الرئيسية / صحة وعلوم / من رسائلِ مملكةِ ماري/ إدارةُ المملكة…الرسالةُ 7 / بقلم: عبد يونس لافي

من رسائلِ مملكةِ ماري/ إدارةُ المملكة…الرسالةُ 7 / بقلم: عبد يونس لافي

من حاكم طَرْقا الى سيِّدِه

 …………

رسالةُ أخرى بين أيدينا هنا،

هي واحدةٌ من رسائلِ مملكةِ ماري،

في مجالِ إدارةِ الدولة،

أُرسِلَت من كبري دگان   (Kibrī-Dagan)،

حاكمِ منطقةِ طَرْقا  (Terqa)،

الى سيِّدهِ الأعلى،

مُعْتَذِرًا لِعَدمِ اسْتطاعتِه تنفيذَ أمرِه.

 

كان سيِّدُهُ هذا قد وجَّهَ لهُ أمرًا،

ان يَمْثُلَ بين يَدَيِ الكاهنةِ أُگبابْتُم الصغرى،

(junior ugbabtum – preistess).

 

الرسالةُ لم توضِّحْ سببَ المُثول،

لكنْ يبدو أنَّه مُثولٌ روتينِي.

 

رأى هذا الحاكمُ أنَّ بقاءَهُ في موقعِهِ،

ومُمارسةَ واجبِه أوْلى.

 

يبدو لي أنَّه كان يتصرَّفُ تصرُّفًا معقولًا،

مُقارِنًا جدوى الامْتثال للأمرِ،

بما يُمكِنُ أنْ ينتُجَ عن تركِهِ لموقعِه.

 

لقد كان هذا الحاكمُ

مُشرِفًا موجِّهًا لفريقٍ متكاملٍ من العمّالِ،

في حقلٍ من الحقول.

وكان الحقلُ في وضعٍ لا يسمح أنْ يتركَه.

 

كان وضعًا محفوفًا بالْمخاطر،

وتَكْتنِفُهُ مصاعبُ ومتاعِب.

فاذا ما تركهُ، تشتَّت العمّال،

وهجروا العملَ،

وتفاقمت مشاكلُ الرِّيِّ في البلاد كلِّها.

 

كان اعْتذارُهُ واضحًا مدعومًا بأسبابٍ مقبولة،

التزامًا بالمسؤوليةِ، لا تهرُّبًا منها،

ولذا أنتهى الى ان يسألَ سيِّدَه،

أنْ يسمحَ له بالبقاءِ في طرقا،

فيحتفظ بفريق العملِ لتسريعِ إنجازِ ما كُلِّفَ به،

حرصًا على المصلحةِ العامة.

 

الرسالة:

 

” أخْبِرْ سيِّدي:

خادمُكم كبري دگان   (Kibrī-Dagan)،

حاكمُ طَرْقا  (Terqa)،

يُرسلُ الرسالةَ التالية:

 

كان سيِّدي قد أرسلَ لي أمرًا،

بالذهابِ إلى ماري  (Mari)،

للمُثولِ امامَ الكاهنةِ أُگبابْتُم الصغرى

(junior ugbabtum – preistess).

 

انا مُلْزَمٌ بتوجيهِ العملِ هنا في طرقا (Terqa) ،

والحقلُ الذي أشرِفُ عليه،

هو في خطر حقيقي،

والوضعُ فيه صعْبٌ متعِب،

فإذا ما بقيتُ هنا الآن،

فسأتَمَكَّن بالتأكيد من الاحْتفاظِ

بالطاقِمِ العاملِ هنا بكاملِه،

أمّا إنْ تَوَقَّفْتُ عن الإشرافِ،

وغادرتُ كما أوعزتَ،

فسيتشتَّت الطاقِمُ، ويتركُ العمل،

وسيكونُ بلدُ سيِّدي،

في حاجةٍ ماسَّةٍ لمياهِ الرِّي.

 

عليه عسى سيِّدي أن يذهبَ دون أيِّ قَلَقٍ،

ويقبِّلُ قَدَمَيِ الإلهِ دگان  (Dagan)، الذي يُحبُّه،

بينما أنا أستمرُّ بإنجازِ العملِ هنا (في طرْقا).

أؤكد أنّي لا يُمكِنُني مغادرة طَرْقا الى ماري.

 

الخلاصة:

 

يُخَيَّلُ لي أنَّ قادةَ الأمس،

لا يخطرُ على بالِ أحَدِهم،

تضييعُ الوقتِ بل تسخيرُه،

لصالحِ البلادِ والعباد.

 

كيف لحكّامِ اليومِ ان يهنَأوا،

وهم يركضونَ لاهِثينَ،

وراءَ فرصِ التَّهرُّبِ من المسؤوليةِ،

والسَّعيِ إلى أكلِ السُّحْتِ الحرام؟

 

نعم (فَخَلَفَ من بعدِهم خَلْفٌ)،

أضاعوا الصِّلاتَ مع الفقراء،

وأراقوا ظلمًا دماءَ الأبرياء،

متناسينَ أنْ يَحِلَّ بهم يومًا،

غضبُ الانسانِ والسَّماء.

 

ألا فافْهَموا وارْعَووا،

 

سلامٌ على حكّامِ الأمس،

ولا سلامٌ على الفَسْدى من حكّام اليوم!

 

دگان  (Dagan) أو دگون  (Dagon)،

هو إله خصوبة المحاصيل،

وكان ممن يعبد في تلك الحقبة،

ويأتي بالمرتبة  الثانية أهميَّةً بعد الإله إكروب – إيل.

 

إكروب – إيل (Ikrub – El) أو يكروب – إيل (Yakrub – El)،

إله النعم والبركات، الذي كان  يعبد في طرقا،

ايام الدولة البابلية القديمة،

في حضارة وادي الرافدين.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman