الرئيسية / قصة / لا تقطف الزهور الخضراء/ بقلم: سامح ادور سعدالله

لا تقطف الزهور الخضراء/ بقلم: سامح ادور سعدالله

لا تقطف الزهور الخضراء/ بقلم: سامح ادور سعدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتشرت رائحة الورود، يملأ عبيرُها أرجاء المكان، داخل هذه الحديقة الجميلة الفاتنة؛ أشجار متنوعة، ومجاري مياه عذبة، تقفز فيها الأسماك والدلافين وصبي صغير، يمسك صنارة، يحاول صيد أي شيء، وصبية أخرى تجري، تطارد الفراشات بين الواحة الشاسعة؛ كلها تخبرك عن جنة كانت تختفي هناك في حضن الجبل. لم يكن هناك وقت ولا زمن ولا تاريخ، ولَم تكن هناك ألوان ولا قوس قزح، ولَم يكن أيضًا برد ولا حر، ولا ضوء ولا ظلام، ولَم يكن جوع ولا عطش، ولا موت ولا حياة، ولم يوجد شر ولا خير. لكنني وجدت أشياء أخرى جميلة، لَم أتوصل إلى حتى الآن إلى وصف لها، أرجوك تخيلها معي.

لم تكن لوحة عندما رأيتها، ولكنه كان مشهدًا حيًّا يصور الحياة في فترة مخاض لنبوءة قد تحكي صورًا من الغد الذي لا يريد أن يأتي أبداً، أو مخاض لإبداعِ رسامٍ يجهل ماذا يرسم؛ عنده الفكرة، ولا يعرف ماذا يرسم، أو يحترف الرسم ويجهل الفكرة. لَم أكن فيلسوفًا؛ ولكنني كنت محبًّا للحكمة، ومن حقي التأمل والتمتع بجمال الطبيعة، فهي ليست ملكًا لي ولا لك. لم أكن عالمًا يتحكم في ذرات وأجزاء الطبيعة؛ ولكن لي عقلًا بسيطًا تناجيه أفكاري. ولم أكن شاعرًا أحترف نظم الكلمات ولكن لي وجدانًا يعبر عما يجول بداخلي. فلماذا تحرمني الحياة؟ دعني أغني، دعني أرسم، دعني ألعب، لا تخنقني، لا ترفض وجودي، لا تعدمني؛ أنا هنا قبل أن تكون أنت. ففي أحلامي أعيش حياتي بعيدًا عنك، أرسم وأغني وأرقص. ابتعد عني، وارحل، أو اتركني أرحل. يبدو أنه لا فائدة؛ دائمًا تطاردني.

الآن سوف أرحل، نعم سوف أرحل، وبينما أترجاه، وجدت من على شاكلتي يقفزون سريعًا نحو الجنة التي في حضن الجبل. حاولت اللحاق بهم؛ ولكنها لازالت تطاردني، من تكون أنت؟ أرجوك؛ ارحل، ارحل بعيدًا عني، قد مللت العيش معك. وأخيرًا قررت الهروب إلى مكان بعيد لا يعرفه هذا الجاحد القاسي؛ لكنني عندما قررت الهروب صدر قرارُ اعتقالي؛ إلا أنني فضلت المقاومة لأحيي أحلامي؛ فالإنسان لا يعيش مرتين. أموت أنا ويحيا إبداعي، ويظل إرثي. وعد ألا أقطف الأزهار الخضراء؛ غير أني يوم أقسمت بذلك كانت عيوني تبحث عن شيء آخر.

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman