الرئيسية / مقالات / السياحة الايكوثقافية سبيلا للاستدامة / بقلم: بنيامين يوخنا دانيال

السياحة الايكوثقافية سبيلا للاستدامة / بقلم: بنيامين يوخنا دانيال

 السياحة الايكوثقافية سبيلا للاستدامة

 بقلم: بنيامين يوخنا دانيال

ــــــــــــــ

ينظر إلى السياحة الايكوثقافية على أنها من أنجح و أبرز الوسائل و السبل التي تفضي إلى الاستدامة في شتى المجالات المهمة , و منها الثقافية و البيئية و الاجتماعية و الاقتصادية . و يتجلى ذلك من خلال ما يؤديه هذا النمط السياحي الحديث من دور فعال و حيوي في المحافظة على الموارد الثقافية و البيئية و تنميتها على نحو بين و مستدام , و في النهوض بالواقع الثقافي و البيئي و الاقتصادي و الاجتماعي للمناطق التي تشهد نشوء السياحة الايكوثقافية و تطورها . و هناك الكثير من التجارب الناجحة التي تم تحقيق الاستدامة من خلالها عن طريق هذه السياحة التي باتت مطلوبة دوليا و وطنيا في الكثير من البلدان , و مرغوبة لدى فئة غير قليلة من السياح في ظل تنامي الوعي بأهمية البيئة بمفهومها الواسع . كما هو الامر في بانديبور في تاناهو النيبالية التي شهدت تنفيذ مشروع رائد للسياحة الايكوثقافية , بهدف تنمية عموم المنطقة , و تشجيع و مساندة الشركات و الوكالات السياحية الوطنية التي تنفذ فيها البرامج السياحية القائمة على مبادئ الاستدامة المعروفة , و تذليل المشاكل و الصعاب و العقبات التي تعتري أداء أعمالها و أنشطتها المتنوعة . و هو  جزء من مشروع شراكة للمفوضية الأوروبية / آسيا . أما في بايير  الطاجيكستانية فهناك اتجاه يرمي إلى إيجاد و تنمية للسياحة الايكوثقافية في سبيل تحسين الوضع المعيشي للأهالي الذين لا يتعدى إيراد نصف أفرادهم ال ( 2 $ ) في اليوم الواحد , و استخدام الموارد المتوفرة بمختلف أنواعها في الأنشطة و الاعمال السياحية . و يتم ذلك بإشراف منظمة وطنية نشطة , هي جمعية بايير للسياحة الايكوثقافية التي شهدت النور في عام 2008 , و بمساندة من برنامج دعم و تنمية المجتمعات الجبلية المنتشرة في أرجاء البلاد .                                     تزخر الكثير من الدول بتجارب رائدة و ناجحة على طريق السياحة الايكوثقافية , سبيلا للاستدامة , و التي صارت مطلوبة و ملحة فيما يخص المجالات الثقافية  و البيئية و الاقتصادية و الاجتماعية و غيرها . . و يتحقق ذلك من خلال الاستغلال الأفضل للموارد الثقافية  و الطبيعية المتوفرة في منطقة ما ( معا ) و ( جنبا إلى جنب ) ( مثل المنتجات الحرفية اليدوية , قرى المجاميع العرقية المتميزة , ينابيع المياه المعدنية , الشلالات , التكوينات الجيولوجية الغريبة , الانظمة البيولوجية الغنية , التشكيلات المرجانية الجذابة , و الطقوس و الشعائر الاثنية للمجاميع الاصلية … الخ ) , و الحيلولة دون نضوبها و تراجعها , مع التركيز على الهشة و المهددة منها , و الدفع باتجاه إشراك المجتمعات المحلية في المناطق التي تشهد ظهور و نمو هذا النمط السياحي في الأنشطة السياحية ( إرشاد و دلالة , إيواء , إطعام و شراب , و برامج ثقافية و فنية … ) , و بطريقة مستدامة , و دون المساس بخصوصياتهم و بالحد من السلبيات , و إيجاد السبل الكفيلة بتصريف السلع المنتجة محليا من قبل الافراد و الاسر المنتمية إلى هذه المجتمعات من أجل النهوض بواقعها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي , و استحداث منتجات سياحية جديدة و جاذبة , و إيجاد قنوات فعالة لتسويقها داخليا و خارجيا . كما هو الامر في بلدة روشيا مونتانا برومانيا التي كانت في الماضي البعيد مستوطنة مرتبطة بالتعدين و التنقيب عن الذهب و الفضة , و حتى عام 2006 عندما أنهيت هذه النشاطات الصناعية و إلى الابد , لما أضرته بالبيئة و الأنظمة البيولوجية المنتشرة فيها , و ما خلفته من تلوث و بدرجات عالية لا يمكن السكوت عنها . و تم التوجه إلى إصلاح و تدارك الاثار السلبية الناجمة عن ذلك , و إنقاذ ما يمكن إنقاذه من موارد طبيعية و تنميتها و توظيفها في السياحة , و الاهتمام بالمكونات العديدة و المتميزة للتراث الثقافي لبلدة روشيا مونتانا من خلال إنشاء المتاحف و ترميم المنازل و المباني العتيقة التي تعتبر معالم بارزة في البلدة . مع إقامة مختلف البرامج و المهرجانات الثقافية التي تبرز هذا التراث و تعريفه للزوار و السياح من مختلف بلدان العالم . . مع إيجاد فرص عمل دائمية و مؤقتة جديدة لسكان البلدة تعويضا عن الفرص التي خسروها جراء إنهاء أعمال التنقيب و التعدين . و أيضا حول بحيرة فيديرسي في المانيا المنتمية إلى الشبكة الايكولوجية الأوروبية و منذ عام 2000 , لما تزخر به من طيور و حيوانات و نباتات نادرة و مستنقعات مائية جاذبة للسياح الذين يجدون فيها ضالتهم , فيمارسون فيها شتى أنواع الرياضات و الهوايات المائية من صيد السمك و السباحة و ركوب الزوارق اليدوية , بالإضافة إلى كم هائل من الاثار و البقايا التاريخية التي تعود بعضها إلى العصر الحجري و العصر البرونزي . و أيضا حول بحيرة ليس دي شابلاين الفرنسية الغنية بالآثار من العصر الحجري الحديث و العصر البرونزي , بالإضافة إلى الأنظمة الايكولوجية الغنية بشتى أنواع الحياة النباتية و الحيوانية التي تشكل مغريات ( مجذبات ) طبيعية و ثقافية قوية بالنسبة للأشخاص الذين ينشدون السياحة الايكوثقافية .

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية Hejmara (21) a Kovara Şermola Derket

  صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية   صدر العدد (21) ...

السهل الممتنع في ديوان “للحبر رائحة الزهر” للشاعر نصر محمد/ بقلم: ريبر هبون

وظف نصر محمد الإدهاش مغلفاً إياه بالتساؤل مقدماً اعترافاته الذاتية على هيئة ...

شعاراتٍ العربْ / بقلم: عبدالناصرعليوي العبيدي

فــي  شعاراتٍ العربْ دائــماً تَــلقى الــعجبْ . رُبّما  المقصودُ عكسٌ لستُ أدري ...

 القراءة :النص بين الكاتب والقارئ/ بقلم مصطفى معروفي

من المغرب ــــــــــــ بداية نقول بأن أي قراءة لنص ما لا تتمكن ...

جديلة القلب/ بقلم: نرجس عمران

عندما تضافرتْ كلُّ الأحاسيس في جديلة القلب أيقنتُ أن رياحكَ هادرة ٌ ...

على هامش تحكيم مسابقة تحدي القراءة / فراس حج محمد

من فلسطين تنطلق مسابقة تحدي القراءة من فكرة أن القراءة فعل حضاري ...

نســـــــــــــرين / بقلم: أحمد عبدي 

  من المانيا “1”   توقف البولمان  في المكان المخصص له  بعد ...

أناجيكَ ياعراق / بقلم: هدى عبد الرحمن الجاسم

أناجيكَ بين النخلِ والهورِ والنهرِ وأشكو لكَ الإبعادَ في الصدِِّ والهجرِ إلامَ ...

واحة الفكر Mêrga raman