الرئيسية / قصة / مملكةُ شهرزادَ حضارةٌ/ بقلم: مرام عطية

مملكةُ شهرزادَ حضارةٌ/ بقلم: مرام عطية

 

 

 

 

مملكةُ شهرزادَ حضارةٌ/ بقلم: مرام عطية

____________

حتى القرن الثاني والعشرين لم يزلْ شهريارُ يعتنِقُ أسطورةَ الخرافاتِ العقيمةَ، يدينُ بالعنفَ، يفصِّلُ القوانينَ على مقاسِ سعادتهِ، تحتَ عباءةَ الدين يجمعُ الموبقاتِ ،يحللُ المحرماتِ ويفسرُ الكتبَ السماوية بمزاجٍ شتويًّ عاصفٍ ، وما يزالُ يحسبُ الأنثى لعبتهُ المحببةَ كلَّ يومٍ يستبدلها، أو يعدُّها عبداً أو متاعاً من المتاعِ المباحةِ ، يشتريها بالدراهمِ أو يقودها بالسياطِ لحظيرتهِ، يقتلها حين يملُّ منها، ويتزوجُ بأخرى إلى أن وصلَ إلى عشتارَ حيثُ جرَّ إلى أنهارها العذبةِ صناديقَ أجداده التي رُسفتْ بالقيحِ والصديدِ من زمنِ التنقلِ بحثاً عن الكلأ والمرعى ، وطئ طهرها بنعليهِ ، وألقى على ضفافها الزاهرة أطنانَ التقاليدِ الموشومةِ بالجهلِ ، ثُمَّ سوَّرها بسدودٍ إسمنتية من القهر و الظلمِ ، و اعتلى على كرسيٍّ صحراويٍّ أعدَّه جدهُ الأوَّلِ ، أيُّ إمارةٍ مملكتهِ ! فليحتلْ الغزاةُ ما يشاؤون وليقطعوا من الوطنِ القلبَ والذراعين، فلا ضيرَ عَلَيْهِ له فهو يتربعُ على عرشه بلا منازع، وتهب نسائم الحريةِ على روحها وتحملها الشَّمسُ إلى بلادِ الدفءِ شهرزاد، يصَعد شهريارُ إلى أعلى الجبلِ ينادي بصوتٍ مرتفعٍ:

شهرزاد أين أنتِ يا حبيبي، ردِّي علي، إنني قد عدتُ إلى الحياةِ مرة ً ثانية، بحثتُ عنك ولم أجدكِ، تزوجتُ نساء كثيرات، وما وجدتك في إحداهن، أخبريني أين تقطنين في أي بلاد، في الشرق أم في الغرب؟

لم تفهمني امرأة سواك، ماردتني امرأة عن القتلِ، فيداي ملطختانِ بالدماءِ.

أين حكاياتكُ الجميلةُ؟ أين عالمكِ الأسطوري الخرافيِّ؟ كم أحب أن أسبح في نهر شذاكِ!

جائعٌ أنا عطشانٌ، لا شيء يرويني أو يقيتني، هلاَّ تمديني بقطرة حنانْ من نداك ؟! أعدينني إلى تكويني الأوَّلِ، خديني على بساطِ الريح إليك، امسحي أحزاني بأناملكِ الرقيقة.

ثمَّ جثا على قمةِ الجبلِ باكياً حتى اقتربَ أميرُ المساءٍ، فأودعه للنومِ، وعند الصباحُ داعبتْ وجهه أشعةٌ ذهبية ٌ من كوكب الشَّمسِ، واستيقظ على ِرؤية رغيفِ خبزٍ مشطورٍ إلى أربعةِ أقسامٍ، وكل منطقةٍ عليها مفتاحٌ، تفهم شهريارَ الرسالةَ وعلم أن حبيبته مرَّت من هنا، وأعطته السرَّ لبدء حياةٍ سعيدة من جديد.

أتراها المرأة في الغربِ كانت شهرزاد

العصرِ الحديثِ قبل أنثى الشَّرقِ ؟! حتى غيَّرت طباعَ شهريارَ العدوانية وردته إلى طفولته، وشدَّت من عزيمتهً، حتى صعدت به إلى أدراجَ الخيال

أتراها عرفت السرَّ؟، حين بنت له عالماً جميلاً من الأحلامِ، فسارعَ إلى تحقيقه عندما صار شغوفاً بها، كم يلزمنا -نحن فتياتِ الشرق-حتى نرجع شهريارنا إلى حريته وعذوبته وجمالهِ الأبهى حتى نطأ الظلمَ والقتلَ ؟!

——-

مرام عطية

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman