الرئيسية / قصة / الأسد في القفص/ بقلم: سامح ادور سعدالله

الأسد في القفص/ بقلم: سامح ادور سعدالله

الأسد في القفص/ بقلم: سامح ادور سعدالله

ـــــــــــــــــــــــــــــ

تحركت مسرعًاً نحو الميدان لألحق بالأتوبيس، بينما انتظر قدوم الحافلة، سمعت صوت زئير أسد ونباح كلب، ظننته التلفاز، ولم يخطر ببالي أبدًا أن يكون الصوت حقيقيًّا، ويا له من كلب مسكين! لابد وأنه بين أنياب السبع، لكنني لم أجد الناس تجري وتهرول من زعرهم من ملك الغابة وقت وجوده هنا، واقتربت لاستطلاع الأمر، وجدت ُ الأسد سجينًا داخل قفص، وهناك في الخارج الكلب هو من يقوم بحراسته، نعم! كلب أجرب، وبيده عصا، كيف يكون هذا أسدًا في وسط ميدان عام وكلبًا أجربًا في حراسته؟ كان البشر يأتون ويذهبون دونما أن يبالي أحد بالمنظر أبداً إلا أنا الذي شدني الاستفزاز.

حاولت تحري الأمر، وكيفية التدخل، إنهم وجدوهم هكذا منذ الصباح. جاءت الحافلة، تركت الموقف برمته، وركبتها، وأسرعت منطلقا خارج حدود الحي والميدان، وصوت الزئير ما زال يُسمَع، ونباح الكلب الأجرب يعلو يعلو يعلو. نزلت من الحافلة، وإلى مقر الشركة دخلت في الميعاد تمامًا، ووقعت في دفتر الحضور، وجلست على مكتبي، وأمسكت قلمي، وشرعت في عملي؛ فلم يطاوعني عقلي على العمل، وكيف؟ كل تفكيري منصب فقط على مشهد الصباح، وزملائي بالعمل مندمجون، والعملاء يذهبون ويأتون، إلا أنا. تأملت الموقف كثيرًا، سألت عن صاحب الأسد والكلب، وطلبت من الساعي أن يحضر لي فنجان قهوة؛ نعم كاد رأسي أن ينفجر من كثرة التفكير، وبينما يحضر الساعي فنجان القهوة أشعلت سيجارة. الجدران تدور من حولي سريعة، لا أجد إجابات، سقط سقف المكتب فوق رؤوسنا ونحن أصحاء، وانفجرت المياه من مواسير الصرف الصحي، ولم تُغرِق الحاضرين، جرت المياه الملوثة جوارنا دون أن تلمسنا، كانت مثل جداول المياه النابعة من نهر جارٍ عذب؛ لكن رائحتها كانت نتنة وتؤذي أنوفنا،

 

وأخيرًا نزلت الأمطار النقية قوية جدًّا، جرفت القفص الحديدي من هناك، وجرفته فوق ركام السقف المنهار، كان الكلب الأجرب بالداخل، والأسد بالخارج، لكنه لم يكن أسدًا كما كان يزأر بقوته المعهودة.

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman