الرئيسية / مقالات / رسالة سرية إلى عظمة الله المحترم (وعلانية للعقول النيرة)/ بقلم: سندس النجار

رسالة سرية إلى عظمة الله المحترم (وعلانية للعقول النيرة)/ بقلم: سندس النجار

رسالة سرية إلى عظمة الله المحترم (وعلانية للعقول النيرة) 

بقلم: سندس النجار

ـــــــــــــــ

تحية وانحناء …

مولاي الرب:

 

نحن اليوم، في مد وجزر ..

وخسوف وكسوف .. على مدار اليوم لا يفصلنا عن الموت سوى بضعة أيام أو ثوانٍ .

وفي خضم الثنائيات المضادة، من مقاومة وضعف، وامل ويأس، وخوف وإيمان، ونصر وهزيمة، وجدلية النجاة والموت، وفلسفة الحياة وتلابيب الفوز بها، ودولاب الموت يدور ويدور في فضاءات الكرة الأرضية أمام أنظار خلقِكَ، يقلّه عدو لا نرَ له وجه ولا عين، لا أحد يعرف عند من سيتوقف!

نحاول مقابلته للتفاوض معه وإقناعه، فلا مجال للقبول ولا للخضوع أو الخنوع أو المزاح أو والولاء أو التملق كما تعودنا!

ولا مجال لرشوته من أموالنا المسروقة المكدسة في مصارف الغرب أو المعفنة في خزائن دورنا!

فلا جدوى من رجل دين أو خطيب أو حكيم معالج ببول البعير أو بالبصق بالماء، ولا مفكر أو مثقف أو غني متجبر أو ملك أو أمير!

 

سيدي العظيم:

حتى لا جدوى من ميزانياتنا العالمية،

ولا جدوى من وكالاتنا التحسسية،

ولا جدوى من ترسانة الأسلحة النووية،

ولا جدوى من طواقمنا الطبية الماهرة

ولا جدوى من أدياننا أو عقائدنا أو مذاهبنا أو أعراقنا.

عدو غير مبال ٍ لمؤمن أو كافر،

لا فاسد ولا طاهر،

يتحدانا بحبسنا الحر في مآوينا،

قائلا: الرجل من يخرج من جحره كي أغزو جسده المتهالك، وارديه صريعا كحيوان فطيس، لن يحظ َ حتى بجنازة أو مشيعون، فابقوا في جحوركم كالفئران قد يستيقظ الصرعى والنيام، وفعلا له سمعا وطاعة ونحن في الحجر باقون!

 

سيدي الكبير:

 

اقفلَ علينا كل مناسك العبادة

اُقفل الكعبة .. والقدس ..

وبيت لحم .. والفاتيكان .. ولالش .

أوقف محطات العربات والقطارات

شلّ حركة الطائرات والمطارات

عَطل الصواريخ التي غزت الفضاء …

غواصات وعبّارات بحرية قابعة في قاع المحيطات،

قنابل هيدروجينية متروكة وأساطيلا حربية مهملة،

لا بلاد داخل بلاد، لا بلاد خارج بلاد!

(أنا الزائر الأخير)،

، أجوب العالم بلا جواز دخول أو رسوما جمركية وانحناء مثلكم، أنا كورونا!

جئتكم متحديا رأسماليتكم الزائفة تحت رداء الديمقراطية التي دمرت شعوبكم، أكثر مما سأدمره أنا وسارس والكوليرا والطاعون والكأبة.

جئتكم، متحديا أصحاب اللحى والعمائم الزائفة، وأقول لهم لكم أنتم عاجزون عن اختراع دواء يقضي على جبروتي وطغياني معتمدين منتظرين الكفرة لإنقاذكم!

يامن فتكتم بعقول الأبرياء أنا لكم بالمرصاد.

أنا الضيف الحر، بيدي قانون العدالة الكونية المستجد، الذي لا يفرق بين بلد وآخر، بين دين وآخر، بين ثري وفقير.

جئتكم لأثبت لكم بؤسكم ..

وصغر حجمكم .. وافضح كذبكم ..

وخواء عقولكم .. وزيف إيمانكم بربكم ..حتى انحنى أمام قامتي الصغيرة جميعكم بلا استثناء ولن ارحل ، وسأدخل القصور العاجية لسلاطينكم وأباطرتكم وملوككم وأمراءكم واثريائكم ..

مولاي ..

هوت بلدان وتهشمت مدن

وسقطت الأعمدة والأبراج والمنائر عن عرشها!

كيف هذا يا مولاي،

رفقا بنا .. رفقا بنا ،

تغص الكؤوس دما ودمعا سخينا

تهيج في الفضاء آهاتنا

الحيرة تغني صريع رجاءنا

اصغ ِ إلى وقع الملايين الراحلين

انظر إلى ركْب المودعين ..

روما …

دافينشي .. وليوناردو .. والموناليزا

وروميو وجوليت والحب السرمدي .. والفراري .. وفينيسيا التقويم والأحلام ..

وكيف غزا الخراب أرضها

وكيف تنوح الأبجديات

وتئن المنازل والشرفات على بعضها …

 

برشلونة ..

ميسي .. وجزر الكناري ..

وغرناطة

من عهد سحيق القدم

واليوم بيكاسو يطويه الموت والعدم …

 

باريس ..

وكلودمونيه .. والشانزليزيه .. وزنابق الماء .. والموضة .. والعطر ..

وسحر لياليها

وباتت باريس تبحث عن أمسها

فاستيقظت على بعض

ملح وموت في كأسها …

 

ومدينة الضباب ..

وهايد بارك .. وشكسبير.. وتشارلز دكن.. وموطن الحداثة والرومانسية ..

وشعرها وأدبها،

وعشٍقْها من كان

محظوظا بزيارتها

وظل حالما بها

من لم‌ يسعفه الحظ بلقياها ..

وبرلين ..

، وكريستوف بيتروس .. وبيتهوفن

والأوبرا العتيقة .. والبرت آينشتاين ..

وسومر فيلد

ذو السر العميق

كاتدرائيات كانت مخدرة بالبخور

وجدار برلين المنهار

أسطورة سكرى

غاب عنها البريق ..

وبغداد ..

بغداد الرشيد .. وأبو نؤاس ..

ودار السلام

والشعراء .. والحضارة

مذ 2003 تختنق في مستنقعات الدود والذباب والقذارة،

واليوم بفضل ضيفها المفروض تحظى

ببعض اهتمام وتطهير وتعقيم،

وما زال العار والجُبن يرعاها

والتخاذل والفساد أعياها

ذبحوا فيها السحر والجمال

وجميع الفضائل

وباتت أمور القوم تقودها الرذائل

وحتى جعلوا من أرضها

قبور لنسور التحرير البواسل …

 

سيدي القاضي

الجبار المتجبر،

يا ذا المجد الدائم

والعرش العادل ..

من الجدير تذكيركم،

أن ادم يحتكر، المال .. والميراث ..

والسلطة ..والجنس .. والأطفال ..

وحواء، تحمل .. وتنجب ..

وتربي.. وتعمل ..

وان أحبت وعشقت فمصيرها الهلاك والقتل . .

حواء .. لا حق لها في الأطفال ..

ولا الميراث .. ولا الحكم .. ولا السلطة .. ولا السياسة ..

حواء كائن ناقص .. تابع لآدم واقل منه عقلا ودين!

 

وأخيرا عظمتكم ..

لم يعد لدينا اليوم وفي حضور ضيفنا المبجل كورونا ممثلكم على الأرض، أمنية أكبر من التحرر من جحورنا ولم تتعدى أحلامنا أكثر من حياة القرود على أشجار الغابات،

لعلنا نؤمن أن تلك العطسة أرسلتها لإيقاظنا من فسادنا وكبريائنا وانانيتنا وغطرستنا وكذبنا وغرورنا، لا بل، وتذكيرنا بصغر قاماتنا وضحالة نوايانا،

قد نطهر أفكارنا الضحلة في حجرنا ونعقم قلوبنا برذاذ الحب والصدق والإيمان بجبروتكم وإنسانيتنا،

لعل كورونا يعلمنا دروسا في الأخلاق والأدب، ويلملمنا من الشوارع ومحطاتها الماجنة.

لعله ينجح في إقناعنا بفتح خزائن أموالنا لفعل الخير، التي اكتنزناها بدموع اليتامى ودماء البؤس والحرام لعلنا نحظى ببعض رضاكم.

لعل زائرنا الأخير يكون

صحوة الروح والعقل

والعدل والإيمان،

لعلنا نعتنق الإنسان

وبعدها ما شئنا من الأديان …

شكرا لكورونا

شكرا مولانا حيث أثبتم وجودكم

بعد طول غياب …

 

سندس النجار

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman