه ) : (ليكون الكرسي مخصوصا لصاحبه ، كرسي قلبه لمن يجب له ، لربه الكريم )(ص:120) .

_(الكرامة) (وبكرامة عجيبة لم يفتها فهمها.. ) (ص:122). _(الظاهر والباطن ) (ص: 124)، (من يا ترى سيتولى إرشاده في الظاهر والباطن)(ص:137).

_(الفهوم والأذواق ) (ص:130) _(الحضرة) ، ( هنيئا بعرس الحضرة ) (ص: 143) (..لذلك يسمون أوقات الوجد بالحضرة)(ص:181).

_(الوجد والتحير والإنشاد) (ص:175) _ (الأحدية) (ص:162) .

_(الفتح) (ص:245) _ (الحدس) (ولكن حدسها كان يخبرها بأنه موجود ) (ص:180) .

_(الجمع) (ينكرون الجمع لأنهم لا يرونه في أفقهم ، نجاتهم في التمسك بظاهر حكمة الشرع ) (ص:190) . _(الفرق بعد الجمع ) (ص:187،189) .

_(وحدة الوجود) ، (كانت عباراته ادعاء يصدر عما يسميه الخائضون في هذا الفن (وحدة الوجود) ، أو بغلبة حال الأحدية ، وهو حال لا تجوز ترجمته بالمقال ، وإلا سقط الناطق في المهالك) (ص:188).

_مضامين وتيمات : نستطيع أن نفهم ، أن السارد يبث بين ثنايا هذا النص الروائي ، مجموعة من الرسائل والمواقف والآراء ، المرتبطة بجملة من القضايا ، التي يعرض لها ،يبرز منها، مايلي:

_ مسألة العبودية : معانيها ، بعض أسبابها الفكرية والتربوية والتاريخية ، والحرية بما هي النقيض الموضوعي لهذه العبودية ؛ الحرية بمعناه الذي يعني التحرر من الآخر ، وكذا التحرر من الذات ، وتبدو الرواية منشغلة بهذا المعنى الثاني للحرية (قال عيسى مخاطبا أحمد : أنا لست عبدك ، لأنني لست عبد نفسي …بيت القصيد هوأن يكون لك فهم غير فهمك الآن…)(ص:84) ، قال عيسى لأحمد : ( فداوم على تحرير الغير تحرير تشريع ، وداوم على تحرير نفسك تحرير تحقيق..) (ص:95) . هل يكون التصوف أو التطهير الروحي ، طريقا إلى إنجاح الحكم ؛ يبدو أن  الرواية يهمها أن تمدنا ببعض هذه المعاني ، يقول عيسى :  (إشكال الإنسان أنه يتقمص حال المالك الباطل ، مع وجود المالك الحق …وقد قضى ربك أن يتملك الناس ويعملوا ، ولكنهم في باب رد الملك والفعل إلى صاحبه يتملكهم الإستبداد …وحول هذا الأداء تتشكل بؤرة هواهم الذي يتخذه البعض منهم إلها…)(ص:168).

_مسألة العلاقة بين المرأة والرجل ، ومسألة الحب : يبث السارد بين ثنايا هذا النص ، مجموعة من الرسائل والتفسيرات المرتبطة بكينونة المرأة والرجل ، والصورة التي تتخذها العلاقة بينهما ، والمعنى الذي يمكن أن تؤول إليه ، بعد التحقق بمجموعة من الأشياء والأحوال ، أوماتسميه الرواية بالتأدب ( كان تأديبها جامعا بين رقة النفس وخفة الروح ودقة الحواس …) (ص: 26) ؛ تحدثه أٍروى عن مقامات الحب ، كما تعلمتها من شيخها (سر هندي) ، (الحب مقامات ، مقامه الأسمى لا يدركه إلا من هو من الأحرار…التحرر من النفس) (ص:31) ،  أخبرته أٍروى أنها تحبه (وقدر هذا الحب لا يدرك إلا عندما يصير لك إحساس جديد…وسر ذلك ينبغي أن يطلب عند العبد عيسى..) (ص:38) ، قال عيسى لأحمد ، بعد فصله عن أروى :(… وإذا فتح الله فسيظهر لك أنك لا تستحق هذه الزوجة ، وستعود إليك عندما تستحقها ..) (ص: 121) .وتمثل علاقة (أحمد) ب(أروى) ، ثم علاقة (ابنهما (نور) ب(وئام) ، نموذجا في هذا الإتجاه .

على سبيل الختم : عبر تاريخنا الفكري والثقافي عموما ، تتعدد الإجابات المرتبطة بأسئلة الذات والرؤية إلى الإنسان في علاقته بالمعنى ، أو بالحقيقة ، ويبدو أن هذا النص الروائي يكتب ، وينتصر، لإحدى تلك الإجابات ، وباللغة التي تقتضيها .

 

1 _ (واحة تينونا أو سر الطائر على الكتف ) _ أحمد توفيق _ الطبعة 1 _ 2022م _ مطبعة النجاح الجديدة _ الدارالبيضاء .

 

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman