الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / قراءة نقدية لنص “لا تثقوا فيّ” للكاتبة فوزية أوزدمير/ بقلم: فتحي حمزاوي

قراءة نقدية لنص “لا تثقوا فيّ” للكاتبة فوزية أوزدمير/ بقلم: فتحي حمزاوي

قراءة نقدية لنص “لا تثقوا فيّ” للكاتبة فوزية أوزدمير/ بقلم: فتحي حمزاوي

……………..

“الحذاء” مرّة أخری. نحن لا نقتني حذاء للاستقرار، الحذاء للوداع والرّحيل، فهو بتعبير النّصّ (مهنة) والمهنة لفظ يجمع بين الضّرورة المعاشيّة والاعتياد والضّنی، ثمّ يتطوّر المعنی ليٶول ذا أبعاد فلسفيّة تتّصل بطبيعة البشر وأصل خلقهم، فقد جاٶوا إلی الكون ليمتهنوا الرّحلة، الحذاء قصّة شخصيّة (وحضاريّة)، يكتسب سيمياٸيّته من تجربة الذّات الشّخصيّة دون عزلها عن تجربة الإنسان في المطلق، لذلك لا يكون هذا الرّامز خصوصيّا إلّا إذا وقع توظيفه توظيفا مختلفا في سياق فنّيّ يتنزّل فيه منزلة معيّنة تصنعها اللّغة بأبنيتها ونحوها وبلاغتها وتراكيبها.

وهذا ما تجلّی في نصّ فوزيّة أوزدمير الشّاعرة البهيّة العميقة. يقوم النّصّ في بناء ترسّلي يذكّر ببعض نصوص الشّاعر أبولينار Apolinaire في قصاٸده التّرسّليّة، ولكنّه يخالفه في المنحی والموضوع والبيٸة التّصويريّة.

يتجلّی البناء التّرسّلي في قيام النّصّ علی:

*افتتاحيّة يتحدّد فيها المخاطب [إليك… يا عزيزي]، وليس لهذا المخاطب هويّة محدّدة لكنّه قريب عزيز، قد يكون وهما وصناعة من اقتضاء الخطاب وقد يكون حقيقة، شخصيّة معنويّة أو مادّيّة، وكاٸنا مٓن كان فهو مرآة تنعكس عليها أفكار الشّاعرة/المُرسل وانطباعاتها وأحاسيسها.

*المتن أو الخطاب المحمول، يتشكّل وفق هندسة التّقابل بين عنصريْ السّرديّة الشّعريّة هما: “الحذاء” و”العالم الإطاريّ”، وهو تقابل ينبّه إلی عُسر الوضعيّة الفكريّة والنّفسيّة والفلسفيّة ممّا يجعل من النّصّ سرديّة يختلط فيها القلبيّ بالذّهنيّ.

~ الحذاء يقتضي الانطلاق والانعتاق، ولكن لم تعد هناك قدرة علی امتهانه (وهذا يتضمّن سرديّات ضمنيّة لتجارب سفر سابقة)، خاصّة بعد أن تحسّ الشّاعرة بانسداد السّبيل وضبابيّة الأحلام وقد عبّر عن هذا الانطباع أسلوبان:

=الفعل المجزوم “لم أعد قادرة” وهو اعتراف صريح بزوال الطاقة النّفسيّة والذّهنيّة علی الرّحيل

=التّشبيه: “أنا مثل جنين الشّبح العبثيّ”/”كطير يغرّد خارج السّرب…”

~العالم الإطاريّ: ويقتضي القيد والثّبات، وهو نقيظ رمزيّة الحذاء.

فالمسافة بين مكوّنيْ الفكرة يكشف بوضوح تردّد الشّاعرة بين جحيم [الإطار] وضرورة التّحرّر من قيده، وبين فقدان الطّاقة عن امتهان “الحذاء”. هذه الوضعيّة الدّراميّة تٶدّيها آخر عبارة في النّصّ دون مواربة: “حتّی تدفنني التّناقظات تحت أكوام رمادها…”

نصّ غصّ بالحزن والجماليّة في علاقته بمبدعته، وفي علاقته بالقارٸ من جهة ثانية. دمتِ فوزيّة شاعرة التّفكّر والتّغلغل في صميم الوجود وأغوار النّفس الإنسانيّة

النص/

أكتب إليك بعضي المفتوح للتأويل ياعزيزي ..

حيث تفقدني الأشياء وجودي ..

فأنا لم أعد قادرة على ممارسة مهنة ارتداء الحذاء عبر هذه الحياة ..

أنا مثل جنين الشبح العبثي في رحم اللازمن الذئبي المتخيل برغبة الشيء في الاحتفاظ بظله اللامتناهي للعدم ، يبحث عن الانعتاق من ربقة عالمه الإطاري الذي يكمن مضمونه في لغز الموت والأبدية ..

و

الحياة كاميرا مبتلاة بعمى ألوان مزمن ..

و

سردية واحدة مريبة تقول :

لا تثقوا في ّ

ربّما ..

تشبهني / لا تشبهني

فأنا وحيدةٌ كطيرٍ يغرد خارج السّرب لا يمتلك فطرة ” غودار ” في أروقة ذاتي ..

حين تدفنني التناقضات تحت أكوام رمادها الضبابي .. !

اللوحة للرسام الهولندي

” فينسنت فان جوخ ”

عن Joody atasii

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(حينَ عشِقْتُ روحَكَ… / بقلم: سلوى الغانم

كان لي مع عينيك رحلةً طويلة حكاية خيال.. ومُزُنِ حُبٍّ.. لا أرتوي ...

عاشقتي… /بقلم: سلمان إبراهيم الخليل

مدي ذراعيك وعانقي احلامي يشدني الحنين في غربتي يغوص في شغف أيامي ...

يثقلني الهدوء…/ بقلم: فوزية اوزدمير

تقتحمني حمى الليل برعونتها السردية غير المتأججة ، بعينين لامعتين حانقتين ، ...

عيناكَ… / بقلم: راميار سلمان

عَيْنَاكَ أمطار صَيْفِيَّة تراتيل عشق صوفية وَ دهشة قبلة هَارِبةٌ مِن لهفة ...

قبيل انسدال الستار/ بقلم: أنور يسر

لأحكي من السرد كل الرواية قبيل انسدال الستار ضعوا في جيوب (الأنا) ...

سأمقت كل اجزائي/ بقلم:سهام الباري

  سأمقتُ كلّ أجزائي وأدفنُ ذلك الجوهر وأنقشُ ريشتي السودا لتطمس عيده ...

يا حبيبتي../ بقلم : محمود صالح

أثِقُ بالقصيدةِ عندما تُلقي برأسِها المُجْهَدِ على صدرِك لدَيها من الوفاءِ .. ...

أجنحة اليقين / بقلم: رشا فاروق

على ثوب الليل حفرت آهتي كانت الريح تحمل وحدتي قصيدة تتلوها العواصف ...

واحة الفكر Mêrga raman